قصة "الرجال لا يبكون".. قصص قصيرة

لقد تحجرت تلك المقلتان، ووحده اللَّه يعلم متى يُفرج عن تلك العبرات التي وإن سقطت فإنها حتمًا ستسقي تلك البذرة المخبأة لتغدو وردًا مزهر يتراقص، بل أيضًا سوف تمسح ذلك الجمود الذي حوَّل الكون إلى أبيض وأسود.

دخل صغيرنا البيت وهو يجهش بالبكاء واتجه مباشرة لأمه فمسحت على رأسه، لكنها سرعان ما توقفت فألقت بنظرها إلى ساعة الحائط وقالت له:

-عليك بالصمت الآن فوالدك على وشك الدخول، حينها صمت ذلك الصغير الباكي وهو مرغم، فما زال هناك المزيد من البكاء والدموع لكنه لا يستطيع الاستمرار، فقد تذكَّر تحذير والده شديد اللهجة بخصوص البكاء وخاصة للأولاد الذكور، بينما البنات فلا بأس من ذرف دموعهن، أما الذكر فهو شأن آخر.

وما هي إلا لحظات ويدخل الوالد من العمل يحمل أشياء بيده من بينها لعبة كان صديقنا قد طلبها منه فأحضرها فورًا، فهو الذكر الأوحد من بين أربع بنات، ليسأل عنه الأب فيدخل ذلك الصغير ذابلًا على غير العادة، نظر الأب في عينيه فرأى دمعة متوقفة فلا هي سقطت ولا هي مُسحت، ويبدو أن صديقنا لم يلحظها حين كان يمسح دموعه، وها هي تلك الدمعة اللئيمة تفضحه أمام أبيه، فبادره بالسؤال:

-ما بالك؟

نطقت الأم وقالت: لقد كان يلعب وأنت تعلم الأولاد و.... فقاطعها الوالد دعيه هو يتكلم أليس له لسان؟ لكن قبل أن تنطق أيها الولد:

-من مصلحتك أن لا تكون قد ذرفت دموعك أمام أقرانك، حينها انتفض صغيرنا وكأن عبئًا قد أزيح عن كاهله:

-كلا يا أبي لم يرَ أحدًا دموعي، فقد أسرعت في الدخول إلى المنزل، لقد رأتها أمي فقط، فهدأ الأب قليلًا لكنه ألقى عليه تلك الملاحظة التي لطالما أسمعه إياها وهي أن الرجال لا يبكون.

في الواقع صديقنا دائمَا يُحدث نفسه:

-أنا لست رجلًا بل أنا ولد صغير، لكن والده دائمًا يملأ رأسه بأفكار تفسد طفولته، وهو لا يعيشها كما يجب "أقصد الطفولة" فهو لطالما أخذه معه إلى التجمعات التي تعج بالبالغين، التي تخلو تمامًا من الأطفال، وكأني بهذا الأب لا يريده أن يحيا طفولته، بل يريده أن يكبر بسرعة.

إن المواقف التي مرَّ بها صغيرنا تعادل ما مر به رجل بالغ، فهو بالرغم من صغر سنه فقد كان يكتم تلك الدمعة بكل ما أوتي من قوة، فحين كان يسقط أو يؤنبه المعلم، أو حتى يتشاجر كانت تلك الدمعة تأبى أن تخرج للعلن لأنه تربى على أن البكاء عيب ودليل على الضعف.

أيُّها الآباء علموا أبناءكم أنه لا بأس من بعض الدموع، فالدموع الصادقة تمسح وتطهر القلوب.

يقول أحد الفلاسفة: "إن المحبة هي الدموع، وأن تبكي يعني أنك مُحب",

ملاحظة: المقالات والمشاركات والتعليقات المنشورة بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل الرأي الرسمي لجوَّك بل تمثل وجهة نظر كاتبها ونحن لا نتحمل أي مسؤولية أو ضرر بسبب هذا المحتوى.

ما رأيك بما قرأت؟
إذا أعجبك المقال اضغط زر متابعة الكاتب وشارك المقال مع أصدقائك على مواقع التواصل الاجتماعي حتى يتسنى للكاتب نشر المزيد من المقالات الجديدة والمفيدة والإيجابية..

تعليقات
يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.
يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.

يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.

مقالات ذات صلة