اشتهرت مدينة دمشق عاصمة سورية بأنها من أقدم المدن في العالم حيث أن عمرها التقريبي حاولي ١١ ألف عام، كما أن أهلها من أطيب الشعوب.
ولتلك المدينة شعبية واسعة في الوطن العربي من خلال ما يعرض عنها في التلفاز من مسلسلات تعكس البيئة الشامية وغيرها من برامج. كل هذا جعل من دمشق وجهتي التالية للزيارة
أول خطواتي كانت بإتجاه سوق الحميدية، الذي ما من أحدٍ زار دمشق إلا وقرّ به. كان سوق طويل وكبير يفوح منه عبق التاريخ ومن محلاته التي تنشر التراث على واجهاتها. والأرصفة المنتشرة عليها الملابس والأدوات القديمة والنحاسية التي تشد المارة.
أما سقفه العالي فكانت تدخل منه أشعة الشمس الدافئة لتضفي لوناً جميلاً وساحراً له طعم خاص. أجمل ما فيه هو نهايته على أبواب الجامع الأموي العظيم، بينهما ساحة كبيرة مليئة بالحمام يغط ويطير بأمان وجمال. لا ترى في تلك الساحة إلا النظافة حتى تلك الطيور حافظت عليها.
وفي وسط تلك الساحة مكتبة تقشعر الأبدان لجمالها ولجمال تلك النقوش على السقف، حتى رائحتها كانت ترجع زائرها إلى أزمان قديمة مرت على تلك البلاد. أما مقام سيدنا (يحيى) فذلك من أروع لمسات التاريخ، يخشع القلب أمام نبي جليل يجسوا أمامي بمقامه الذي مرت عليه أجيال وأجيال
خرجت من الجامع الأموي إلى قلعة دمشق القديمة. وعلى الشارع العام يستقبلني تمثال صلاح الدين الأيوبي الذي يشمخ بفتوحاته التي لطالما تغنى بها العرب. مشيت ومشيت حتى وصلت إلى ساحة المرجة ثم إلى ساحة العباسيين ثم إلى الأمويين.
أين ما ذهبت رأيت وشممت رائحة ياسمين دمشق التي تفوح في الحدائق والشوارع القديمة والحديثة. حارات دمشقية بيوت عربية ووجوه مبتسمة مرحبة فينا كأننا سياح من بعيد. رائحة الياسمين الدائمة الإنتشار في دمشق تطبق عليها لقب مدينة الياسمين، فتلك الرائحة لا تفارقك أبداً فيها. صعدتُ إلى جبل قاسيون ورأيت ذلك المنظر الذي يكشف تلك العاصمة كلها.
لا أحد يستطيع الإكتفاء من ذلك المنظر خاصةً عندما غابت الشمس وبدأت الأنوار تشع من البيوت والشوارع كأنها لوحة نحتت بأيدي فنان محترف في صنع الجمال.
أجل إنه خالق عظيم خلق لنا تلك المدينة وتلك الجبال وبارك لنا بها برحمته وأنبت ما يطيب من زرع ونبات وياسمين فيها. لقد مر عليها أنبياء وأولياء وأجيال وأجيال وما زالت تشهد على العصور بشموخ وإباء. تغزل بها الشعراء وغنى لها العمالقة واجمل ما قال بها الشاعر نزار قباني :
فرشت فوق ثراك الطاهـر الهدبـا | فيا دمشـق... لماذا نبـدأ العتبـا؟ |
حبيبتي أنـت... فاستلقي كأغنيـةٍ | على ذراعي، ولا تستوضحي السببا |
أنت النساء جميعاً.. ما من امـرأةٍ | أحببت بعدك.. إلا خلتها كـذبا |
يا شام، إن جراحي لا ضفاف لها | فمسحي عن جبيني الحزن والتعبا |
وأرجعيني إلى أسـوار مدرسـتي | وأرجعي الحبر والطبشور والكتبا |
تلك الزواريب كم كنزٍ طمرت بها | وكم تركت عليها ذكريات صـبا |
وكم رسمت على جدرانها صـوراً | وكم كسرت على أدراجـها لعبا |
أتيت من رحم الأحزان... يا وطني | أقبل الأرض والأبـواب والشـهبا |
حبي هـنا.. وحبيباتي ولـدن هـنا | فمـن يعيـد لي العمر الذي ذهبا؟ |
أنا قبيلـة عشـاقٍ بكامـلـها | ومن دموعي سقيت البحر والسحبا |
فكـل صفصافـةٍ حولتها امـرأةً | و كـل مئذنـةٍ رصـعتها ذهـبا |
هـذي البساتـين كانت بين أمتعتي | لما ارتحلـت عـن الفيحـاء مغتربا |
فلا قميص من القمصـان ألبسـه | إلا وجـدت على خيطانـه عنبا |
كـم مبحـرٍ.. وهموم البر تسكنه | وهاربٍ من قضاء الحب ما هـربا |
يا شـام، أيـن هما عـينا معاويةٍ |
وأيـن من زحموا بالمنكـب الشهبا |
.اللهم إحفظ لنا بلادنا العربية وإحفظ أهلها وخيرها وشعبها وإحمي دمشق وإهلها وإجعلها رمزاً للعروبة على مر الزمان
يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.