في وقت ما كان أحمد وزوجته في مرحلة تذبذب في حياتهما الزوجية؛ مرحلة كان يسودها شيء من الملل كأي فتور يمر بين كل زوجين.
كان إبليس مترقبًا ليبدأ إرسال رسله من شياطين الإنس، وبالفعل ذات يوم حين كان أحمد يعمل في الصيدلية كالمعتاد مرت عليه بنت إبليس.
فتاة اسمها إيمان، لا تتعجبوا فالشيطان لا يظهر لك أبدًا بصورته القبيحة، بل يظهر بالصورة التي تحبها أنت ويتجمل حتى يوقعك في شباكه.
دخلت إيمان الصيدلية تسأل أحمد عن فرصة للعمل معه، وكانت تنظر بعيونها نظرات حانية لامعة، ويزيد إبليس إتقان دوره، كانت إيمان ترتدي النقاب، فَكَمْ يعلمُ الشيطانُ عنا ما لا نعلمه، يعرف كيف يلقي بالطعم ويجعله كما يتمنى الشخص.
بالطبع بعد الكلمات الرقيقة والنظرات الحانية من إيمان قال لها أحمد:
-«اتركي رقمكِ وسأبلغكِ إن كان يوجد فرصة عمل لكِ»
كتبتْ له رقمها، ونظرت في عينه نظرة لامعة خاطفة وانصرفت.
وتسللت بالفعل بعض المشاعر إلى نفس أحمد، فأُعجب بها، ولم يكن يعلم أنه رسول الشيطان بنت إبليس.
وفي اليوم التالي اتصل أحمد بإيمان وأخبرها بقبولها في العمل، لم يكن يعرف حقيقة العمل الذي تسعى إليه.
أتت إيمان في اليوم التالي مرتدية الزي الواسع والنقاب، وهو الزي الذي يفضله ويحبه أحمد، ولأنها كانت مبتدئة في العمل طلبت من أحمد أن يعلمها، وبالفعل بدأ يعلمها ويشرح لها، وبدأ يلاحظ نظراتها له أيضًا.
نظرات كانت يري فيها أحمد كثيرًا من المشاعر التي يريد الشعور بها بالأخص في تلك المدة، وفي أيام قليلة تحولت النظرات إلى ضحكات ومزاح واقتراب أكثر من المرح.
حتى أتت في يوم من الأيام زوجة أحمد وأخته إلى عمله ليمران عليه سريعًا، ولكنهما لاحظتا نظرات إيمان لأحمد التي تحمل تلك المشاعر لأحمد، وفي اليوم التالي سألت أخت أحمد:
- من تلك الفتاة التي كانت تنظر إليك كثيرًا؟ لم تذهب عيونها عنك وأنت تتحدث معنا..
فأخبرها أحمد أنها مجرد متدربة في المكان، وجال في عقله وخاطره تلك الكلمات.
وأخبرته زوجته أن يحذر تلك الفتاة فنظراتها له لم تعجبها...
(وأنصحكم أيها القراء: صدِّقوا إحساس المرأة)
ولكن أحمد أخبرها أيضًا أنها مجرد متدربة في المكان لا أكثر.
وتمر الأيام ويزيد الضحك والمزاح والنظرات، وأصبح الحديث بين أحمد وإيمان لا يقتصر فقط على العمل، بل بعد العمل، وليلًا ونهارًا، وفي الهاتف أحيانًا، وعلى الواتساب كثيرًا.
وتبدأ الخطوة الثانية من خطة بنت إبليس
ذات يوم أثناء العمل لاحظ أحمد على إيمان الغضب فسألها:
- ما بك؟
فأخبرته أنها تغار عليه كثيرًا، وغضبها بسبب غيرتها عليه.
بالطبع فهم أحمد المغزى، فلا يغار إلا من كان محبًّا.
ابتسم أحمد مبتلعًا الطُعم بكل سذاجة وغباء، وأخبرها أنه سعيد بتلك المشاعر، وأنه يكِن لها المشاعر نفسها أيضًا، وقد نجحت بنت إبليس في خطوتها الثانية، وهي إيهام أحمد بأنها تغار عليه وأنها تحبه.
وتبدأ بنت إبليس خطوتها التالية
بعد أيام من المرح والمشاعر بين أحمد وإيمان، فجأة تختفي إيمان من يوم أحمد، لا ترد على اتصاله، لا تجيب على رسائله، وأحمد لا يفهم سببًا أو شيئًا.
لم يكن يعرف أنها طريقة الشيطان لصنع غافل كما يصنع تجار المخدرات المدمنين، يعطيك جرعة من السموم لمدة، ثم يمنعها عنك، ثم يظهر أمامك مجددًا ويحمل كثيرًا من المخدرات والسموم.
