أمضيت أحلى أيام الصبا بين الرحيق والعسل..
كنتُ أساعدُ في حراسة خليتنا وأنقل العسل للغرفة الملكية ولي نشاطاتٌ واهتماماتٌ وأحلامٌ ورؤى..
وكانت خليتنا مسالمةً وجميلة ولها تاريخٌ وتطلعاتٌ مستقبلية وحضارية …
وفي ليلة ربيعية وكنتُ مع النحل الحرس على باب الخلية؛ جاءنا خبرٌ من نحلات المراقبة والاستطلاع أنّ مجموعة من الدبابير الأشرار تخطط للسيطرة على خليتنا؛ كنتُ خائفًا كالكثيرين من رفاقي وزملائي وزميلاتي ولكني أيضًا مستعدٌ للدفاع والموت والتضحية في سبيل الوطن العسلي…
ولكنا ما درينا أنّ هناك ضعفًا داخليًا وهشاشةً في القيادات؛ إلا بعد أن سيطر الدبابير على الخلية بأسرها… ومات من مات وسجن من سجن ونجا من نجا…
وكنت من الذين نجوا ولاذوا بالفرار…
قررتُ وآخرين من رفاقي ألا نبتعد كثيرًا في الجبال - وآثرنا أن نبقى بالقرب لنعود ونبني خليتنا في أقرب فرصة ممكنة…
ويا ليتنا ابتعدنا وما فكرنا بالعودة!
فقد كان معنا نحلٌ قد صار منا وفينا وقد حصل لهم ما حصل معنا.. ولم يعودا ولم يذكروا شيئًا عن خليتهم..
كنا نستثني أنفسنا كما أشراف النحل من كل حالة تشابه حالتنا..
عملنا في خلية صغيرة قريبةٍ من خليتنا بكل تفانٍ وإخلاص ولكنها كانت صغيرة جدًا وكلّ ما ارتكبت نحلةٌ خطًا صغيرًا انتشر في أرجاء الخلية بسرعة - وصارت نظرات الازدراء من نحل الخلية الصغيرة تزداد يومًا بعد يوم…
والسبب ليس لعيب فينا، لكن الكثير من النحلات العاملات اعتادت على عزّ خليتها الواسعة وعاداتها وأنظمتها وقوانينها الملكية المنصفة - فكان لا بدّ من بعض الأخطاء وجلّ من لا يخطئ…
وقرر مجلس الخلية الملكي طردنا جميعًا…
ثمّ تدخل مجلس خلايا النحل الكبير ومنح الخلية الصغيرة الكثير من العسل والشهد والعلاوات والحوافز…
واعتدنا على بعض الكراهية من أهل الخلية الصغيرة وتعايشنا مع الأمر لسنوات كثيرة …
إلى أن وقعت تلك الفاجعة التي غيرت كل شيء..
حين خرجت لنا أبشع نحلة وأكثرهنّ قبحًا وشناعة…
فوصلت إلى منبر ما بطريقة ما وهاجمتنا وجرحتنا بكلام لاذع…
وكلها حقد وبغضاء وكراهية وحسد وغيرة وحسرة وعقدٌ نفسية وعجزٌ وبلاهة منغولية نحلية..
لم يكن لكلامها أيّ معنى.. كان تافهًا وما أثر فينا ولا هزّ أجنحتنا الصغيرة..
فنحن ما عاد هزَّنا الكلام لقد تمسحت أجنحتنا…
كان سبب حزننا أنّ قضيتنا التي تتناولها أعظم الخلايا وملكات النحل تتشدق بها حشرة بلا قيمة!
يتبع.
يونيو 26, 2023, 4:23 ص
يافاتنا بالحب قلبي قد ملك
يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.