- "كفى، كفى، كفى!".. صرخ حجر ملقى على شاطئ البحر.
- "لماذا تصرخ يا صاح؟ نحن جماد، لا نتحدث بنظرهم".
- "ولذلك أقول كفى! فما ذنبي إذا كانوا لا يعلمون بأن للجماد لغة! ما ذنبي أن يُدعس عليَّ وأن أُلقى على رؤوس الآخرين؟ وأن أُركل من قبل إنسان بائس لم يجد ذاته حتى مفترق بيتهم؟ قد كُنت في منطقة جبلية لا أجمل ولا أروع منها، والآن في البحر! يحق لي أن أقول: كفى".
- "أأنت حجر شوارع؟".
- "هدئ من روعك يا رجل، فلتكن خفيفًا في البداية".
- "كنت أسأل فقط، فأنت تقول إنك قضيت حياتك تُركل من قبل أقدام البشر حتى وصلت إلى البحر".
- "نعم، هذا صحيح.. هل أقول لك قصتي؟".
- "نعم، سأكون أفضل منصت على مر التاريخ".
- "على قمة جبل كانت هدف وصول المتسلقين، كنت أعيش تحت شجرة أستظل بظلها وأرى حركات عشق مكانها ليس الجبل، فمن المتخلف الذي سيتقدم لفتاة على جبل بعد شقاء وتعب تسلق دام لساعات؟ لكن المتخلفين كُثُر كانوا.. وهناك تافه آخر يعترف بحبه، ويحتضن فتاته وهي متعرقة تلهث.. لم أعلم كيف أوصل إليهم أنهم مقرفون".
- "يبدو أنك تخرج عن صمتك".
- "أضحكتني يا رجل، هذا لا شيء، فأنا اختصر لك 70 عامًا من القرف وتقلب المعدة بسببهم.. حتى ذلك اليوم الذي أعده من أيامي المشؤومة".
"في الساعة الثانية مساءً، يومها وصل اثنان إلى القمة ليعترف لها بحبه، وكل الحركات السخيفة التي تشاهدها يا بحر حدثت مرة واحدة.. والجميلة، لنترك جمالها، فلن أغفر لها.. غبية! قالت: فلتعطني تذكارًا من هذا الجبل ليبقى دليلًا على الاعتراف بحبنا هنا.. يا غبية، التقطي صورة بهاتفك وغادري.. لكن كيف تفعل وعقلها مملوء بالسخافات مثلها؟".
"اختارني المعتوه من بين كل شيء لأكون تذكارهما الذي سيشهد قصتهما، سأشهد دون أن أوافق، وهنا كان علي تحمل كل الأحاديث السخيفة، وثرثرة تافهة مملوءة بالخيالات السخيفة".
"عادت إلى المنزل، التقطت لي صورة لترسلها لصديقاتها، قلت لك: تافهة، وبعدها ألقتني في الدرج، منعتني من رؤية نور، ونسيت كيف دفء الشمس شهورًا، لتعود بعد مدة وتلقيني في كيس قمامة، فأنا هدية من قمامة كما قالت، وهذا مكاني بنظرها".
"ما ذنبي أنا لأصبح حجرًا يدور في الشوارع أتحمل الركلات؟ أنا لا أتحمل، لكن لا أحد يسمع صراخي من الألم.. ها أنا يا بحر، أمواجك نظفتني من طين أحذيتهم، والآن أنا في مكان البحر، أنسب مكان بنظرهم لعرض الحوارات والاعتراف واللحظات الرومانسية كلها.. أي سيتشوه بصري طول عمري.. انظر لصاحبة الفستان الأحمر، دقيقة وستجمع منا لتصنع عقدًا أو سوارًا تذكارًا".
- "أظنها ستختارك، فألوانك مميزة".
- "رجاءً، لا تذكرني، أعلم أن جمالي نقمة في هكذا لحظات.. هل تخبرني قصتك أنت أيضًا؟".
"لا أرجوكِ، ابتعدي عني، اتركيني.. لااااااا! ساعدني يا بحر".
- "ليتني أستطيع، لن تصل لها أمواجي فقد بعدت".
كانت قد أمسكته ذات الفستان الأحمر قائلة: "حبيبي، انظر لهذا الحجر"، ليرد عليها: "جميل جدًّا كما أنتِ جميلة".
- "تبًّا لكما! تقول حبيبي، وبعد شهر ستغرقه بالشتائم، وهذا المعتوه بحاجة لدروس في الغزل، فلم أرَ أسوأ منه.. تبًّا لهذا الحب!".
قصة رائعة أحسنتم
👍
يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.