قصة (خادم سليمان) الجزء الثاني والثلاثون (حسام والملائكة)

المشهد الرابع والسبعون

غرفة حسام وهو يذكر الذكر المفرد

الله الله

أضواء شديدة مفاجئة، وأضواء لم يرها من قبل تضيء الغرفة بكاملها، ورائحة أذكى من المسك، ومخلوقات تهبط ولها أجنحة وأجسامها نورانية، يصطفُّون في صفوف منتظمة، ويتقدَّم أحدهم وكأنه إمامهم.

الملك: السلام عليكم يا سيدي.
حسام: وعليكم السلام، من أنتم يرحمكم الله؟
الملك: نحن من ملائكة الرحمن.
حسام: ولِمَ أتيتم؟ وكيف تعرفونني؟
الملك: نحن خُدَّام هذا المقام، نأتي بأمر من الله، لمن يشاء من عباده، لنقوم على خدمته ونُحسن صحبته، ونأتمر بأوامره، ولكن لا نفعل إلا الخير.
حسام: ولكن كنت أظن أن الملك أعظم مكانة عند الله من الإنسان.
الملك: كيف وهو الخليفة، وما خلق الله الملائكة إلا لخدمته؟ ألم تعلم أن هناك ملائكة تستغفر فقط للإنسان، وأخرى تدعو له، وأخرى تحرسه وتحفظه؟
حسام: نعم، علمت ذلك، ولكن لم أره بهذه الصورة. ولكن تغيرت الصورة الآن، واتضحت الرؤية، فعلًا الكل يخدم الخليفة.. ياه، لمكانة هذا الإنسان عند الرحمن. ولكن أيها الملك، ماذا ستفعلون لي؟
الملك: نفعل لك ما تريد وقت ما تريد، بمجرد إشارة منك؛ فهذا مقام التحكم، لك فيه الأمر والنهي، وهو مقام الخلافة. أليس ذلك ما كنت تريد؟
حسام: نعم، صدقتَ، هذا ما كنت أريد. ولكن أيها الملك، أيوجد مقام أعلى من هذا المقام؟
الملك: الله أعلم، فنحن لا نفعل إلا ما أمرنا به، ولا نعلم إلا ما علمنا الله، وقد قال تعالى: {وما منا إلا له مقام معلوم}. وهذا هو مقام خدمتنا، ولا نعلم ما بعده.
حسام: وبمَ تنصحني أيها الملك؟
الملك: سيدي، نحن طوع أمرك، ولا نعلم أفضل من ذلك لك، ولكن عليك الاختيار: إما نبقى معك أو تصرفنا عنك.
حسام: (في نفسه) الاختيار مرة أخرى، ولكنه أصعب من المرة الماضية. ولكن الإمام دومًا يعلم ما سيمر عليَّ، وكذلك أمي، فلا بد أن هذه المقامات قد مرت عليهم، وأن هناك ما بعدها. لم أعد أرغب في الدنيا، ولكن أصبح لدي شغف بأن أعرف ما بعد ذلك. فإن كان هذا أعلى مقام، فما مقام الإمام؟ وما مقام أمي؟!
(يقاطعه الملك): بماذا تأمر يا سيدي؟
حسام: أيها الملك، أسعدتني صحبتكم هذه الدقائق، وقد تمنيتها منذ زمن، وأحببت وجوهكم، وعطركم. ولكني لن أطلب الدنيا من مخلوق مثلي. فانصرف بسلامة الله أنتَ وصحبتك الجميلة، وشكرًا على هذه الصحبة.
الملك: السلام عليك يا سيدي، وشكرًا لك.
حسام: وعليكم السلام.

ملاحظة: المقالات والمشاركات والتعليقات المنشورة بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل الرأي الرسمي لجوَّك بل تمثل وجهة نظر كاتبها ونحن لا نتحمل أي مسؤولية أو ضرر بسبب هذا المحتوى.

ما رأيك بما قرأت؟
إذا أعجبك المقال اضغط زر متابعة الكاتب وشارك المقال مع أصدقائك على مواقع التواصل الاجتماعي حتى يتسنى للكاتب نشر المزيد من المقالات الجديدة والمفيدة والإيجابية..

تعليقات
يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.

يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.

مقالات ذات صلة