كان يا ما كان يا سعد يا إكرام ولا يحلو الكلام إلا بذكر النبي عليه الصلاة والسلام.
يحكى أنه كان هناك ملك شديد حازم في أمره، إذا أمر بشيء يجب أن ينفذ في الحال، وكانت له ابنة جميلة جدًا اسمها (نورهان)، تقدم لها شبان كثيرون لخطبتها ولكنها رفضتهم جميعهم، فكل واحد كان يتقدَّم لها كانت تظهر فيه عيبًا من العيوب، وحينها أقسم والدها الملك (بدرخان) على أنه سوف يزوجها أول شخص يتقدَّم لخطبتها بعد ذلك.
وحزنت الأميرة من قسم والدها وجلست تبكي في غرفتها على حظها الذي يعلمه الله وحده، فمن هو هذا العريس القادم للزواج بها، فهي كانت تتمنى أن تتزوج عن حب وليس زواجًا تقليديًا، وكم رفضت أمراء وأبناء أمراء لعدم إحساسها بحبٍ حقيقي اتجاه أي من خاطبيها..
وجلست تنتظر من هو أول عريس سوف يتقدم لخطبتها، وتمنت أن يأتي عريس تشعر اتجاهه بالحب الحقيقي لنفسها وليس لكونها أميرة وأبيها ملكًا.
وفي يوم من الأيام تقدَّم لخطبة الأميرة الجميلة رجل عجوز جدًا لا يقدر على المشي اسمه (نور الدين) فتعجب الملك (بدرخان) لأمر هذا الرجل العجوز الذي يرغب في الزواج من ابنته الوحيدة، وكان لا بد أن يوافق عليه لأنه أقسم على أن يزوجها لأول شخص يتقدم لخطبتها.
وحكى لابنته ما حدث، وقال لها إن هذا الرجل العجوز هو أول شخص تقدم لخطبتك ويرغب بشدة في الزواج منك، وفوجئت الأميرة (نورهان) بكلام والدها الملك (بدرخان)، وهي تعلم أنه قد أقسم على أن يزوجها أول من يتقدم لخطبتها وهي التي رفضت جميع الأمراء الشبان من قبل، فماذا تفعل؟
هل تقبل هذا الرجل العجوز الذي يكبر عن والدها بسنين عديدة كيف يكون ذلك؟ وقالت لوالدها هل هذا معقول يا والدي؟ أنا أتزوج من عجوز مثل هذا! فأجاب الملك (بدرخان) أنا أقسمت على ذلك ولن أرجع في كلامي.
وأخذت الأميرة تبكي حزنًا وألمًا على حظها، وحاولت أن تقنع والدها أن يعدل عن رأيه، وأن يرجع عن قسمه فلم تستطع، وأخذ الملك يفكر ويفكر وقد آلمه أنه أقسم هذا القسم، فإنه لم يكن يتصور أن مثل هذا الرجل الكبير في السن يتقدم لخطبة ابنته، فكيف يجرؤ على ذلك وفوجئ الملك بطلب ابنته، وهو أن ترى هذا الرجل العجوز، ودهش الملك من طلبها، ووافق الملك على تلبية رغبتها وبالفعل نادى على الحارس أن يحضر هذا الرجل العجوز إليه.
وارتدت الأميرة (نورهان) أجمل ثوب لديها لونه أصفر ويلمع كلون الذهب وكلون شعرها الطويل الجميل، ونزلت من غرفتها لترى هذا الرجل الذي تجرأ وأتى للزواج منها، وقالت له من أنت ؟ ولماذا أتيت؟ فقال لها: يا أميرتي الجميلة أنا اسمي (نور الدين) وقد أتيت لخطبتك من والدك فقد رأيتك وأعجبتُ بك كثيرًا وتمنيت من كل قلبي أن أتزوج منك.
فأرجو من الله أن تقبلي هذا الزواج وسوف أحاول بكل جهدي أن أسعدك وأقدم إليك كل ما تطلبيه وترغبينه، وأحست الأميرة من كلامه بالصدق، وأن هناك شيء غريب في صوته ومن ملامح عينيه، فملامحه ملامح رجل عجوز، ولكن كلامه ونظرة عينيه تدلان على صغر سنه، فكيف يكون ذلك؟ وقالت (لنور الدين) لن أعطيك رأيي الآن، فدعني أفكر، وانصرف بكل تواضع واحترام ورجع إلى منزله، وأخذت الأميرة تفكر وتفكر ولا تستطيع أن تعطى رأي فهي ترغب أن تعرف قصة هذا الرجل العجوز بأكملها.
وفي اليوم التالي، جاء هذا الرجل إلى الأميرة كي يعرف ردَّها عليه وجاءه الملك ليستقبله وطلب من الحارس إحضار الأميرة نورهان وجاءت الأميرة وهي ترتدي أجمل ثوب لديها لونه أزرق جميل وطويل كلون عينيها الزرقاوين وشعرها الأصفر الطويل وهو منسدل على فستانها الباهر الجميل، فبهر الرجل العجوز بجمالها الفتان وقدم لها هديه جميلة، وهي عبارة عن تاج جميل من الجواهر الثمينة والياقوت والمرجان.
