في قرية صغيرة هادئة بعيدة عن العمران كان يعيش فتى يدعى (ياسين). كان (ياسين) مختلفًا عن الأطفال الآخرين، فبينما كان الآخرون يضحكون ويلعبون، غالبًا ما كان يجلس وحده يراقب العالم بعينين حزينتين مشتاقتين إلى الحب والحنان؛ فوالداه كانا دائمًا مشغوليْن جدًّا بعملهما بحيث لم يلاحظا الوحدة التي ظلَّت على قلب ابنهما.
كلَّ صباح يستيقظ (ياسين) على منزل خالٍ، فقد غادر والداه في وقت مبكر وعادا في وقت متأخر وتركاه ليعيل نفسه. ورغم أن البيت كان مليئًا بالأثاث والخيرات واللعب الجميلة فقد شعر بالبرد والفراغ والوحدة، كانت الجدران كأنها تصرخ بصمت، وبدت الغرف وكأنها تهمس بحكايات عن الإهمال.
في المدرسة لاحظ أساتذته سلوكه الهادئ، فنادرًا ما كان يتحدث، وعندما يتحدث كان صوته ناعمًا ومترددًا وضعيفًا، وشعر رفقاء صفه باختلافه؛ لذا غالبًا ما كانوا يتركونه خارج ألعابهم ومحادثاتهم، فقد كان رفاقه الوحيدون كتبه وخياله.
وذات يوم، وفيما كان ياسين يتجول في أطراف القرية، عثر على مكتبة قديمة مهجورة المبنى، وكانت جدرانها مغطاة باللبلاب، وكانت النوافذ متربة، لكن (ياسين) شعر بميل غريب نحو دفع وفتح الباب. وقد فتحه، وأصدر صريرًا عاليًا، ودخل ياسين وشعر بهواء سميك وبرائحة الأوراق القديمة والقصص المنسية.
قضى ياسين ساعات في المكتبة، نسي وقته ونفسه في صفحات المغامرة والخيال، وأصبحت الشخصيات في الكتب أصدقاءه، قصصهم تملأ الفراغ في قلبه، لقد وجد العزاء والأصدقاء.
يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.