هل فكرت يومًا أن تُعيد قراءة قصة أو كتابٍ كنت قد قرأته منذ زمن؟ افعل ذلك، والأكيد أنك ستتفاجأ بالتغيير الذي حدث في درجة وعيك وبنظرتك التي تجدها قد اختلفت فتصيبك الدهشة، وإنه من المؤكد أن ما تقرأه في سن معين سيختلف على ما تعيد قراءته وأنت متقدم بسنوات، فرؤيتك ستختلف وتحليلك سيصبح أكثر نُضْجًا.
في الواقع صديقتنا وهي تتفحص بعضًا من الروايات الإلكترونية وقع نظرها على رواية للأطفال، وهي الأميرة وحبة الفول، التي طبعًا جميعنا يعرف محتواها، وهي تلك الفتاة التي ساقتها الأقدار في ليلة ماطرة إلى قصر أرادت الاحتماء داخله.
هذه الفتاة بعد أن قُدِّمَت لها المساعدة سُئِلَت عن هويتها فأجابت بأنها أميرة، لكن الملكة لم تصدقها فعمدت إلى اختبارها بوضع حبة فول تحت العديد من الأفرشة على سرير من أجل النوم عليه.
فكانت المفاجأة أن الأميرة نهضت تعبة ومنهكة القوى، وحين سألتها عن السبب ردت بأنها لم تنم ولم يُغْمَضُ لها جفن، حينها أدركت صاحبة القصر أن الفتاة صادقة وأنها أميرة حقيقية؛ لأنه وحدهن الأميرات من يَتَحَسَّسْنَ من ذلك، فلو كانت فتاة عادية فإن أي فراش أو غطاء يفي بالغرض ولا يهمها درجة جودته أو نعومته.
إن هذه القصة وشبيهاتها لهي مادة دسمة لمن يريد أن يستل العبر والمواعظ؛ لأن من كتبها ويكتبها لديه تلك النظرة التي يسعى إلى التعريف بها.
وربما تكون قصة الصغار هذه تعزز الثقة لدى الأطفال وتدعو إلى عمل الخير كتلك المساعدة التي قُدِمَتْ للأميرة، وذلك الدهاء والحكمة التي تتمتع بهما الملكة، والأهم هو الصدق الذي تحلت به الفتاة حين صرحت عن هويتها.
ولأن كل ما يتناوله المرء من قراءة ومطالعة يقع في نفسه وقعًا مغايرًا عن أي شخص آخر، أي بمعنى أن مفهومك لما تقرؤه يختلف عن مفهوم الآخر، ولِكُلٍ زاويته التي ينظر من خلالها.
فإن صديقتنا انتبهت وهي تقرأ القصة بأن المغزى منها قد اختلف لديها عما فهمته من قبل، فبعد أن كانت مجرد قصة عادية للأطفال تحمل بين طياتها عدة صور مُبْهِجَة ذات الألوان التي تُغْرِي الأعين حين مشاهدتها وتُسْحِرُ القلوب عند الاستماع لها ها هي رواية الأميرة وحبة الفول تقدم محتوى آخر ومغايرًا عن ذي قبل.
في الحقيقة لقد هالها ما استنبطته من القصة حين أعادت قراءتها، فقد رأت أن تلك الأميرة هي رمز لكل فرد من المجتمع حين تداهمه الحيرة ولا يعلم ما يفعل فيبدأ بالبحث عن الحل.
وما تلك الأفرشة الكثيرة التي افترشتها الفتاة إلا صورة للحياة التي يحياها بالقرب من خالقه وهو يتنعم بملكوته وبالخيرات التي يغدقها عليه، ولأن الأمر ما هو إلَّا اختبار فقد تعثرت بحبة فول جعلتها تنام ليلة آرقة.
إن حبة الفول تلك هي ما يصادفه المرء من تحديات فتنقلب حياته رأسًا على عقب، فيحاول الخروج إلى بر الأمان بالتقرب من اللَّه والاستعانة به.
والسعي الدائم لتحسين صورته الخارجية والداخلية والأهم من ذلك هو أن يُدْرِكُ ويعي تلك الرسائل التي تمر من أمامه يوميًا، بل أحيانًا تأتيه على عجل لتختبره وتغوص في أعماقه وتبحث عن تلك السريرة وأحوالها وهل هي نائمة نومًا عميقًا أم متيقظة وعلى استعداد.
لأن الأمر لا يحتمل، فكثير من الأشخاص الذين غرقوا في بحر الشبهات لم يستطيعوا الخروج والنجاة.
وعليه فإن باب التقرب من اللَّه ومفتاحه هو التقوى، والأميرة حين أحسَّت بألم في جسمها جراء حبة الفول تلك ولم تستطع النوم فلأنها تربت على الفراش الوثير والناعم تمامًا.
مثل ذلك المؤمن الذي يمر بمَطَبٍ واختبار فالأكيد أنه يتمهل قليلًا لأن هناك نغزة يُحِسُ بها ولا يستسيغها فيدرك حينها وجود خطب ما، وأن الأمور ليست على ما يرام فيهرع لإصلاح الوضع.
فكن ممتنًا أيها المرء لتلك النغزات التي تصيبك وتشعر بها من حين لآخر؛ لأنها هي المؤشر الحقيقي على أن قلبك حي يُرزق وما زال يخفق لمحبة اللَّه وخشيته.
احسنت النشر........اما عن رؤيتي فهي انه لا يجب الحكم على الأشخاص من المظاهر فالجوهر هو المهم فالمظهر يتغير حسب الظروف أما الجوهر يبقى كما هو مهما حدث.
الكريمة مجانية اولا سموك الأميرة بنظرتك الفلسفة في كل ما تكتبين.. استطيع ان أجزم انك عبقرية وكاتبة قديرة وقادرة على تطويع الأفكار وصبها في القالب اللغوي الجذاب وثانيا أود لو تكرمت معرفة من أين أنت
يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.