لكن في تلك اللحظة لن تنال مخدرك إلا إذا أصبحت أسيرًا..
أسلوب شيطاني متقن.
وبالفعل ظهرت بنت إبليس بعد ثلاثة أيام من الغياب، وأتت أحمد في العمل، وهنا ستبدأ خطتها الحقيقية والخطوة المهمة.
قالت إيمان لأحمد:
- أنا أحبك وأريدك، لكني أغار عليك من زوجتك، وأهلي لن يوافقوا على زواجي منك وأنت متزوج...
فأخبرها أحمد عن حال الملل، وأنه غير سعيد، وأنه وجد معها الحب والسعادة، لم يكن يدري أن تأثيرها كتأثير المخدر، وبعد سماعها تلك الكلمات منه أخبرته أنها تود أن تكون معه وأن تتزوجه، وقالت له:
- عليك التخلص أولًا من زوجتك..
فما كان منه إلا أن يوافق على طلبها، لكن بشرط أن تبقى معه للنهاية، وألا تتخلى عنه أبدًا، وأكمل أحمد قائلًا:
- اعلمي جيدًا أنني مستعد أن أفعل أي شيء لأكون معك، اعلمي جيدًا أنني سأهدم حياتي لكي أبني حياتي معك...
إذا كنت ستكملين معي المشوار للنهاية مهما حدث سأفعل أي شيء لأجلك، وإن كنت لن تستطيعي أخبريني من الآن.
ردت عليه إيمان قائلة:
- سأظل معك حتى إن اعترض أهلي، سأواجههم وإن اضطررت للشجار معهم، فأخذ أحمد منها تلك الكلمات وعدَّها وعدًا منها، ولم يكن يدري أن لا وعدَ من لسان امرأة، ولا صدق من قلب إبليس.
وتمر الأيام والشهور، وتزداد العلاقة، ويطول الحديث أكثر فأكثر بين أحمد وإيمان، وبعد أشهر قليلة انتقل أحمد ليعمل في صيدليته الخاصة، فأصبح صاحب عمل.
ولم تكن إيمان تتركه وحده حتى لساعات، فكانت تلاحقه على الهاتف والواتساب، والآن تلاحقه في مكان عمله الخاص، أصبحت تذهب إليه كثيرًا، وتجلس معه ساعات كثيرة.
ولا يوجد أهل يسألون أين هي؟ وماذا تفعل؟
ما أثار فضول العاملين بالمكان؛ مَن تلك؟ وبأي صفة هي هنا؟
لكن لا أحد يمكنه الاعتراض، وبعد وقت قصير أصبح وجودها في المكان أمرًا طبيعيًا، وكانت تجلس معهم حتى ينتهي موعد العاملين، وتبقى هي مع أحمد بمفردهما.
ويدور الحديث وتفيض عليه بالكلمات والنظرات والمشاعر، فلم يجرؤ أحمد أن يلامسها ظنًا منه أنها ذات خلق وحياء وحشمة، لكن...
ذات يوم ذهبت لأحمد في عمله وهي تعلم أنه بمفرده، وكانت تقف إلى جواره، ولأول مرة مدت يدها لتملس يد أحمد، وكانت بالنسبة لأحمد خطة كبيرة ومرحلة مختلفة، نعم فتلك الفتاة ذات النقاب والحشمة تلمس يده وتتقرب منه.
وبعدها بقليل طلبت إيمان من أحمد أن يلتقطا صورة لهما معًا، بالطبع وافق أحمد واقترب منها ليلتقطا الصورة، فنظرت في عينيه وهو قريب منها نظرة تُغفل العقل، فاقترب أحمد منها أكثر حتى لامس صدره كتفها ولم تعترض.
ثم اقتربت هي وأسند كتفها على ظهره وبعد لحظات ألقت إيمان نفسها في حضن أحمد.
احتضنها بقوة، لكن لم ينته الأمر عند الاحتضان، تتابع الأمر وحدث بينهما من أفعال الذنوب، فلم يُكشف نقاب الوجه فحسب، بل انكشف النقاب عن كل شيء.
وكانت تلك مجرد البداية فقط، وتوالت الأيام وكانت إيمان تذهب لأحمد باستمرار يوميًا، وأصبح الأمر يتكرر بينهما كثيرًا، على ما يبدو أن الأمر أعجبها.
وتمر الشهور، وينقل أحمد عمله إلى بلدة مجاورة، صدقوني حين أقول إنها لحقت به في البلدة المجاورة أيضًا، فالشيطان إن سمح بخطوة إليك لن يتركك.