فاندهش الملك لرؤية هذا التاج الجميل، وأعجبت به الأميرة شمس النهار ووضعته على رأسها الجميل، فبدت في أجمل صورة وأبهى منظر ، وشكرته على هديته الجميلة، وسألها الرجل العجوز هل وافقتي على الزواج منى يا أميرتي الجميلة؟
فقالت أمهلني ثلاثة أيام لأفكر في الأمر، ومد يده وصافحها ونظر لها نظرة احترام وإعجاب وانصرف الرجل العجوز، ولم يقل شيئًا ودهش الملك (بدرخان) بالهدية الجميلة والثمينة والتي أعجبته كثيرًا، وهنا استدعى الحراس وطلب منهم أن يستدعوا خبراء الذهب والمرجان ليروا التاج ويعرفوا إذا كان ما به من جواهر حقيقية أم لا؟
وعندما حضر كبير الخبراء طلب منه الملك رؤية التاج وفحصه وذهل الرجل عندما رأى التاج وأعجب به كثيرًا وقال: إن هذا التاج مرصع بالياقوت الحقيقي واللؤلؤ الأصلي وهو غالي الثمن جدًا وهو من أجمل التيجان التي شاهدتها، وتعجبت الأميرة لما سمعت، ودفعها الفضول أن تعرف من أين أتى هذا الرجل بهذا التاج الجميل، فطلبت من حارسها أن يعرف كل شيء عن هذا الرجل.
وبالفعل ذهب الحارس وراء الرجل العجوز حتى رآه وقد دخل قصرًا جميلاً مضاء بالنور الكثير، وأعجب كثيرًا برؤية هذا القصر الرائع الكبير وقص على الأميرة (نورهان) ما رآه وتمنت الأميرة من كل قلبها رؤية هذا القصر وطلبت من حارسها أن يوصلها إليه فلبى الحارس طلبها، وأوصلها إلى باب القصر، وأعجبت الأميرة به كثيرًا وتقدَّمت إلى الباب الكبير وطرقته، وفي ثوانٍ معدودة فتح الباب وطلب حارس الأميرة استدعاء صاحب القصر.
فجاء الرجل العجوز (نور الدين) وهو في غاية السعادة والفرح برؤية الأميرة (نورهان) ورحَّب بها أشد ترحيب ودخلت الأميرة إلى القصر الجميل، وهي معجبة أشد الإعجاب بجمال القصر وروعته، وطلبت من الرجل العجوز (نور الدين) أن يقص عليها حكايته ومن أين أتى بالتاج المرصع بالياقوت والمرجان، فلم يجب على أسئلتها، وقال لها لن أجيب على هذه الأسئلة إلا بعد موافقتك على الزواج منى.
فترددت قليلاً في الإجابة، ثم قالت له إني موافقة على الزواج منك، ولكن هذا لم يكن من قلبها، وقد سعد الرجل كثيرًا عندما سمع موافقتها وقال لها سأقص عليك حكايتي، أنا أمير من بلاد كردستان، ووالدي ملك على هذه البلاد، وكانت هناك ساحرة شريرة أرادت الزواج مني ولكنني رفضت طلبها فعاقبتني وجعلتني رجل عجوز، وقالت لن يفك سحرك إلا عندما ترضى أن تتزوجك فتاة جميلة من أجمل الفتيات على أن تكون أميرة بنت ملك من الملوك، واعتقدت أنه لن تكون هناك فتاة جميلة وأميرة مثلك ترضى الزواج منى، فلقد تقدمت من قبل إلى أميرات جميلات بنات ملوك ولِمَ توافق إحداهن على الزواج مني.
فقالت الأميرة (نورهان) أنني في الحقيقة لم أوافق من قلبي ولكنني الآن أرغب في الزواج منك من كل قلبي، وهنا سألها (نور الدين) هل صدقتي كلامي؟ فقالت نعم أشعر بصدق كلامك، وتم إعلان نبأ زفاف الأمير (نور الدين) على الأميرة (نورهان) في أول الشهر القادم.
ووصل إلى مسامع الساحرة إن نور الدين سوف يتزوج أميرة جميلة من بلاد الملك بدرخان فجن جنونها، وذهبت إلى الأميرة وأخذت معها مادة سحرية كي تشربها الأميرة في كوب العصير كي تسحرها إلى عصفورة صغيرة وتبعدها عن الأمير بذلك، ولكن الملك رآها وهي تدخل على الأميرة وتقدم لها كوب العصير، فأمسك بيدها ووضعه في فمها وشربته فتحولت إلى عصفورة صغيرة في الحال، وفرح الملك لإنقاذه لابنته وحمد الله كثيرًا، وأمر بإقامة الأفراح والليالي الملاح، وأعلن نبأ زفاف الأميرة (نورهان) على الأمير (نور الدين).
وفي الحال تبدل الحال وتحول الرجل العجوز كما كان من قبل أمير شاب ووسيم في أبهى مظهر وأجمل زينة، وذهلت الأميرة عندما رأت ذلك ولكنها كانت في غاية السعادة، وذهبا معًا إلى والدها الملك (بدرخان) وقصت عليه ما رأت بعينيها وتعجب الملك لهذه القصة العجيبة وأخذ ينظر إلى الأمير ويتعجب من هول ما رأى قائلاً سبحان الله، وهنا وافق على زواج ابنته الوحيدة (نورهان) من الأمير (نور الدين).
وأعلنوا الزواج وأقيمت الأفراح والليالي الملاح أربعين ليلة وليلة سعد فيها الجميع، وخلفوا صبيان وبنات وعاشوا في سعادة وهناء والحمد لله.
مارس 22, 2023, 9:50 ص
جميلة جدا
أبريل 1, 2023, 1:43 ص
اشكرك كثيرا على رأيك الجميل في القصة و انت اول من علقت لي على القصة شكرا لك أيتها الجميلة ايمان على اسم اختي الصغيرة.. تقبلي تحياتي
أبريل 1, 2023, 1:35 ص
جميلة جدا و اسلوب شيق و رائعة للغاية ..احسنت ..نتمنى المزيد
أبريل 1, 2023, 1:46 ص
بارك الله فيك ابني العزيز و الكاتب الكبير..
يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.