لقد اعتاد الأطفال قديمًا على لعب لُعبة معينة تُدعى "أستغامية". كانت مُتعة الطفولة بالنسبة لكل الأطفال في الماضي القريب، قبل انتشار وسائل التواصل الاجتماعي والـ Social Media.
كانت هذه اللعبة تبدأ بأن يختار المتبارون شخصًا واحدًا يكون واقفًا على حائط وظهره للجميع، ويذهب الباقي للاختباء من هذا الشخص، يقول هذا الشخص: خلاويص؟ فيجاوبه الباقي: لسه، فيعود يكرر: خلاويص؟ فيجاوبه الباقي: لسه. فيقول: أجيب البوليس؟ فيجيبون: لسه. وفيما هم يجيبونه يكونون مختبئين خلف أماكن غير ظاهرة وغير معروفة لهذا الشخص، وبعد مدة يبدأ الشخص في البحث عن الباقي المختبئ، وعلى المختبئين أن يرجعوا إلى الحائط الذي كان يقف عليه الشخص الباحث عنه وعند وصولهم إليها يقولون: أُمة.
كنا أشخاصًا صغارًا نعرف الأمة، على أنها الحائط الذي يتوجب علينا الذهاب إليه، كأنها منطقة الرحلة أو الـ Comfort Zone، كنا نذهب إليها ونكون بذلك قد ربحنا اللعبة.
كبرنا وظلت فكرة الأمة في داخلنا ولكنها بقيت في أعيننا كأنها الحائط القديم فقط، ولم ننتبه إلى معنى كلمة أمة الحقيقي، فأصبح كل شخص منا لا يهتم إلا بنفسه وينسى الأمة، يفكِّر فيما هو نافع له -وهذا ليس بعيب- دون أن يكون بتصرفه يضر الآخرين.
أصبحنا نتناسى أو ننسى سواءً عن وعي أو عن غير وعي فكرة أننا جزء من الأمة، نحن جزء من كلٍّ كبير، فأصبحنا لا نفكِّر في الآخرين.
أصبحت تصرفاتنا تعكس أنانية وعدائية تجاه المجتمع، تجاه الأمة، فأصبحنا نقف في منتصف الطريق، نسد مدخل الشارع، نحجز أمام المحلات أماكن ولا نعبأ بعدم وجود أماكن للركنات داخل الشوارع، أصبح الشارع مَلقى للقمامة... إلى آخره من تصرفات تعكس واقعنا السيئ الذي لا يعي المجتمع، ولا يعي الآخر.
علينا أن نفكر في تصرفاتنا، علينا أن نراجع ما نحن عليه من تصرفات، لعل أن يكون في تصرفنا إنقاذًا لحياة شخص، أو محافظة على نظافة الشارع، وأن نفسح المجال لسيارة الإسعاف لإنقاذ مريض.
تصرفاتنا تعكس قيمنا، نريد أن نكون مجتمعًا يهتم بالآخر، فتصبح هناك أُلفة في التعامل، سعادة في الشارع، محافظة على جيل قادم يتعلَّم من التصرفات الحالية. وعلى حسب ما قال الشهيد عبد المنعم رياض عند الحديث عن النكسة: "أخطاء الصغار صغيرة، ويمكن معالجتها ما دامت بغير قصد، أما أخطاء الكبار فإنها دائمًا كبيرة".
أعتقد أن علينا أن نكون كبارًا بالنسبة للأجيال القادمة، وألا نرتكب أخطاء كبيرة، وأن نعلِّم الجيل القادم القيم والمبادئ التي نريد أن تسود مجتمعنا.
أُمتنا التي يجب ألا نهرب منها، بل أن نكون حجرًا في بناء هذه الأمة وهذا المجتمع.
يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.