لعلي لست أول من يكتب عن المدرسة العليا للأساتذة آسيا جبار - قسنطينة، لكني سأكون الأولى التي تتحدث عن قسم التاريخ والجغرافيا بالتحديد..
فكرت مرارًا: هل من اللائق أن أسهب في الحديث عن خبرة مدتها عام وأشهر فحسب! أيليق هذا؟ ألن أكون متملقة قليلًا أو بعض الشيء؟ لكن في النهاية عدتُ لرشدي؛ فما الفائدة من كوني فتاة شجاعة إن لم أتغلب على هذا الشعور، وأكتب حتى لو كانت وجهة نظر طالبة عادية لم تتخضرم في المدرسة بعد.
لطلاب هذا القسم المستقبليين، إذا قررتم اختيار تخصصي، فتعالوا وفي جعبتكم كثير من الطاقة مع بعض من التفاؤل الذي ستحتاجون إليه مع كل انحدار تتعرضون له ونوبة كسل تباغتكم في أكثر الحصص التي تستلزم اليقظة والمرونة.
في بادئ الأمر، كان يبدو لي هذا التخصص مملًّا، والحقيقة أنه ما زال يبدو لي كذلك إلى الآن -هذا بيني وبينكم- لكن لا يليق أن أعتم على إيجابياته التي ستجدون صعوبة في العثور عليها مع بداية العام الأول..
ربما من المضحك إذا أخبرتكم أني لا أزن كثيرًا، ومع ذلك ألتقط أنفاسي بصعوبة كلما صعدت السلم للوصول إلى الطابق حيث أدرس، لذلك نصيحة أخرى: لا تنسوا أن تحضروا معكم اللياقة البدنية أيضًا؛ ستكون سندكم في الصعود والنزول.
أما الآن، سأنطلق في الحديث بجدية لأنصف القسم المظلوم الذي لم يأخذ حقه في المديح بعد.. بذكر أساتذته، فإنهم ذوو رصيد هائل من المعرفة وكذلك التمكن.
ولأكون صريحة، بمقارنتهم مع أساتذة الجامعة، فهناك فرق واضح بالتأكيد، وليس هذا انحيازًا بل هو حقيقة يسعني ذكرها بكل موضوعية. فالحق يقال، إنني حصلت على معلومات لا بأس بها في أثناء الدراسة في الجامعة مدة خمس سنوات، لكن ما نلته من التكوين في مرحلة دراستي المتواضعة حاليًا يعادل ذلك أو يفوقه.
هنا حيث أدرس، لا مجال لأن تكون منطويًا أو كسولًا، فلا سبيل لك سوى الدراسة؛ حتى إن كنت ممن يكرهون العمل الدؤوب، ستدرس غصبًا عنك وإلا... (تستطيعون توقع ما تحويه النقاط بالتأكيد "كابتك ولايتك")، لكن مقابل هذا العمل ستحصل على كثير من التقدير تصاحبه علامة مطابقة لجهودك؛ فإن كانت تستحق فستكون العلامة تستحق أيضًا والعكس صحيح.
ولا أريد أن أنسى العلاقة الطيبة التي ستتكون بين الطالب وأستاذه، فصدقًا لن يقصِّروا في شيء إن احتجت، ولن تكون وحيدًا حتى إن لم تتمكن من تكوين أصدقاء -ولعل هذا نادرًا ما يكون- فالكل هنا زملاء وزميلات يتعاونون يدًا واحدة على النجاح، وكذلك على تمضية سنوات ممتعة تحوي كثيرًا من المرح والقليل من الكآبة.
وفي النهاية، ما زلت أتعرف على مدرستي وتخصصي يومًا بعد يوم، وما زلت سأتذمر منهما كثيرًا، لكني لن أنسى أن القسوة الكامنة فيهما هي في الحقيقة سبيل إلى عالم مضيء فيما بعد.
سأعمل جاهدة على أن أشحن طاقتي لأكتب لكم جديدها وأحفزني قبل أن أحفزكم للوصول.
يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.