المومياء الصارخة.. لا تفزعوا! وكيف وقد أثارت ورؤيتها في نفسي كثيرًا وكثيرًا من الخوف لمجرد النظر إليها!إنها تلك المومياء التي لا تزال محفوظة في قاعة المومياوات بالمتحف المصري بالتحرير، ومن المقترح أن هذه المومياء للأمير "بنتاؤر" ابن الملك "رمسيس الثالث"، الذي حكم ما يقرب من اثنين وثلاثين عامًا.
فلم تمر السنوات الأخيرة من حكم الملك بهدوء، لأننا نجد مع نهاية عهده الطويل قد حدثت المؤامرة التي أوصلت بنتاؤر إلى تلك الهيئة.. فمن هيئته المرعوبة نستدل على أنه مات ميتة بشعة، وذلك لتآمره على والده مع أمه "الملكة تي" إحدى زوجات الملك غير الشرعية لقتله وتنصيبه على العرش بدلًا من والده، وقد استعانت والدته بعدد كبير من نساء الحريم الملكي، ومجموعة من رجال وموظفي البلاط الملكي، بالإضافة إلى أن المتآمرين لجؤوا إلى مجموعة من الحيل والممارسات السحرية، والتي اعتقدوا أنها تمنحهم قوة سحرية للقضاء على حراس الملك.
ومن الواضح أن هذه المؤامرة كانت في غاية الخطورة؛ لأن أغلب المتهمين يعملون في خدمة الملك الشخصية، فمنهم أربعة سقاة ملكيين، ورئيس الخزانة، ورئيس الرماة، وقائد الجيش، وتسعة وعشرون متهمًا آخرون، بالإضافة إلى عدد كبير من الحريم الملكي، وبعض من موظفي الحريم، مثل مفتش الحريم وكاتب الحريم ورئيس الحريم.
ولكن باءت المؤامرة بالفشل، وقُبض على المتآمرين، وتكونت المحكمة من أربعة عشر قاضيًا، وللأسف كانت خيانة أخرى للملك من قبل اثنين أو ثلاثة من القضاة، وحُكم على بعضهم بصلم الأذن وجدع الأنف وعلى بعض آخر بالإعدام، وعلى آخرين بقتل أنفسهم!
وقد حفظت أسرار تلك المؤامرة في ثلاث برديات وهي: "البردية القضائية المحفوظة في متحف تورين"، و"بردية رولن" و"بردية لي"، ولم تذكر أي من هذه البرديات مصير الملكة "تي".
وحُكِمَ على الأمير "بنتاؤر" بالإعدام، ودفنت المومياء الصارخة بخبيئة الدير البحري، في تابوت خشبي بسيط، ولكنها على عكس عادة المصريين لم تكن ملفوفة بلفائف الكتان الأبيض النقي بل بجلد الماعز، فكان المصريون القدماء يعتقدون أنه غير طاهر أو غير نقي، كما أن المومياء لم تُحنَّط كباقي المومياوات بل جُفِّفَت بملح النطرون، وصُب الراتنج داخل فمه المفتوح، كما وجدت يداها وقدماها مربوطة بحبال من الجلد.
يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.