ندى علي خلف يونيو 8, 2023, 9:24 ص

قصة "حوار بين آدم وحواء"ج2.. قصص قصيرة

حواء: "تتيَّمت بي عشقًا، وتتيَّمت بك قلبًا وقالبًا، روحًا وروحان، لقد أوكلت إليّ أصعب المهام، من ربَّة منزل، لمديرة أعمالك، لقاضي الدفاع عنك في حضورك وغيابك، وأمًا لأولادك و..

ألا تعذرني عندما أتعصب قليلاً من ضغوطات هذه الحياة؟ ألستَ ممن يشعرون أم أنني كحجر أصم لا يفقه ولا عيش له، فترميه عند حاجتك لذلك؟ أم أنني شجرتك المتفرعة المثمرة الناضجة فتأكل منها طوال الصيف، وتستظل تحت فيئي، وعندما يعلن الشتاء قدومه، تقتلعني من جذوري وتُدخل بي منشارك الحديد ذو الشفرات الحادة، لتصنع مني حطبك، ثم تتناثر فُتاتي وتملأ الأرجاء من بقاياي، وتدفعني في تلك المدفئة السوداء، ومن عود ثقاب واحد منك أشتعل وأصبح رمادًا ولن تنتهي مني هنا بل تأخذني وتدفني بحديقتك بين مزورعاتك وأعشابك كالسماد.

آدم: "رُويدك يا حواء، ما كل هذا الغضب والصخب، تحليّ بالرواء، خُذي نفسًا عميقًا، ورطبي حلقك بالماء، لقد أكثرتِ اتهاماتك وهذا محضّ هُراء، سأُجيبك شيئًا فشيئًا على أسئلتك حتى الانتهاء، لطالما قدَّمت لكِ أعذارًا، وشعرتُ بمسؤولياتك المتعددة ولم أعدَّك يومًا صمّاء، لم أرمكِ، ولم أتخلَ عنك بتاتًا، فأنتِ امرأتي النعماء لا البأساء، نعم أنتِ شجرتي المثمرة ولطالما استظليتُ تحت فيئك، وأثمرتِ فأحببتُ ثماركِ، واخضرَّيتِ ثم تبعثرت أوراقك، بكل فصلٍ بدَّلتِ ملابسكِ وستاركِ، لكنني أحببتكُ بالفصول كلها، يا حواء! وكيف سأقطعكِ وأنتِ زينة حديقتي؟ لو أمدّ يدايّ عليكِ بغير شفافية وحبٍ مطلق سأبتر هذه اليد من مكانها، ولن أُسامح نفسي ريثما أنا على قيد الحياة وأتنشق هذا الهواء."

حواء: "كدتُ أصدقك لوهلة من الزمن، وآخذ كلامك على محمل الجد، لكن شيئًا ما في داخلي يمنعني عن ذلك، فعندما أتذكرُ خياناتك المتكررة لي مع بني جنسي، أفقدُ صوابي، وأتمنى الموت على ذلك، وكم مرة أخبرتك افعل ما تريد لكن لا تخن، فلن تصمد الروح المتعبة في الجسد المنهك والمتألم أكثر، لماذا تخونني يا آدم، ألا يليق بي الوفاء؟"

آدم: "لن أنكر ذلك وهذا حقك، نعم آدم يخون ولكن قلّة منهم، وحواء كذلك، أنتن أيضًا خائنات، وكم من قلبٍ مزقته حكاياتكن، أنتن اللواتي نكرتن خبزنا وملحنا، وووثقنا بكن، وفتحنا لكنّ أبوابنا على مصراعيها، ادخلن بها من الأمانة لا الخيانة، من مصداقيتكن لا كذبكن، من عشقكن لا كرهكن، من وفائكن واهتمامكن لا أنانيتكن وقلَّة طهركن...

يتبع..

بقلم ندى علي خلف

كاتبة مقالات وقصص متعددة الأنواع، بأسلوب سلس وجذاب، لبنانية الجنسية، من مواليد ١٩٩٦، مشرفة لمدونة "أنامل عربية" واكتب في مدونة" رواد المتوسط " في قسم "الأدب ".

ملاحظة: المقالات والمشاركات والتعليقات المنشورة بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل الرأي الرسمي لجوَّك بل تمثل وجهة نظر كاتبها ونحن لا نتحمل أي مسؤولية أو ضرر بسبب هذا المحتوى.

تعليقات

أسماء خشبة

يونيو 8, 2023, 10:13 ص

ما هذا الكلام...الجمال عدى الكلام...❤️❤️❤️❤️❤️❤️❤️

أضف ردا