عوض شرار يوليو 14, 2023, 10:43 ص

قصة "الفقراء لا يأكلون العسل".. قصة قصيرة

ذهب صديقي أمجد إلى بيت أبي علي لكي يأخذه معه للعمل في ورشة بناء. ولكن أبا علي قد خرج منذ ساعة ومعه بندقية صيد.

قال أمجد لأم علي من وراء الباب: «وأين أجده؟ أريده معي غدًا في ورشة بناء». قالت أم علي: «ستجده في الجبل الشرقي. قد يجد هناك بعض حيوانات الضب أو ما شابه. لم نذق طعامًا منذ الأمس» وعادت إلى حجرتها.

اتجه أمجد إلى الجبل الشرقي، وكل بضع خطوات كان ينادي «وا أبو علي. أين أنت؟». لكنه لم يسمع جوابًا. وأخذ يتسلق الجبل وهو ينادي على أبي علي دون جواب.

وعندما أصبح على رأس الجبل، شاهد ظل إنسان. فاتَّجه نحوه. «أنت هنا؟ لماذا لم ترد؟». أشار له أبو علي بيده حتى يصمت ويقترب بهدوء.

فصمت أمجد وصار يتحرك الهُوَيْنى. لقد ظنَّ أن أبا علي يتربص بطائر أو حيوان ما لكي يصطاده. ولما وصله أمجد، سأله لماذا هو ساكن وصامت.

فقال أبو علي همسًا «هل ترى تلك النحلة؟ إنها تجمع غذاءً لخَلِّيتها». وأشار بأصبعه إليها.

«حسنًا، وماذا أنت فاعل؟». أجاب أبو علي وهو يتحسس شواربه: «سأتبعها حتى أجد الخلية. إنها ستُبلِّغ أخواتها بأنه يوجد طعام في ذلك المكان وسيأتي النحل لينقل الطعام. فنحل العسل لا يعيش منفردًا. وأخيرًا سنأكل عسلًا».

«حسنًا، يمكنك غدًا أن تشتري عسلًا، جئتك لكي تعمل معي في ورشة بناء».

قال أمجد وتمدَّد تحت شجرة شوكية ظليلة وراح يفكر:

«لم يسقط مطر منذ سنتين، وجفَّ العشب وجفَّ كل شيء مزهر معه، وأجدبت الأرض. فعلى ماذا يتغذى النحل؟».

لما ظلَّت النحلة في مكانها مدة تزيد على ساعة، قلق أبو علي. «أيُعقل هذا؟ مضى وقت طويل على النحلة وهي تأكل. سأقترب منها وأُلقي نظرة».

سار أبو علي بمنتهى الهدوء والحذر نحو النحلة لكيلا يزعجها حتى وصل إليها. لقد كانت تلفظ أنفاسها الأخيرة. فأمسكها بأصبعيه، السبابة والإبهام، ونادى على أمجد:

«انظر يا أمجد. ممنوع على الفقراء أكل العسل. ماتت النحلة. لقد جفَّ جسمها لنقص الماء. النحل يحب الماء».

«لقد أضعت وقتك سُدى. لو أمضيت هذا الوقت الذي قضيته بمراقبة النحلة، في الصيد، كنت اصطدت زوج حمام أو أكثر أو ضبًّا سمينًا. الحمام يتأثر بالقحط، ولكنه يستطيع أن يطير لمسافات بعيدة بحثًا عن الغذاء. المهم أن يجد مكانًا آمناَ ليبني عشه فيه».

سأل أبو علي وبانَ عليه الاهتمام التام: «وأين يمكن أن يبني عشه؟».

«وهل ستذهب للبحث عنه في أعالي الأشجار وأعماق الآبار والكهوف المهجورة؟ هل ستعمل معي غدًا في ورشة البناء؟ كلمة واحدة: نعم أو لا؟».

استكشف المزيد حول قصة قصة قصيرة العسل

بقلم عوض شرار

مترجم عربي-انجليزي—فرنسي—عربي، ناقد أدبي ومقيّم في onlinebookclub.org حيث تعاملت مع عشرات الروايات باللغة الإنجليزية.اعتذرت مؤخرا لضيق الوقت كاتب روائي باللغة الإنجليزية ( 4 ) روايات . جامعي.

ملاحظة: المقالات والمشاركات والتعليقات المنشورة بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل الرأي الرسمي لجوَّك بل تمثل وجهة نظر كاتبها ونحن لا نتحمل أي مسؤولية أو ضرر بسبب هذا المحتوى.

تعليقات

يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.

مقالات ذات صلة