قصة"حبال القدر"ج 1.. قصص قصيرة

حبال القدر 

استيقظت إستبرق مفزوعة من النوم كعادتها، لرؤيتها كابوسًا مخيفًا، بالنسبة لها إعادة السنة هو هاجس يلاحقها خصوصًا أنها على مشارف البكالوريا، فهي تحلم أن تصبح أكبر مهندسة في وطنها.

أسرعت إستبرق ذات الشعر الذهبي المموج والعينين البنيتين إلى الحمام، كي تستعد ليوم جديد مليء بالحركة، فما إن فتحت باب الحمام حتى سقط منزل أحلامها الذي نحتته بالطين، انكسر قلب إستبرق لهذا المنظر وقد عز على قلبها هذا المنزل لأنها هي التي صممته من وحي خيالها، وإذ بأم إستبرق نادية تنادي بأعلى صوت: 

 -إستبرق، أسرعي فقد تأخرت عن المدرسة.

 -إستبرق: حسنًا أمي، اليوم لن أعود باكرًا، سأذهب مع لمى لمنزلهم كي نذاكر.

 -نادية: حسنًا، هل هذا ما يسعدك حقًّا يا بنتي؟

 -إستبرق: ما قصدك؟

 -نادية: أعني هل كل هذا التعب له فائدة؟

 إن والدَي إستبرق خائفان عليها وعلى ردات فعلها العنيفة إن لم تحقق خطتها المستقبلية، فقاطعها أبوها أمجد قائلًا: لا نريد أن نراك تعيسة إن لم تصبحي مهندسة.

 ضحكت إستبرق وقالت هذا مستحيل فأنا جد مجتهدة في دراستي، اه لا تشوشا عقلي، أدري مخاوفكما لكني سأنجح، هكذا يقول عقلي. 

 -نادية: وما يقول قلبك؟

 -إستبرق: قلبي؟ اه إن قلبي يعزف قطعة موسيقية ساحرة لن تتوافق أبدًا مع واقعنا.

 -نادية: ربما يجب عليك الإنصات إليه ولا...

 -قاطعتها إستبرق، لقد تأخرت كثيرًا، وداعًا، أحبكما.

 مشت إستبرق مبتعدة عن البيت وعقلها لا يزال يحاول استيعاب عمق المحادثة التي أجرتها للتو.

 وبعد نصف ساعة من المشي التقت زميلتها وصديقة عمرها لمى.. لمى هي فتاة جد طموحة ومستقلة، سمراء البشرة ذات شعر داكن. 

 هرولت لمى لإستبرق وعانقتها ودموع حسرة في عينيها وباشرت في التحدث إلى إستبرق عن مشكلاتها وهما يسيران إلى محطة الحافلات.

 -ألم أخبرك البارحة أن هذا سيحدث؟

 -ماذا حدث مجددًا؟ سألتها إستبرق حائرة.

 -أبي يصر على التحاقي بالجامعة، أنا أريد أن أنشئ شركتي الخاصة أو بالأحرى شركتنا. 

 لم تبدِ إستبرق أي تعليق وظلت تمعن في إصرار لمى وعزيمتها القوية وإرادتها الصلبة.

 وأردفت لمى: شركتنا التي ستكون أول شركة في الوطن العربي لإعادة تأهيل وتصنيع كل ما هو قديم (recyclage)، فكرتي جوهرية ستغير مشكلاتنا الحالية.

 التفتت إلى إستبرق وتساءلت: هل أنت معي، لماذا أنت راكدة اليوم؟

 - لا شيء يذكر، إنها الكوابيس من جديد. 

 لم تعر لمى أي اهتمام لحالة إستبرق ولم تلح في سؤالها، لأنها تعرف مسبقًا أنها لن تبوح لها بأي شيء حتى تشاء هي.  

 عند وصولهما إلى الحافلة التقت الفتاتان بصديقتهما المشتركة دارين، دارين هي الفتاة الاجتماعية التي يحبها الجميع ذات الشعر البني والعينين العسليتين.

رحبت دارين بهما ولاحظت انزعاجهما، لكن من فرحتها لم تستطع سؤالهما وشرعت في وصف ما قد جرى.

- أتعلمان أن أمنيتي المستحيلة قد تحققت؟

- لمى: هل حقًّا ستذهبين إلى طوكيو؟

- دارين تقول بكل فخر: نعم لقد قبلوا عرضي في الانضمام إلى فريق رسم المانجا، نعم، فلقد قدروا موهبتي الفريدة من نوعها.

 صعدت الصديقات الحافلة وصمتت إستبرق ولمى طوال الطريق، كل تفكر في حل لمشكلتها، لمى تريد إقناع أبيها بالعدول عن رأيه، وإستبرق تفكر في صحة خططها المستقبلية، لكن ظلت دارين تثرثر عن ماذا ستفعله في طوكيو رغم ملاحظتها حزن صديقتيها.