كانت إيمان تذهب إلى أحمد في عمله في البلدة المجاورة، وذات يوم تحدثت إليه أنهما لا بد أن يتخذا خطوة في علاقتهما، وبالفعل بدأ الغافل أحمد في بدء خطواته.
فاتفق مع زوجته أن يبتعدا مدة تمهيدًا للانفصال؛ فلم يكن بين أحمد وزوجته شيءٌ يرتقي للانفصال، لذا وافقت الزوجة على الابتعاد مدة.
وبعد زمن ذهب أحمد لوالد إيمان يطلب يدها، وبالطبع عدم ظهور الزوجة أشاع الانفصال الذي لم يكن قد حدث بالفعل، ولكن قد علم كثير ممن حولهم أنه سوف يحدث لا شك.
وبعد أن تحدث أحمد إلى والد إيمان أجابه والدها بعدم اعتراضه، لكن التوقيت لا يسمح الآن بسبب ظروفه المادية، ربما ننتظر مدة، والغريب أن الرجل لم يرفض صراحة وقطعًا، لكنه ماطل ليكمل أركان لعبة الشيطان.
بعد ذلك لم تتوقف إيمان عن ملاحقة أحمد، فأصبحا يلتقيان في العمل والمتنزهات والمطاعم ويتحدثان في الليل صوتًا وصورة.
وبالطبع لم تخلُ المحادثات من وجود أمور مشينة وغير أخلاقية، بل أصبحت مبدعة ومبتكرة في هذا الأمر، كيف لا وهي بنت إبليس؟
وعلى الجانب الآخر كان لا بد من حسم الأمر بين أحمد وزوجته، وحاول كثيرون حل الأمر لتعود الحياة بينهما، لكن كانت العلاقة قد انتهت من جانب أحمد بالفعل، وأصبح تحت تأثير الغفلة، وأعمى الله بصيرته، فأصر على رأيه بأن ينفصل عن زوجته حتى يكمل مشواره مع إيمان.
هذا الذي يُطلق عليه أعمى البصر والبصيرة؛ هذا ليس أول من خرج من الجنة كي يذهب بنفسه إلى النار، هذا الذي سلط الله عليه نفسه واستحوذ عليه إبليس وأتباعه.
نكمل...
بعد أن أنهى أحمد إجراءات الطلاق، لم يكن يعلم لماذا كانت تجري دموعه أثناء الطلاق؟ لعل في داخله شيء من الحياة يستغيث، لكن من أضل من شخص عَمِيتْ بصيرته.
انفصل أحمد عن زوجه، وأثناء عودته اتصل بإيمان ليخبرها أنه طلق زوجه، حينها أصدرت زغاريد فرحة، كيف لا؟
وهذه اللحظة هي أجمل لحظة في حياة الشيطان؛ فكم كان إبليس فرحًا ببراعة ابنته...
وتمر الأيام وتستمر إيمان في ضخ المشاعر كافة لأحمد حتى لا يشعر بشيء ينقصه أو أن يفكر فيما خسره، واستمر الأمر هكذا 6 أشهر، وكان قد علم أحمد بخبر زواج طليقته من شخص آخر، وبالطبع أخبر إيمان بذلك.
وبعد أن اطمأن إبليس أنه أنهى مهمته كاملة، وبعد أن تيقن أن هدم بيت يحبه الله ورسوله بدأ في كتابة سطور النهاية، فلقد بدأت بنت إبليس إيمان تغير معاملتها.
وبعد وقت قليل أرسلت إيمان لأحمد أنها تريد إنهاء العلاقة، وبعد سؤال وحديث دار بينهما أخبرته أنها لم تكن متيقنة من مشاعرها تجاهه فتعجب أحمد كيف لا تكوني متيقنة وحدث بيننا كل ما حدث.
في نهاية الحديث أخبرته أنها لن تكمل، وانتهى الحديث وانتهت العلاقة بينهما، وانتهت مهمة إبليس وابنته، وانتهى أحمد وانتهت حياته التي استطاع إبليس أن يجعل أحمد يهدمها بيديه.
والآن أصبح أحمد وحيدًا يأكله الندم يوميًا، يدور في متاهة بعد أن دمر حياته الزوجية وتدمر عمله، وأصبح يتقلب في لهيب الحياة، نار من قبل نار، ندم وحسرة يأكلان من عمره كل يوم؛ ندم على ما ضيع، وندم على ظلم مَن كانت زوجته التي لم تكن تستحق منه فعل هذا، ندم على سنوات ضاعت من عمره هباء.
وفي النهاية لكم من القصة عبرة؛ حافظوا على حياتكم وأزواجكم وزوجاتكم، كل علاقة إنسانية لا بد وأن تمر بأزمات؛ فلا تحرقوا المنزل من أجل فأر، ولا تضيعوا من العمر أيامًا.
يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.