سألَ رجلٌ شيخا طاعنا في السن: صف لي الناس: فقال:
سألتَ عن الـــذي لا يسْـ أَلُ القــــــدماءُ عنـــــــه عمى
تنوَّع مَن عــــــــــــــــــــرفتُ فمِنْـ ـهُمُ البـــــحر الذي التطما
فهذا البحر ذُقـــــــــــــــــــتُ به أجـــــــــــــــــــــاجًا لا يزيلُ ظمَا
فمنهم جــــــــــــــــــــــــدْولٌ لم ينْـ ـبَجِسْ، ما منه قد طُعِما
ومنهم دائـــــــــــــــــــــــــــــــــمٌ لم يجْـ ـرِ يومًا عنـــــــــــــــــدما عظُما
فقال: قد شبّهت الناس بالبحار يا شيخ. قال: نعم، ولم أنتهِ، فأنشدَ:
وبحرٌ ميِّتٌ منـــــــــــــــهم فليس يفيد لو كرُما
وبحرٌ أسودٌ منــــــــــــهم فليـــــــــس ينير مُظَّلَما
وبحر النيلِ بعضهمُ فمن لم يدرِ قد نــــــــــدِما
وبحر الهندِ بعضهمُ فمن لم يدرِ قــــــــــد وهِما
فسأل الشيخ الكبير: هل لهم طعم مختلف؟ قال: نعم، فأنشد:
نعم واللهِ طعــــــــــــــمهمُ أشدُّ على الذي عزَما
فمنهم سائغٌ لا يشْـ ـربُ الإنسان ما حرُما
فسأل الشيخَ الكبير: هل بإمكانك وصف أعماقهم لي؟ قال: نعم، فأنشدَ:
إلى الغَرَق اضطرارُك إنْ جهلتَ العمقَ والظُلَما
على حـــــــــذَرٍ فكن أبدا لأن العــــــــمقَ قد قُسِما
هنا عمْقٌ تموت بـــــــــــــــــــــــه إذا مــــــــــــــــا جئته التهما
فما احتقرَ الغلامُ العمْـ ـقَ إلا جرَّه ورمــــــــــــــــــــــــــى
فلا تدخلْ برِجْلِك فيـ ـه...فاحذرْ...باعدِ الديَما
فأشقى الناس متحقرٌ رأى بحرًا...هــــــــــــو اقتحما
قال: هل تقول: إن الناس لا يمكن أن تعرفهم بالنظر إليهم؟ قال: نعم، فأنشدَ:
فكم خُدَعٍ طمَتْ وطفتْ أتى المخدوع فانصدَما
يرى في الشــــــــــــــــــــطِّ صورتَه فحــــــــــــــــــــــدَّث نفْسَه ذمَما
فألقاه على عقـــــــــــــــــِبٍ فـــــــــــــذاق بذلك العدَما…
وحين يغرُّ شــــــــــــــــــــــــــــــــــــــاطئُه دنـــــــــــــا منه... وحولَه ما
فما بالعُـــــــــــــــــــــــــــــــــــمق يخبره فغاص البــــــحر إذ حلما
ثم قال الشيخ:
من الناس السحابُ فمن لم يدرِهــــــــــم انهزَمـــــــــــــــــــــــــــــــا
فمن ظنَّ السحابَ سيُنْـ ـزِلُ المأمولَ النِعـــــــــــــــــــــــــــــــــما
فقد طلـــــــــــبَ المُحالَ إذا مضى ذاك السحابُ همى
فلما انتهى الشيخ، قال السائل مستغربا: هل تقول بأن الناس مراتب في منافعهم؟!
قال الشيخ: نعم، والذي يبدو لي هو:
إذا ما لم يُفْدِك أخٌ فسوف يُنيلك السقما
فلا ترجُ الغمامَ إذا أنى واغـــــــــــــــــــبرَّ وانحسَما
قال: ماذا يحصلُ حاولت معرفة حقيقة بعض الناس عندما تنظر إليهم؟
قال: نعم.
قال: من الذي يستطيع أن يعرف حقيقة الناس مثلك يا شيخ؟
قال الشيخ: التجربة علّمتني حقيقة الناس، وعرفت أكثر عنهم.
قال: في المرة القادمة سأسألك عنهم.
قال الشيخ: وأنت بنفسك يمعاملتك تعرف حقيقتهم مثلي، ولكن لا تنخدعْ بهم، ولا تغترَّ بمظاهرهم، والشهر سيُريك الحقيقة.
يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.