في قلب الظلام الدامس، وفي مكان يُعرَف بـ "وادي الوحوش"، كان هناك رجل يُدعى عمار. وقع عمار في الأسر عندما كان في رحلة استكشافية للبحث عن النباتات النادرة. مكان الأسر كان كئيبًا ومملوءًا بالوحوش المرعبة التي لا تعرف الرحمة.
كل ليلة، كان عمار يجلس في زاوية زنزانته الباردة، يستمع إلى أصوات الوحوش التي تمزق الليل بصراخها المرعب. كانت الزنزانة مصنوعة من حجارة صلبة، ولم يكن هناك منفذ للهروب. لكن عمار كان قوي العزيمة ولم يستسلم للخوف.
في إحدى الليالي، عندما كان يستمع لصراخ الوحوش من بعيد، بدأ يُفكر في خطة للهروب. قرر استخدام مهاراته كعالم نباتات لمحاولة التسلل خارج الوادي. كانت فكرته تدور حول استخدام النباتات السامة التي يعرفها جيدًا لتحضير سموم يمكنه بها إبعاد الوحوش عن طريقه.
خلال النهار، لاحظ عمار أن الوحوش تبتعد عن بقعة معينة في الوادي، حيث تنمو نباتات غريبة ذات رائحة نفاذة. قرَّر أن يستخدم هذه النباتات لصنع مادة طاردة للوحوش. بدأ بجمع الأوراق والزهور بعناية في ليالٍ متعددة عندما تكون الوحوش بعيدة.
بعد أسابيع من التجارب، نجح عمار في تحضير مسحوق قوي يمكنه أن يشل حركة الوحوش مدة قصيرة. مع ذلك، كان يعلم أن الطريق إلى الحرية مملوء بالعقبات ويحتاج إلى أكثر من الشجاعة والسموم للخروج.
في ليلة مظلمة، عندما كان القمر مختفيًا خلف الغيوم، قرَّر عمار أن ينفذ خطته. رشَّ مسحوقه السحري حول مدخل الزنزانة وانتظر بصبر. لم يمضِ وقت طويل حتى اقتربت الوحوش من الزنزانة، لكنها توقفت فجأة عندما شعرت بالرائحة النفاذة.
استغل عمار الفرصة وبدأ بالتحرك بحذر نحو خارج الوادي. كلما اقترب من حافة الوادي، كانت الوحوش تحاول الاقتراب منه، لكن رائحة مسحوقه كانت تردعها. تابع طريقه بحذر، محافظًا على هدوئه وتركيزه على الرغم من الخوف الذي كان يعتصر قلبه.
في منتصف الطريق، واجه عمار أكبر وأخطر وحش في الوادي. كان هذا الوحش يحرس مخرج الوادي، ولم تتأثره الرائحة السامة بنفس القوة. أدرك عمار أنه بحاجة إلى خطة بديلة، فقرَّر استخدام قدراته في التواصل مع الطبيعة.
بدأ بإصدار أصوات غريبة، كانت نوعًا من النداء للنباتات المحيطة به. استجابت النباتات السامة لندائه وبدأت تنمو بسرعة كبيرة حول الوحش، ما جعله محاصرًا وغير قادر على الحركة.
اغتنم عمار الفرصة وركض نحو المخرج. كان قلبه ينبض بسرعة جنونية، ورئتاه تحترقان من الجهد المبذول. أخيرًا، رأى الضوء في نهاية النفق، وكان ذلك بمنزلة بريق الأمل الذي دفعه للاستمرار.
خرج عمار من وادي الوحوش ليجد نفسه في غابة كثيفة. التقط أنفاسه وأخذ لحظة ليشعر بالحرية التي افتقدها. أدرك أن العالم لم يعد هو نفسه بعد هذه التجربة، وأنه أصبح أقوى وأكثر شجاعة.
قرَّر العودة إلى قريته، لكن ليس بصفته باحث نباتات عادي، بل بصفته محاربًا نجا من وادي الوحوش. كان يعرف أن مهمته لم تنتهِ بعد، فقد قرَّر العودة في يوم من الأيام، ليس بدور ضحية، بل بدور قائد، لتحرير باقي الأسرى والوحوش نفسها من عذاباتها.
بهذا العزم الجديد، بدأ عمار رحلته نحو منزله، وهو يحمل معه قصص الشجاعة والإرادة الحديدية التي ستبقى ترويها الأجيال القادمة.
يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.