 وما إن وصلوا إلى الثانوية حتى قابلو ماجدة. 

 نظرت ماجدة إلى دارين وقالت بكل حقد: هل تعلمين أنني سأذهب إلى طوكيو !!

 استغربت دارين وقالت: لا هذا مستحيل لقد أعجبوا برسوماتي.

 ماجدة: حبيبتي ليس هنا مستحيل في هذه الدنيا، فبفضل علاقات أبي الكثيرة استطعت أن أحصل على الوظيفة .

 لم تصدق دارين وانتشلت هاتفها لتريها رسالة القبول وهنا كانت المفاجأة، فلقد تلقت رسالة أخرى بالرفض قبل نصف ساعة، لكن لم ترها من كثرة حماسها.

 سالت دموع دارين أمام الحاضرين، وظلت ماجدة تشمت في دارين حتى طردتها الفتاتان.

 إستبرق: لا تحزني، قضاء وقدر ولعله خير.

 دارين: لا، إنه ظلم، لقد تحصلت على الوظيفة وهي سرقتها مني. 

 لمى: هذا صحيح، لا يجب أن نسكت على شيء كهذا.

 إستبرق: سيدق الجرس، لا تتسرعي سوف نفكر لاحقًا في حل.

 وما إن دق الجرس، حتى أسرع كل الطلبة إلى أقسامهم وتفرقت الفتيات.. صعدت إستبرق الدرج بسرعة فائقة لتلحق بقسمها، لمحت لافتة مكتوبًا عليها قف في الخارج، ضحكت إستبرق وفي حين هي تحاول صعود درجة أخيرة التوت رجلها وسقطت من أعلى الدرج على يديها اليمنى. 

 كل ما كانت تفكر فيه إستبرق لحظة سقوطها هو القدر، لا يمكن لأحد أن يتحكم في تفاصيل يومه أو حتى تفاصيل حياته، تساءلت في نفسها ربما تلك الإشارات الصغيرة التي لم أعرها أي انتباه، أو صوت خفي من القلب يحذرني، لكني كنت عنيدة جدًّا ورفضت الاستماع.

 ماذا سيحدث لي الآن؟ 

 يتبع 

ملاحظة: المقالات والمشاركات والتعليقات المنشورة بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل الرأي الرسمي لجوَّك بل تمثل وجهة نظر كاتبها ونحن لا نتحمل أي مسؤولية أو ضرر بسبب هذا المحتوى.

ما رأيك بما قرأت؟
إذا أعجبك المقال اضغط زر متابعة الكاتب وشارك المقال مع أصدقائك على مواقع التواصل الاجتماعي حتى يتسنى للكاتب نشر المزيد من المقالات الجديدة والمفيدة والإيجابية..

تعليقات

يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.

هل تحب القراءة؟ كن على اطلاع دائم بآخر الأخبار من خلال الانضمام مجاناً إلى نشرة جوَّك الإلكترونية

