منذ صغرهما وهما متعلّقان ببعضهما البعض، حتّى إنّ والديهما قرّرا أن يزوجاهما عندما يكبران، نشأ في بيت متواضع، والده بائع أقمشة وأمّه ربّة منزل، عانا الأمرّين كي يربّيان أبناءهم الخمسة، كثرت عليهما المسؤوليّة فاضطر الأب أن يعمل في وظيفة مسائية حارس أمنيّ لدى رجل غنيّ.
كانت هذه الوظيفة بمثابة فاتحة خير عليه، فجرى المال بين يديه بفضل العطايا والهبات الّتي كان يحصل عليها من الرّجل الغنيّ وزوجته، قرّر أن يشتري شقّة في أحد الأماكن الرّاقية، ولحسن الحظّ كان جاره في الشّقة المقابلة لشقّته طبيبًا ذا سمعة طيّبة لديه ابنة وحيدة.
مرّت الأيّام وتعرّفت الأسرتين على بعضهما، ونشأت بينهما علاقة صداقة قوّيّة، ولم يتوقّف الأمر على ذلك بل وقع الفتى ابن الحارس في حبّ ابنة الطّبيب، كلتا الأسرتين كانتا تدركان مدى تعلّقهما ببعضهما البعض.
مرّت الأيّام سريعًا، وكبر الصّغيرين وزادت المحبّة بينهما، وبالفعل تزوّجا فكانت المحبة والاحترام سلاحهما لديمومة حياتهما الزّوجيّة.
لكن وبعد مرور السّنوات لم يرزقا بطفل، فبالرّغم من ذهابهما إلى الطبيب لمعرفة سبب تأخّر الإنجاب فإنّ الطّبيب أجابهما إنّهما سليمين ولا يوجد مانع للحمل.
صبرا وتحمّلا حياتهما من غير أطفال، فقد كان ذلك سبب حزن الزّوجة الدّائم، إلى أن جاء ذلك اليوم الّذي طلبت فيه الزّوجة من زوجها أن يبحث له عن عروس، لعلّ وعسى يرزق بطفل قبل فوات الأوان.
في البداية رفض بشكل قويّ ومع ضغوط أسرته وإلحاح زوجته رضخ لكنّه اشترط أن تبحث له هي عن العروس، وافقت وأخبرت صديقتها المقرّبة بنيّة زوجها بالزّواج من أخرى بغرض الإنجاب والاستمتاع بوجود الأطفال في حياته.
وحصل ما أرادت، وتزوّج زوجها وقلبها يعتصر حزنًا وألمًا، وفي ليلة الزّفاف ذرفت الدّموع بصمت ودعت الله أن يعوّضها خيرًا ويبارك لزوجها في حياته الجديدة... مضى عام وآخر وما زال قلبه متعلّق بها لا ينفكّ يذهب يوميًّا لرؤيتها ويلومها على قرار تزويجه إيّاه.
لكنّها في كلّ مرّة كانت تصبّره وتقول له إنّ ثمرة صبره ستكون طفلًا جميلًا يملأ حياته، مرّت أربع سنوات على زواجه الثّاني ولم يرزق بطفل حتى نشب خلاف بينه وبين زوجته الثّانية وعلى أثره طلبت الطّلاق وانفصلا.
عاد إليها والشّوق صار أضعافَ ما كان عليه في الماضي، وأخبرها بأنّ حياته من غيرها لا تساوي شيئًا، وأنّه راض بقضاء الله وقدره...
هي أيضًا كانت تعدّ الثّواني كي تراه عندما كان متزوجًا... كانا راضيينِ بما قسمه الله لهما وعاشا حياتهما بالمودّة والسّعادة، وخصّصا جزءًا من وقتهما لرعاية الأيتام وأعمال الخير.
يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.