المشهد التاسع عشر
وسط الشارع والناس ذهابًا وإيابًا، والسيارات كثيرة
حسام في نفسه: ما هؤلاء ذهابًا وإيابًا، وكلٌّ مشغول برزقه. عجيب هذا القدر، وعجيب هذا الترتيب، فلا يستطيع ذلك إلا ربٌّ فعال لما يريد؛ كلٌّ إلى العمل، وكلٌّ لديه أمل.
(ولا يشعر بالطريق وهو يمشي فتدهسه سيارة ويقع على الأرض دون أن يُصاب.)
(تخرج سيدة في منتصف العمر من السيارة وتُسرع إليه)
السيدة: أبك إصابة؟
حسام: أبدًا سيدتي، وإنما فوجئت بالسيارة.
السيدة: الحمد لله. إلى أين أنت ذاهب؟
حسام: لا أعلم سيدتي.
السيدة تبتسم: لا تعلم؟!
حسام: نعم، خرجت لأبحث عن عمل، فأخذني منظر تحركات البشر فسرحت.
السيدة: ولهذا لم ترَ السيارة؟
حسام: فعلًا سيدتي.
السيدة: ولكنك وجدت العمل.
حسام: العمل؟!
السيدة: نعم، هيا معي.
حسام: إلى أين؟
السيدة: إلى العمل.
(يركب حسام السيارة ويذهب مع السيدة إلى حيث تصحبه)
المشهد العشرون
داخل السيارة
السيدة: فيمَ النظر؟
حسام: أفكر في مجريات القدر.
السيدة: لن ترى القدر، وإنما ترى ما له من أثر.
حسام: كيف سيدتي؟
السيدة: ألم تخرج من بيتك باحثًا عن العمل؟
حسام: نعم، وكلِّي أمل.
السيدة: وأوقعك في طريقي القدر.
حسام: ولولاه ما كان العمل!
السيدة: نعم، فوراء كل حادث حدث.
(حسام يصمت وينظر إلى السيدة بتعجب)
السيدة: ما بك؟
حسام: أتعجب منك.
السيدة: لا تتعجب؛ فكلٌّ له منطق، وكلٌّ له سر مع القدر.
المشهد الواحد والعشرون
مكتب كبير داخل شقة وبها بعض الكتب
السيدة: هذا عملي، المحاماة.
حسام: وماذا أعمل في هذا، سيدتي؟
السيدة: إنه بسيط للغاية، فقط أحتاج إلى من يذهب نيابةً عني إلى المحكمة صباحًا، ويقدم مذكراتي إلى القضاة، وليلاً يقابل العملاء. فما رأيك؟
حسام: أوافق سيدتي، شكرًا لك.
السيدة: بل الشكر للقدر. نبدأ من الغد إن شاء الله.
المشهد الثاني والعشرون
المسجد ظهرًا، بعد صلاة الجماعة
حسام: السلام عليك يا إمام.
الإمام: وعليك يا بُني السلام، كيف حالك مع الأنام؟
حسام: الحمد لله، على ما يُرام.
الإمام: وماذا عن العمل؟
حسام: غدًا إن شاء الله، إن طال الأجل.
الإمام: أتمه الله على خير، ورزقك منه الخير.
حسام: يا إمام، أهناك للقدر سر؟
يتبع...
يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.