قرح الضغط أو قرح الفراش من أبرز التحديات الصحية التي تهدد راحة وسلامة المرضى المصابين بالشلل، لا سيما في ظل اعتمادهم على الآخرين في الرعاية اليومية، على الرغم من التقدّم في وسائل العلاج والتأهيل، تبقى هذه القرح تهديدًا حقيقيًا يمكن أن يتفاقم ما لم يُعالج مبكرًا.
في هذا الدليل الشامل نستعرض أسباب قرح الفراش، وأخطر مناطق الجسم عرضة لها، وسبل الوقاية والمعالجة داخل المنزل أو في المراكز المتخصصة، مع التركيز على خطوات الفحص اليومي والرعاية الشخصية الدقيقة.
على الرغم من التقدم العظيم الذي حصل في السنوات الماضية في معالجة ورعاية وتدريب المشلولين؛ فإن المضاعفات يمكن أن تحدث -وتحدث فعلًا- للمريض في المستشفى أو عندما يعيش في البيت، وتحدث عندما يكون المريض مسؤولًا عن رعاية أموره الشخصية؛ لذلك يجب أن يعرف كل مشلول شيئًا عن هذه المضاعفات.
أولًا: أن يعرف المشلول كيف يتجنب هذه المضاعفات؟
ثانيًا: أن يعرف ما الذي يفعله إذا ما حدثت هذه المضاعفات.
قرح الضغط (قرح الفراش).. ولماذا تحدث؟
أول المضاعفات التي تؤخذ في الحسبان هي قرح الضغط (قرح الفراش).
لقد استعملت أسماء كثيرة لوصف تقرح أنسجة الجسد الذي يمكن أن يحدث للمشلولين ولمرضى آخرين، مثل قرح الاضطجاع، وقرح النقص الاغتذائي (أي نقص وصول الدم للأنسجة)، وقرح الفراش، وقرح الضغط. والاسم الأخير أنسب بكثير؛ لأن كل قرحة تحدث عند المرضى المشلولين تكون نتيجة للضغط -عادة الضغط طويل الأمد- الذي يمنع الدوران خلال المنطقة المضغوطة، وهكذا فإنه يقطع عن النسيج الأكسجين معطي الحياة. ونتيجة لهذا فإن الأنسجة تموت أو تصبح نخرة متهرئة، ثم تتحلل ويصيبها الإنتان وتتقيح فتنشأ القرحة.
لماذا يعد الأشخاص المشلولون أكثر عرضة للخطر؟
قد تحدث هذه العملية لأي شخص مشلول، أو غير مشلول، إذا ما استمر الضغط لوقت طويل كافٍ لإحداث القرحة، ولا تحصل هذه العملية أبدًا عند الناس الأصحاء ذوي الحس الاعتيادي؛ لأن إحساسهم بعدم الراحة أو بالألم في المنطقة المتأثرة يقودهم إلى تغيير مواضعهم، وهكذا يخف الضغط عنها ويسمح للدم لكي يدور خلال الجزء المتأثر.
أما المريض المشلول فلا يحس بالألم في المنطقة الواقع عليها الضغط مثلما يشعر به الشخص المُعافى، ومن هنا فإن احتمال حدوث قرح الضغط أمر وارد ما لم يكن المشلول أو المشلولة قد أحيطا علمًا بخطر الضغط، وما لم يكونا قد أُرشدا إلى كيفية التعامل معه.
المناطق الأكثر عرضة للإصابة بقرح الضغط
إن أكثر مناطق الجسم عرضة للخطر فيما يتعلق بنشوء قرح الضغط هي المناطق التي تكون فيها العظام قريبة من الجلد، وعلى الأخص النقاط العظمية في الأمكنة التي تتحمل ثقل البدن؛ لذلك فإن أكثر المناطق عرضة للتأثر عند الاضطجاع على الظهر في السرير هي:
- أعقاب (مؤخرات) الأقدام، والقسم السفلي من الظهر -المنطقة العجزية- حيث تستر العظام العجز تحت الجلد وقريبًا منها.
- عند الاضطجاع على الجانب، فإن المنطقتين الأكثر عرضة للخطر هما منطقة البروزات العظمية الخارجية للكاحل (النتوء الوحشي للقصبة) ومنطقة رأس العظم.
- عند الجلوس إضافة إلى العمل على منع حدوث قرح على مقعدة المشلول في وضع الجلوس، يجب على كل مريض أن يأخذ في الحسبان خطر تضرر القدمين والرجلين عند ترك القدمين غير المحميتين تستندان على جزء الكرسي الصلب المخصص لوضع القدمين، أو عند ترك الكاحل يضغط على أي من الأجزاء المعدنية.
- لذوي الأضرار العنقية (الشلل الرباعي): على ذوي الأَضرار العنقية الذين لديهم مناطق عديمة الحس عند الجوانب الداخلية لأذرعهم أن يستخدموا دائمًا مساند أذرع مبطنة، ومع ذلك عليهم أن يتذكروا بألا يتركوا أذرعهم تستند طويلًا جدًا في أي وضع كان.
مسببات أخرى: لا تنتج القرح بسبب ثقل الجسم ذاته فحسب، بل يمكن أن تنتج بسبب عدم ملاءمة الملابس لجسم الشخص أو بسبب ارتدائها أو تنظيمها بصورة رديئة، ويمكن أن تنتج في حالة المشلول الذكر بسبب عدم التحقق من وضع المبولة المطاطية بدقة -في حالة استعمالها- بعد الجلوس في الكرسي المتنقل.
