يخرج مسرعًا وأنفاسه تتصاعد شيئًا فشيئًا هامسًا في سره: "لا أستطيع العيش من دونك يا حنان... أنا قادم يا حبيبة قلبي".
على الكرسي الهزاز تجلس بهدوء الصمت يخيم على المكان كل شيء ساكن لا صوت إلا صوت عقارب الساعة وإذ بذكريات الأمس تتدفق إلى مخيلتها متسائلة مع نفسها: "هل كان كل ذلك حلم؟! كل شيء سينتهي قريبًا وسيصبح شيئًا من الماضي بالنسبة له!!
تدق الساعة الثانية عشرة ليلاً تنظر إلى الساعة وقد بدا عليها الشحوب والقلق... تنظر إلى النافذة وقطرات المطر تتجمع على حافتها محدثة بقعة كبيرة تفرض نفسها على واجهتها، محدثة نفسها بصمت: "غدًا ستنساني يا عادل وسيكون لك طفلاً من إيمان! ولن يكون لي مكان في حياتك بعد الآن".
يغلبها النعاس والدموع قد جفت في مقلتيها... عادل في سيارته لم يستمع لنداءات أمه بالانتظار والتفكير قبل أن يتخذ قرار تخليه عن إيمان! كل شيء انقلب رأسًا على عقب، والد إيمان يلوم والده ويحمله مسؤولية أي ضرر نفسي أو بدني قد يقع على ابنته! لم تتحمل أن يرفضها خطيبها في ليلة هي من أجمل الليالي لأي فتاة بل ليلة العمر!
أغشي عليها من هول الصدمة! لم تصدق ما حدث لها! أعز صديقاتها تهزأ بها بل وتجعلها أضحوكة أمام الجميع! كيف ستتخلص من هذا العار؟! اختلطت لديها المشاعر، لم تعُد تميز شيئًا...
ارتمت في أحضان أمها لعل حزنها يرق قلبه لها ويلغي فكرة تخليه عنها، كل خلية في جسدها تتساءل لماذا فعل بي هكذا؟! ما الذي اقترفته بحقه حتى يلقي بي كثوب بال؟! إنها حنان.. نعم إنها حنان خططت لكل ذلك مسبقًا حتى تذلني وتكسر أنفي؟! لن أنساها لك يا حنان... لن أنساها لك.
ما فعله عادل كسر قلب إيمان وجر على حنان عداوة هي في غنى عنها... أقرب صديقاتها أصبحت ألد أعدائها، طعن صداقتهما في مقتل!
بينما تغط في نوم عميق والدموع تلمع في عينيها كحبات برد، يدار قفل الباب.. إنه عادل يمسك بيده كتاب... بهدوء يقرفص أمامها هامسًا بنبرة دافئة:
- حناني... انهضي يا غاليتي... انهضي يا قمري.
تتسارع نبضات قلبها وأنفاسها تتصاعد بسرعة، تفتح عينيها وتتسع حدقتهما متسائلة باندهاش:
عادل لماذا جئت؟! أين إيمان؟!
ترتسم على وجهه ابتسامة حانية:
- أش... أش...لا تقولي كلمة!
يضع إصبعه السبابة على ثغرها:
- لقد جئت لك بهدية!
تعدل من جلستها والذهول يسيطر عليها:
- وما تلك الهدية؟!
يغمز بعينه مجيبًا:
- روايتي المفضلة "الحبيب العائد"
تبتسم وتمسك بيده ويقبل رأسها بشوق مستطردة:
- هيا احكي لي روايتك.
بعد مرور خمس سنوات حملت حنان وأنجبت مولوداً ذكرًا. يدلف إلى المشفى يمسك بيده باقة ورد حمراء يصل إلى غرفتها... ترقد وعلى يدها تحمل الصغير وأمارات الفرحة لا تفارق محياها... يبتسم ويعطيها باقة الورد ويقبل رأسها ثم يجلس على طرف السرير:
- كيف حالك يا حنان؟
تبتسم وتلمع عينيها:
- بخير يا عزيزي يا أبا عادل!
تنتابه قشعريرة في جسده لثوان معقبًا:
- وهل سميته عادل؟!
تهز رأسها وتضم شفتيها:
- حتى يظل اسم عادل في كل لحظة من حياتي.
يقبل يديها ويحمل الطفل ويبتسم.
يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.