في غابة شاسعة الأطراف قليلة الحيوانات، كانت تعيش غوريلا وحيدة، ولكنها سعيدة، فكل شيء متوفر لديها من ثمار شهية، تأكل منها إذا شعرت بالجوع، وتشرب من البحيرة ذات الماء العذب.
وذات يوم رأت على أحد الأطراف قردًا يتحرك ببطء، فاقتربت منه، وأخذت تلاطفه بحنان، وتلاعبه بخفة؛ فأنس إليها، ونزل من أعلى الشجرة، وجلس قبالة الغوريلا.
كان الفارق بينهما كبيرًا في الحجم.
سألته الغوريلا: لماذا جاء إلى هذه الغابة؟ قال وهو يبكي بحرقة:
لقد جاء صياد واصطاد أسرتي، أبي وأمي وأختي الصغيرة، واستطعت أن أهرب منه في ظل شجرة، واختبأت بين الأشجار في الحديقة المجاورة للغابة، ولكنني لمحته مرة أخرى، وهو يحاول أن يصطاد مجموعة أخرى من الحيوانات المسالمة، فقررت أن أهرب من هذه الحديقة، وجئت إلى الغابة.
ورحبت به الغوريلا، وأخذت تعطيه بعض الفواكه الطازجة، وطلبت منه أن ينبهها إذا جاء أي غريب إلى الغابة.
لم تمض غير أيام إلا وجاء الصياد إلى الغابة البعيدة، لعله يجد صيدًا ثمينًا في هذا الغابة، فقد اختبأت كل الحيوانات منه، وأسرع القرد إلى صديقته الغوريلا، ينبهها إلى الخطر القادم إليهما.
بسرعة حفرت الغوريلا حفرة عميقة، وغطتها بالأعشاب، فلم تظهر الحفرة، وظهر فجأة أمامهما الصياد عن بعد، وأخذ يقترب منهما رويدًا رويدًا، فهو لا يقتل الحيوانات، بل يأسرها سليمة ويبيعها لحديقة الحيوانات.
واقترب الصيد بحذر خطوة بخطوة، وعندما وصل إلى الحفرة، سقط فيها، فنظر إليه القرد وهو يقول له بقسوة:
أرشدني إلى مكان أبي وأمي وأختي، وأنا أساعدك في الخروج من الحفرة سليمًا.
وبالفعل أرشده الصياد إلى أسرته، فأطلق سراحهم، ثم عاد إلى الصياد وقال له بغلظة:
لا تأتِ إلى هنا مرة أخرى، وإلا قتلتك الغوريلا.
وعاش الجميع في سعادة ومرح، يقفزون من شجرة إلى شجرة، وقد زال ما يهدد أمنهم، وعاشوا على الثمار الكثيرة في كل مكان، والمياه العذبة في البحيرة التي تتوسط الغابة.
يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.