عاشق ولهان، مغامر في بحر النساء، سفينته لا ترسو على ميناء، ماهر في نسج الكلام ومعسول القول، يبدو لطيف المعشر، مهذب الخلق، جواد إلى أبعد الحدود تارة.. ناكر للعشير، أناني مقيت، حاد يجرح كشفرة حلاقة تارة أخرى.. حسب المقام.
ذاك شأن "هشام" شاب وسيم في العقد الثالث من عمره، أنيق المظهر، كفء في عمله، حريص على قضاء وقت فراغه في التجوال بالشوارع الرئيسية للمدينة، وخاصة بشارع الأمير، هناك تحلو له الجلسة بمقهى العشاق، لاقتناص لحظات مع أصدقائه ف "الطيور على أشكالها تقع.."
حديثهم يرتكز على آخر المستجدات في عالم الغرام.. يروون مغامراتهم بانتشاء، معظم كلامهم منمق بغرض إظهار فحوله مفترضة في موقف ما.. أو سبق مبين !
لبث في غيه يتدحرج على هذا الحال، أمه "فتيحة" تتيه فرحًا بابنها "هشام" وتدلله منتهى الدلال، بينما أبوه "عبد الرحمان" يلح عليه بالابتعاد عن أصدقاء السوء، وينصحه بالتزام طريق الوقار .
إلى أن قرَّر فجأة الزواج بالممرضة "صفاء" بعد أن تعرَّف عليها في عيادة طبيب.
راح يرشقها بعبارات العشق والهيام، ويدعي عمله في منصب هام، يشغله في شركة للرخام.. تزوجا ولم يدم زواجهما أكثر من ستة أشهر بالتمام، انكشف وضعه، وبأن عيبه، وعاد إلى عادته القديمة.. انتشى أصدقاؤه فرحًا، ورحبوا بالوافد الهمام إلى نادي مقهى العشاق..
ذات يوم، وبينما هو يسير في شارع الأمير، أثارت انتباهه فتاة خجلى في مقتبل العمر، تبعها وأبدى إعجابه بها، تجاذبا أطراف الحديث، شرفته باسمها "هاجر" ارتاح لها، وأخيرًا طرق الحب باب قلبه من أول لقاء، وبعد شهرين، فاتحها بالزواج، أبدت موافقتها، فعقد قرانهما، سكن إليها، ونشأت بينهما مودة راسخة، توجت بهبة ربانية عبارة عن مولود حباهما الله به سموه "يوسف" .
عاشت في سعادة وهناء في بيت واحد مع والديه، إلى أن بدأت المشاحنات بين الأم وزوجة الابن، كلما دخل "هشام" إلى البيت امطراه بوابل من الشكاوى.. ضاق به الحال.. صار يتأخر في الدخول إلى البيت هروبًا من مشاكله الأسرية..
انتاب زوجته "هاجر" الشك في أمره، راودتها الهواجس من جديد، شرعت تقول: "ذيل الكلب لا يستقيم.. لا شك أنه عاد إلى عادته القديمة.."
يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.