السيد شريف رجل متدين لديه مكتبة قرطاسية في السوق، دخلت عليه ذات يوم امرأة ريفية قائلة له: داخله على الله وعليك يا شيخ شريف تكتب لي حجاب.
قال الشيخ شريف: خير إن شاء الله يا ابنتي.
قالت: يا شيخي أصبح لي خمس سنوات متزوجة ولم أنجب، أرجوك أن تكتب لي حجابًا عسى ربي أن يرزقني بولد.. لقد دلني عليك أولاد الحلال، وقالوا لي إنك رجل مبارك ولك كرامات، عسى ربي أن يكرمني بولد بفضل دعائك وحجابك.
همهم الشيخ شريف وقال لها: امكثي بعض الوقت لأكتب لك حجابًا. جلس إلى مكتبه وكتب على قصاصة ورق ما ألهمه الله من آيات قرآنية وأدعية ثم لف الورقة على شكل حجاب مثلث الشكل، وأمرها أن تحافظ عليه وتعلقه في رقبتها كقلادة وعلمها شيئًا من الأدعية لتقولها في كل يوم .
أخذت المرأة الحجاب وانصرفت.. ومضت أشهر لا يدري كم هي ونسي الشيخ شريف الموضوع من أصله.
وذات يوم حضرت المرأة إلى مكتبة الشيخ شريف وهي تحمل بين يديها طفلاً رضيعًا ويتبعها خروف أنزلته من سيارة بيك آب مع كيس من الصوف.
دخلت إلى المكتبة لم يكن الشيخ شريف موجودًا بل كان أحد أبناء عمومته فيها، سألت عنه فقال قريبه أنه ذهب لبعض شأنه ولن يعود قريبًا.
قالت المرأة إذا حضر الشيخ قل له جاءتك المرأة التي كتبت لها حجابًا منذ أشهر وتبشرك أن الله رزقها طفلاً بعد طول انتظار بفضل دعائك، وقد أحضرت له هذا الخروف وكيس الصوف هدية مني وعرفانًا له بجميله عليّ.
قال قريبه ابشري وصل حق الشيخ.. بينما غادرت المرأة أرسل قريب الشيخ شريف إلى القصاب أن يأخذ الخروف ليذبحه ويسلخه ويقطعه قطعا لطبخة ثريد ثم ليرسله إلى بيته.
بعد وقت حضر الشيخ شريف فقال له قريبه أن امرأة من الريف حضرت ومعها كيس الصوف وكانت تحمل طفلاً رضيعًا وهي تقول أن الله رزقها طفلاً بفضل دعاء الشيخ شريف.. ولم يذكر له الخروف بتاتًا.
وقبل أن ينصرف قال له شيخ شريف غدًا عندي وليمة وأرجوك أن تحضر.
فقال حبًّا وكرامة لكن ما المناسبة قال بلا مناسبة هي مجرد دعوة.. ودعه وانصرف ذاهبًا يدعو بعض أصدقائه للوليمة يوم غد.
حين ذهب إلى البيت قالت له زوجته ما الخبر.. فقص عليها خبر المرأة الريفية وأن الخروف أخذه إلى القصاب دون علم الشيخ شريف به وغدًا سيولم على الخروف، وقد دعا الشيخ شريف إلى الوليمة وأمرها أن تعد الطعام يوم غد.
جاء اليوم الثاني وحضر المدعوين إلى الوليمة وبحضور الشيخ شريف.. وبعد أن تناولوا الطعام وجلسوا لتناول الشاي.. قال صاحب الدعوة وهو يخاطب كبير المدعوين وكان شخصية اجتماعية مرموقة أريد أسألك سؤالاً دينيًّا أرجو أن أجد الجواب الشافي لديك، قال: ما دام السؤال ديني فيجب أن يوجه للشيخ شريف* ( فلا يفتى ومالك بالمدينة)..
قال الشيخ شريف هات ما عندك يا ابن العم:
قال رجل أخذ من رجل طعام خلسة وهو لا يدري ثم أنه دعاه إليه ليأكل منه فهل يكون آثم..
قال الشيخ شريف وهل أكل منه وشبع، قال نعم أي والله.. لقد أكل منه لحد الشبع وزيادة قال الشيخ شريف: إذا لا إثم عليه.
قال: فذلك الطعام الذي أكلته اليوم هو من خروف أخدته لك تلك المرأة الريفية مع كيس الصوف الذي أعطيتك إياه.
صعق الشيخ شريف بهذا الخبر، فقال: ألم يبق من الخروف فخذ أو كراع؟ قال هو كله طبخناه وقدمناه لكم.. وأنت قدمت الفتوى لي إنه لا شيء علي. إلا أن المضحك والمثير هو أن كل المدعوين يعلمون بالمقلب الذي صنعه قريبه ما عدا الشيخ شريف الذي أكل المقلب وفقد الاستمتاع بلحم الخروف كله مع عائلته..
فحين دعاهم كلهم كان يقول لهم تعالوا غدًا مدعوين عندي على وليمة خروف الشيخ شريف ويحكي لهم القصة.
*(لا يفتى ومالك في المدينة) مقوله اشتهرت كناية عن سعة فقه الإمام مالك بن أنس إمام دار الهجرة.
يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.