جلال ناجي حسن سبتمبر 11, 2023, 5:08 ص

قصة "رحلة شقاء".. قصص حزينة

في إحدى حواري بلادنا، تعيش أم ديمة ابنة الثامنة والثلاثين من العمر وأولادها وعائلتها في سلام، تعتني أم ديمة بأطفالها وتقوم بأعمال المنزل بكل حب وعناية، لكن في لحظة غير متوقعة، تعكرت حياتها الهادئة، واندلعت حرب مدمرة في المحافظة، وأصبحت حياتها وعائلتها مريرة وغير مستقرة.

قررت أم ديمة وعائلتها الفرار والنزوح إلى مدينة أخرى في البلاد، بحثًا على خيمة خارج أسوار المدن لا يصلها القصف وتبتعد عن جبهات القتال، اتصلت أم ديمة بأخيها ليأتي ويخرجهم من منزلهم، وصل أخوها لتصعد وعائلتها السيارة وبمجرد أن تحركت سيارتهم انهال عليهم الرصاص من جميع الاتجاهات فتحتم عليهم الاختباء تحت مقاعد السيارة ولكن أمها الطاعنة في السن لم تستطع أن تختبئ، فاخترقت فخذها الأيسر رصاصة، ولأنه لم يكن من السهل التوقف وسط الكم الهائل من الرصاص، وكان على أخيها مواصلة القيادة وإلا سيقتلونهم جمعياً.

وصلت أم ديمة وعائلتها إلى مدينة عدن جنوب البلاد وبمجرد وصولهم أدخلت أمها إلى المستشفى، وكان الدم قد غطى غالبية فخذها، حتى إنه لم يعد مكان إصابتها واضحاً.

أدخلت غرفة العمليات وما هي إلا نصف ساعة حتى خرج الدكتور وقال: تأخرتم كثيرًا ومن الصعب إجراء أية عملية، وما من حل سوى بتر القدم المصابة.

وفعلاً هذا ما حصل وقاموا ببتر قدم أمها الطاعنة في السن الشمال، وحينها عرفت أنها وعائلتها على مفترق طرق، ولا بد لها أن تكون امرأة مختلفة، امرأة قادرة على بناء حياة جديدة، خصوصا أنه لم يكن لأمها وأطفالها من معين سواها بعد أن تفرق إخوتها في مختلف المحافظات، وكان عليها أن تقوم بالعناية بأمها حتى تتماثل للشفاء.

مرت أشهر على أم ديمة وعائلتها وهم يصرفون من المال الذي كان معهم عندما وصلوا المدينة، ولكن ذلك المال أوشك على النفاذ ويومًا بعد يوم والضغوط تزداد حولها، ضغوط مادية وضغوط الحياة، نفد المال على أم ديمة وكأي غريق يتعلق بقشة كانت تتعلق بأي خيط من الأمل والتفاؤل، لكنها واجهت العديد من التحديات، فلم يكن لديهم مصدر دخل ثابت. ومع ذلك، استمرت في السعي وراء الأمل والاستقرار.

بقلم جلال ناجي حسن

ملاحظة: المقالات والمشاركات والتعليقات المنشورة بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل الرأي الرسمي لجوَّك بل تمثل وجهة نظر كاتبها ونحن لا نتحمل أي مسؤولية أو ضرر بسبب هذا المحتوى.

تعليقات

يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.

مقالات ذات صلة