مقالات ذات صلة
سبتمبر 30, 2023, 7:48 ص - خوله كامل عبدالله الكردي
سبتمبر 30, 2023, 6:56 ص - وليد فتح الله صادق احمد
سبتمبر 29, 2023, 12:10 م - عيسى رضوان حمود
سبتمبر 29, 2023, 8:09 ص - عبير احمد الرمحي
سبتمبر 28, 2023, 11:12 ص - جينا فاروق توما
سبتمبر 28, 2023, 9:26 ص - مني حسن عبد الرسول
سبتمبر 27, 2023, 7:17 م - محمد جاد المولى
سبتمبر 27, 2023, 2:43 م - صفاء السماء
سبتمبر 27, 2023, 2:30 م - أحمد سامى محمد الجمل
سبتمبر 27, 2023, 1:58 م - زينب هلال
سبتمبر 27, 2023, 1:17 م - نادية مصطفى حسن
سبتمبر 26, 2023, 9:05 ص - زينب هلال
سبتمبر 26, 2023, 6:35 ص - جلال ناجي حسن
سبتمبر 25, 2023, 2:52 م - جينا فاروق توما
سبتمبر 25, 2023, 8:55 ص - رايا بهاء الدين البيك
سبتمبر 24, 2023, 7:04 م - أسماء خشبة
سبتمبر 24, 2023, 11:40 ص - حسن محمد قايد
سبتمبر 24, 2023, 6:14 ص - سومر محمد زرقا
سبتمبر 23, 2023, 2:32 م - بومالة مليسا
سبتمبر 23, 2023, 2:19 م - بومالة مليسا
سبتمبر 23, 2023, 11:08 ص - مدبولي ماهر مدبولي
سبتمبر 23, 2023, 10:50 ص - مدبولي ماهر مدبولي
سبتمبر 23, 2023, 9:11 ص - سهيلة يحيى زكريا
سبتمبر 23, 2023, 6:46 ص - خوله كامل عبدالله الكردي
سبتمبر 21, 2023, 5:25 م - ليلى امير
سبتمبر 21, 2023, 1:47 م - أنس بنشواف
سبتمبر 21, 2023, 12:47 م - إياس فرحان الخطيب
سبتمبر 21, 2023, 12:26 م - آسيا نذير القصير
سبتمبر 21, 2023, 11:21 ص - زينب علي محمد
سبتمبر 21, 2023, 8:50 ص - وليد فتح الله صادق احمد
سبتمبر 21, 2023, 8:11 ص - أمل محمود قشوع
سبتمبر 21, 2023, 7:44 ص - سحر حسين احمد
سبتمبر 21, 2023, 7:37 ص - خلود محمد معتوق محمد
سبتمبر 20, 2023, 8:18 ص - سومر محمد زرقا
سبتمبر 20, 2023, 6:20 ص - زينب هلال
سبتمبر 18, 2023, 4:01 م - رايا بهاء الدين البيك
سبتمبر 18, 2023, 2:57 م - بوعمرة نوال
سبتمبر 18, 2023, 8:23 ص - زينب هلال
سبتمبر 18, 2023, 7:21 ص - سومر محمد زرقا
سبتمبر 18, 2023, 6:20 ص - زينب هلال
سبتمبر 17, 2023, 4:00 م - عبدالرحمن أحمد عبدربه الصغير
سبتمبر 17, 2023, 9:58 ص - وصال وداعه علي
سبتمبر 17, 2023, 6:26 ص - مني حسن عبد الرسول
سبتمبر 16, 2023, 1:31 م - ميساء محمد ديب وهبة
سبتمبر 15, 2023, 12:45 م - سهيلة يحيى زكريا
سبتمبر 14, 2023, 9:01 ص - صفاء السماء
سبتمبر 14, 2023, 8:40 ص - شروق محمود محمد علي
سبتمبر 14, 2023, 8:05 ص - أسماء محمد حمودة
سبتمبر 14, 2023, 7:03 ص - رايا بهاء الدين البيك
سبتمبر 14, 2023, 6:14 ص - بومالة مليسا
سبتمبر 13, 2023, 6:44 م - صفاء السماء
سبتمبر 13, 2023, 5:36 م - صفاء السماء
سبتمبر 13, 2023, 9:27 ص - بومالة مليسا
سبتمبر 13, 2023, 7:25 ص - مني حسن عبد الرسول
سبتمبر 13, 2023, 6:19 ص - حسام عبدالله الساحلي
سبتمبر 12, 2023, 5:52 م - صفاء السماء
سبتمبر 12, 2023, 5:13 م - صفاء السماء
سبتمبر 12, 2023, 2:19 م - حنين عبد السلام حجازي
سبتمبر 12, 2023, 8:05 ص - ميساء محمد ديب وهبة
سبتمبر 12, 2023, 6:47 ص - رايا بهاء الدين البيك
سبتمبر 11, 2023, 7:36 م - صفاء السماء
سبتمبر 11, 2023, 2:57 م - مبدوع جمال هند
سبتمبر 11, 2023, 10:04 ص - محمود سلامه الهايشه
سبتمبر 11, 2023, 8:51 ص - صفاء السماء
سبتمبر 11, 2023, 7:07 ص - مصطفى جاد ابو العز
سبتمبر 11, 2023, 6:24 ص - سهيلة يحيى زكريا
سبتمبر 11, 2023, 5:09 ص - أنس بنشواف
سبتمبر 11, 2023, 5:08 ص - جلال ناجي حسن
سبتمبر 10, 2023, 10:54 ص - التجاني حمد
سبتمبر 10, 2023, 9:44 ص - أسماء خشبة
سبتمبر 10, 2023, 9:19 ص - شادى محمد نجيب
سبتمبر 9, 2023, 8:54 م - محمود سلامه الهايشه
سبتمبر 9, 2023, 1:14 م - هشام بوطيب
سبتمبر 9, 2023, 11:14 ص - صفاء السماء
سبتمبر 9, 2023, 11:10 ص - بومالة مليسا
سبتمبر 9, 2023, 9:51 ص - وصال وداعه علي
سبتمبر 9, 2023, 8:12 ص - بومالة مليسا
سبتمبر 9, 2023, 8:12 ص - مدبولي ماهر مدبولي
نبذة عن الكاتب