المشهد السادس والسبعون
غرفة هشام
هشام: حكاية الغناء هذه لن تنفع، فأنا لا أجيد الغناء.
أحدهما: لا بد أن تظهر للناس بهذا الشكل، ولكن هل تفكر في شيء آخر غير الغناء؟
هشام: هو أنا في أي مقام الآن؟
(الاثنان ينظران إلى بعضهما): أأ... أنت في مقام الآمر الناهي.
هشام: إذا أستطيع أن أفعل ما أريد، آمر الناس بما أريد.
أحدهما: بالطبع، فالكل سيسمع كلامك، ولا سيما إذا قلت لهم إن هذا الأمر من الملكين.
هشام: إذا سأدعو الناس ليجتمعوا حولي وأحاول أن أجد حلًا لمشكلاتهم.
الآخر: ولكن لا بد من دق الطبلة.
هشام: نعم نعم، سأفعل.
الاثنان: إذا متى ستبدأ؟
هشام: سأخبركما قريبًا، ولكن هل ستتركانني بعد ذلك؟
الاثنان: نعم، فلا حاجة لك بنا.
هشام (في نفسه): أخيرًا سأستريح من هذه الوجوه القبيحة.
الاثنان: ماذا تقول؟
هشام: لا لا شيء.
المشهد السابع والسبعون
الزاوية
حسام مع الإمام
حسام: السلام عليك يا إمام.
الإمام: وعليك السلام يا بُني، أرى وجهك وضاءً متهللًا.
حسام: نعم، فقد حدث شيء عجيب الليلة الماضية.
الإمام: وما هو يا بني؟
حسام: (يقص عليه قصة الملائكة).
الإمام: خيرًا فعلت يا بني، أهذا ما جعلك فرحًا متهللًا؟
حسام: لا يا سيدي، ولكن حدث شيء آخر، فيما كنت بين اليقظان والنائم، وكأني قد سمعت صوتًا ليس كأي صوت، برغم ألفتي له، وعندما تحدث شعرت وكأن جسدي كله أذن.
فقال: "يا حسام، أبصر"، ثم أحسست بشيء يتخلل جسدي، فصار جسدي وكأن كله عين تبصر. فأبصرت وكأن يدًا تحيط بالأكوان، وتحركها بدقة متناهية، حيث الزمان والمكان، حراك دائم، فلا تسقط ورقة شجر، ولا حبة مطر، ولا يتحرك حجر ولا بشر، إلا بهذه اليد، في تناغم تام ورضا واستسلام، لا يدركها عقل ولا يحيط بها خيال ولا أحلام.
ولو رفعت هذه اليد؛ لاختل التوازن وتحطمت الأكوان. ثم نادى وأنا ما زلت أبصر: "هذا مقامك إن أردت، فإما رب وإما عبد"، فقلت: "بل عبد".
فصُرعت ثم قمت على هذا الحال، في رضا تام واستسلام. وعلمت أن للأقدار أسرارًا لا يعلمها إلا الله الواحد القهار.
الإمام: صدقت يا ولدي، وهذا هو مقام العبودية، وهو بالأصالة لرسول الله صلى الله عليه وسلم، حيث قال تعالى: "سبحان الذي أسرى بعبده…". وهو لأمته بالتبعية، ولا يصله إلا الصادقون، وهم قليل. فاترك الاختيار وسلم، تحملك الأقدار وتغنم.
الآن يا حسام، اذهب فعش بحرية، وانعم في ظل العبودية، فإنما يسمو العبد على قدر مولاه. فاعمل واجتهد، وعايش الناس وتآلفهم، واحفظ العهد واكتم الأسرار.
حسام: سمعًا وطاعة يا سيدي، بارك الله فيك ونفعنا بك.
يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.