ركن سيارته على قارعة الطريق، وسار بضع خطوات ليصل إلى المقبرة الخاصة بعائلته، وكانت هذه المقبرة في منتصف المقابر.
كانت جيوش الظلام قد بدأت تغزو الكون، وقد انقطع السبيل، ولم يوجد في المقابر أي إنسي أو إنسية، إلا هو وظله الملازم له.
وأخيرًا وصل إلى المقبرة الخاصة بعائلته، وقرأ الفاتحة على المرحومة والدته، ولم يجد أي شيخ من شيوخ المقابر ليقرأ له سورة، وينفح بعض المال صدقة على روح والدته، فقرأ هو ما تيسر من قصار السور التي يحفظها.
وبدأ يخطو خطوات العودة، ولكنه على البعد لمح خيالًا يهرول لكي يبتعد هو الآخر عن المقابر، وفكر تفكيرين، أن يلحق به، أو يعود من حيث أتى.
ولكنه لمح جثة امرأة على الأرض، وأخذ يقترب رويدًا رويدًا حتى وصل إلى مكان الجثة. كانت الجثة مطروحة على الأرض وحولها بركة دماء.
جثا على ركبتيه ليعرف إذا كانت الجثة الملقاة قد ماتت فعلًا، أم أن هناك رمق من حياة فيها، وحينما تحقق من أنها ما زالت تنبض بالحياة، تناول هاتفه النقال، واتصل بالإسعاف، ثم بالشرطة.
حاول أن يلحق بالخيال الذي ما زال يجري، دون جدوى، فرجع إلى مكان الجثة، وللعجب لم يجد الجثة، ولكن آثار الدماء ما زالت موجودة، وإن جفت قليلًا.
مضى من الوقت ما يقرب من نصف ساعة حينما وصلت سيارة الشرطة وسيارة الإسعاف إلى المكان الذي حدده.
تفحص الشرطي المكان فلم يجد غير بقع الدماء المتناثرة في الطريق والمؤدية إلى خارج المقبرة.
صحبه الشرطي إلى سيارته، وجلس ينتظر حضور الشرطي الآخر، الذي عاد بعد ما يقرب من نصف ساعة.
في (المخفر) قسم الشرطة حقق معه، ثم خلّى سبيله بعد أن حُرر له محضر إزعاج، فعاد إلى حيث صف سيارته خارج المقبرة، ولكنه وجد باب السيارة مفتوحًا، وأن هناك امرأة تجلس في المقعد الخلفي، وقد استسلمت للنوم، قاد سيارته قافلًا إلى الإسعاف الذي أخذ جثمان المرأة شبه المقتولة.
وجاءت الشرطة مرة أخرى لتكمل التحقيق، ولكن المرأة كانت قد فارقت الحياة، وجرى القبض عليه والتحقيق معه مرة أخرى.
يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.