في ليلة حالكةٍ قرر يوسف أن يترك كل شيء وراءه، ويسعى إلى حياة جديدة في بلد بعيد هاربًا من واقعه المر، ومفتتحًا حياة جديدة قائلًا: بسم الله الرحمن الرحيم، بسم الله رب كل شيء، رب البدايات والنهايات العلي الكبير، كان الشوق إلى الحرية والأمل في مستقبل أفضل يدفعانه إلى المغامرة.
بدأت رحلته بالتجمع مع مجموعة من الناس، كان فيها الأطفال والنساء وشيخ طاعن في السن، بدأ يوسف بخطوات حذرة يصعد تلك السيارة التي جاءت لتأخذه إلى وجهته، كان يعلم حجم المخاطرة التي يفعلها، فطريقه بعيد، يحتاج إلى عدة أيام، وعلى أقل تقدير أسبوع؛ للوصول، فرحلته في صحراء قاحلة.
جاءته السيارة، ونزل من مقعد السائق رجل ذو بشرة سمراء، طويل القامة، قوي البنية، قال له بصوته الأجش:
- أنت يوسف؟
- فأجابه يوسف: نعم
- قال له: اصعد في الخلف مع هؤلاء الناس.
نظر يوسف إلى وجوههم، رأى الخوف في عيونهم، ربما كانت تلك ملامح بعض الحماس المختلط بالخوف، رأى تلك الحقائب المرمية في أرضية السيارة، والناس جالسون فوقها، كان عددهم 7 أشخاص، خيل إليه الأغنام، نعم الأغنام، فهم جالسون في الخلف كالأغنام، يتراصون فيما بينهم، نظر إليه ذلك الأسمر قائلًا:
- ألا تريد الصعود يا رجل؟ لا نريد أن نتأخر، اصعد، وتشبث بكل قوتك حتى لا تسقط في الطريق، فلن نتوقف وقتها.
وأطلق ضحكة طويلة بصوته الأجش، فصعد يوسف، وجلس في زاوية السيارة من الخلف بعد أن تزاحم مع الجالسين.
انطلقت السيارة، فما لبث حتى وجد نفسه في قلب صحراء قاسية في الظلام الدامس، وصوت الريح يكاد يمزق أذنيه، بدأ بقراءة ما تيسر من القرآن والأدعية المخصصة للسفر، كان الظلام دامسًا، والريح باردة تكاد تمزق جلده، وتخترق عظامه، كان ينظر إلى تلك الرمال التي تحول لونها إلى الأسود بحلول الليل.؟
كان ينظر حوله معتمدًا على ضوء القمر الباهت، كان القمر مكتملًا، وبعد مرور ساعات وهو بالصحراء، والسيارة منطلقة بأقصى سرعتها، والوقت بعد منتصف الليل نحو الساعة الثانية، رأى طيفًا يمشي جانب السيارة، وكانت السيارة متوقفة، أغمض عينيه، وفتحهما مرة أخرى؛ ليجد أنه اختفى ذلك الطيف.
ضحك، وقال إنه من فعل النعاس حقًا، أنا نعست.
بعد مرور بعض الوقت، توقفت السيارة، ونزل السائق، وقال:
- سننتظر هنا سيارةً أخرى.
انتظرنا حتى الصباح، وبدأت رحلتنا مرة أخرى بعد أن بدلنا سيارة أخرى بسيارتنا، كانت الشمس تحرق الأرض، والرياح تحمل معها قصص الضياع والخوف في هذه الأرض الموحشة، كانت الأمور على ما يرام طيلة النهار، حتى بدأت خيوط الظلام تحل، وبدأت الأحداث المرعبة.
يتبع...
يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.