غفوت للحظات وخرجت من منزل أختي دون أن أخبرها بشيء، عدت لزوجتي وأخبرتها بما رأيت لترد عليَّ أنه ما كان يجب علي أن أخوض في الأمر ولأدعه للنساء. ازددت قناعة بضرورة الرحيل، ولكن إلى أين؟ كان طريق الهجرة غير الشرعية إلى الولايات المتحدة الأمريكية قد فُتح لتوه.
بعت قطعة أرضية ورثتها من أبي وسافرت. فيافي قطعت، وجبالًا صعدت، وأودية عبرت، لينتهي بي المطاف أسيرًا في يد حرس الحدود الأمريكي. أسبوعًا أقمت في ضيافتهم ثم أخلوا سبيلي لأعمل بالسخرة مع لاتينيين. حصلت على إذن عمل وصرت أعمل بصورة قانونية، لكني لم أنس تلك الخيانة.
سألت عن خطيب ابنتي، فقيل لي إن صولاته مع بنات السادة لم تنتهِ، وقد صرن يتغزلن بجماله ويختار منهن من يشاء، وكان مما أنشدن:
محمد لجان انصبل من كسان
محمد لجان نكشح عن طرف الوران
فقلت: سبحان الله، وبنتي المسكينة في انتظاره ولا تقبل بغيره بعلًا.
تزوج سرًّا طليقة ابن عمتي، وكانت أما لابنتي في الرضاعة، ما أوجد مشكلة فقهية. اختلف الفقهاء في أمرهم بين من يرى فسخ الخطبة ومن يرى أنه يمكنه الزواج منها إذا طلق طليقة ابن عمي.
صُدمت ابنتي مما سمعت ولم تعد تهتم بنفسها. عرضتها أمها على طبيب فلم يكتشف علتها، لتعرضها على معالج روحاني، فأخبرها أن بها مسًّا من الجن العاشق. ناولها عدة عقد وزعم أنها تبعد عنها الأرواح الشريرة وتحميها من العين.
لم تتحسن حالة ابنتي بعد جلسة العلاج الروحاني تلك، ما حدا بزوجتي لعرضها على شيخ ديني ليخبر أن حالتها طبيعية وتعاني صدمة نفسية، وأمر بعرضها على طبيب نفسي. بعد عدة جلسات نفسية، أقنعها الطبيب بضرورة نسيان أمر خطيبها السابق ولتعد العدة لزواج جديد، فمن غير المقبول ربط مصائرنا بالأفراد، فالفرد عرضة للموت وقد تلم به خواطر تدفعه للخيانة.
تحسنت حالة ابنتي الصحية وأخبرت خطيبها بأنها انتظرت طويلًا ولم تعد ملزمة بانتظاره، فاحترم لها خيارها.
تقدم لها أحد أقرانها، وكان فقيرًا، لكنني قبلت الخطبة، وتحملت تكلفة زواجه من مالي، فما عاد شيء يهمني في الحياة أكثر من سعادة ابنتي الوحيدة.
قصة جميلة
احسنت 👏
يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.