قصة الطفلة «آسيا»

آسيا... فتاة لم يسبق لها مثيل، جميلة، بريئة، هادئة الطِباع، تمتلك عينين تستطيعان لمس القلوب بمجرد النظر بداخلهما، تبدأ حياتها كأي طفل ينعم بحياته مع والديها، حيث الدلال والرفاهية والحب والعطاء، فهي الطفلة المدللة والوحيدة لأبٍ يمتلك كثيرًا من الأراضي الزراعية والأملاك؛ ولذلك فهي تحيا حياة رائعة منذ نعومة أظافرها...

ولكن تأتي الرياح بما لا تشتهي السُّفُن. ففي أحد الأيام وبدون سابق إنذار، وعندما كانت آسيا تلهو مع رفاقها، ينشب حريق مفاجئ في منزلها الجميل، لا يُعلم حتى الآن سبب الحريق، وعندما كانت تركض وتضحك بطاقة الأطفال، حينها تصرخ والدتها باسمها:

- آسيا، ابنتي، حافظوا عليها، احموها.

كانت الأم تردد تلك الكلمات حتى صعدت روحها إلى بارئها، في ذلك الحين لم يستطع والد آسيا مقاومة الاختناق، ورغم محاولة أهل البلدة مساعدتهما، فإن بطء الإسعافات لم يكُن في صالحهما، وعندما استطاعوا إخماد الحريق، كان قد فات الأوان. حتى ذلك الحين لم تعلم آسيا شيئًا عمَّا حدث، ولكنها عادت أخيرًا إلى منزلها.. تنظر بخوف ورهبة لا تعلم ما سببهما، تشاهد التجمعات وتستمع إلى الهمسات، ولكنها تتطلع لرؤية والديها، وتردد في أثناء سيرها بين الحشد:

- أين أمي؟ أين أبي؟ ما به منزلنا؟

لتستمع إلى ردود لم تستطع استيعابها:

- لا حول ولا قوة إلا بالله، أصبحت يتيمة هذه الصغيرة المسكينة!

لتستمع إلى جملة أخرى لقائل:

- ليتها كانت معهما، نعم، فمعهما حتى في وفاتهما أفضل لها مما ستراه من عائلتها، فلا همَّ لهم سوى المال فقط.

صارت ترجف وقلبها يخفق بقلق وهي تردد:

- لمِ لا يجيبُني أحد؟ أين أمي؟ أين أبي؟ ما به منزلنا لونه أسود؟

لتقترب منها إحدى الجارات وتحتضنها وتربت على ظهرها ببكاء وهي تقول:

- لقد اشتعل حريق بمنزلكم يا طفلتي، والداك الآن بمكان أفضل بكثير.

تقاطعها آسيا قائلة:

- ولِمَ يرحلان ولم يأخذاني معهما؟ هل هُما غاضِبان مِني؟

تبكي تلك الجارة وهي تقول:

- لو تعلمين كم صرخت أُمُّكِ باسمك! فهي لم ترغب في شيء حينها سوى حمايتك.

تبكي آسيا قائلة:

- أين هم يا خالتي؟ خذيني إليهما.

تحتضنها الجارة بقوة وتقول ببكاء:

- رحمة الله عليهما، جميعنا سنلحق بهما، ولكن كل منا له ميعاد للحاق بهما.

تجيبها آسيا بدموع:

- هل يتأخر ميعاد ذهابي إليهما؟ لا أريد مفارقتهما، أرسليني إليهما، لا يمكنني فعل شيء وحدي، أريد الذهاب إلى أمي وأبي. 

ملاحظة: المقالات والمشاركات والتعليقات المنشورة بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل الرأي الرسمي لجوَّك بل تمثل وجهة نظر كاتبها ونحن لا نتحمل أي مسؤولية أو ضرر بسبب هذا المحتوى.

ما رأيك بما قرأت؟
إذا أعجبك المقال اضغط زر متابعة الكاتب وشارك المقال مع أصدقائك على مواقع التواصل الاجتماعي حتى يتسنى للكاتب نشر المزيد من المقالات الجديدة والمفيدة والإيجابية..

تعليقات

فصة جميلة حزينة
سرد أجمل إحساس صادق 🙏
أضف ردا

يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.

يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.

مقالات ذات صلة
بقلم طارق السيد متولى
بقلم محمد احمد الهواري
بقلم محمد احمد الهواري
بقلم محمد حلمى عطيه