الوقاية من قرح الفراش في رعاية الذات
نحن بشر؛ لذا فإننا نتعرض في بعض الأحيان إلى إغفال الاحترازات التي تجنبنا المنغصات، لهذا السبب فإن الأمر الحيوي للمشلول هو أن يعرف بالضبط كيف يُميز المراحل المبكرة لقرحة الضغط، وأن يعرف بالضبط كيف يمنعها من أن تسير نحو الأسوأ. ويجب أن يشتمل قسم من سياق الاحتراسات على فحص دقيق لمناطق الضغط مرة واحدة في الأقل في اليوم (يفضل إجراء هذا الفحص عند الذهاب إلى الفراش).
كيفية التعرف على العلامات المبكرة لقرحة الفراش
ويجب إجراء هذا الفحص من قبل المشلول بمفرده عند الاستعانة بمرآة، إن رؤية مناطق حمراء على مقعدة المشلول مباشرة بعد مغادرة الكرسي أمر مألوف، لكن تلاشيها بصورة طبيعية يحدث في ساعة من الزمن أو نحوه. وفي حالة بقاء مناطق حمراء في أي جزء من الجسم مدة تزيد على ساعة بعد إزالة الضغط عنها، يجب أن يعد الأمر عندئذٍ أول مراحل نشوء قرحة الضغط.
ويجب اتخاذ الإجراءات المناسبة، وتحرير المناطق المتأثرة من كل ضغط إلى أن يتلاشى الاحمرار، مثلًا، في حالة حدوث الاحمرار عند رأس عظم فخذ المريض في أثناء رقوده في الفراش يجب عليه تجنب الاضطجاع على ذلك الجانب المعني، أو عليه أن يتجنب الجلوس في كرسيه في حالة حدوث احمرار على مقعدته.
وعليه عدم العودة إلى ممارسة أي من هذين الوضعين السابقين إلى أن يتلاشى الاحمرار، وقد يظهر أن هذا أمر لا يستحق كل هذه الإجراءات الشديدة، لكن نتائج عدم علاج العلامات المبكرة لعلامات قرحة الضغط تكون قاسية؛ لذلك لا تهمل هذه العلامات، وليس من باب المبالغة القول إن جلوس المشلول مدة يوم إضافي واحد على مقعدته عند ظهور احمرار عليها قد يفضي به إلى المكوث في السرير مدة شهرين أو ثلاثة أشهر لكي تلتئم قرحة الضغط.
إستراتيجيات العلاج الفعال لقرح الفراش
إذا كان نشوء قرحة الفراش كبيرة تصيب المريض المشلول أمرًا لا مفر منه، عندئذ فمن الأفضل أن يكون التعامل مع الحالة في مركز متخصص تتوافر فيه كوادر مدربة ومجهز بالمعدات والأجهزة اللازمة للمعالجة، خصوصًا إذا ما كان لدى المشلول أكثر من قرحة ضغط واحدة. وغالبًا ما تتضمن معالجة مثل هذه الحالات التدخل الجراحي لإزالة الأنسجة الميتة، وتتضمن إجراء التضميدات الدقيقة يوميًا، وأحيانًا يكون إجراؤها مرتين كل يوم، وتتضمن نقل الدم واتباع أنظمة غذائية خاصة.
العلاج المنزلي لقرح الفراش السطحية
بالإمكان معالجة القرح السطحية الصغيرة في البيت بنجاح، تحت إشراف طبي، بشرط أن يتعاون المريض بصورة كلية في تطبيق نظام المعالجة.
العلاج المنزلي لقرح الفراش السطحية
إن بحث سبب قرحة الضغط يقود الشخص بصورة منطقية إلى قبول مبدأ أساسي وحيوي يفرض أن تشمل معالجة القرحة الناشئة الوقاية من حدوث ضغط إضافي على المنطقة المتأثرة. وهذا يعني في معظم الأحوال -من خلال الممارسة- بقاء المريض في الفراش إلى أن تلتئم القرحة.
تغيير الوضعية
طبيعي أن تعتمد أنماط الأوضاع التي يستخدمها المريض في الفراش على حجم القرحة، لكن استخدام الرزم عمل مناسب، إن رزم المطاط الإسفنجي مقنعة أكثر، لكن رزم الوسائد فقط تكون نافعة في معظم الحالات، ويتم عمل رزمة الوسادة من أربع أو خمس وسائد تُربط سوية بصورة ثابتة داخل كيس بلاستيكي مطاطي، أو داخل غلاف من القماش، توضع ثلاث من هذه الرزم بالأسلوب ذاته الذي تُرتَّب به رزم المطاط الإسفنجي. وبالإمكان وضع المخدات فوق بعضها دون رباط، بصورة متعاقبة، لكن لهذا الترتيب مضار؛ ذلك أن المخدات تتحرك عن مواضعها فيضطرب وضعها بسهولة وتصبح غير مرتبة.
إذا كانت القرحة عند منطقة العجز أو المقعدة، فقد تستخدم وضعية النوم على الجانبين اللذين قد يكونان مقنعين أكثر من كل أوضاع النوم المذكورة سابقًا، ويمكن أن يستخدم زيادة عليهما وضع الاضطجاع على الوجه.
أما إذا كانت القرحة على جانب الورك (على مدور الفخذ) فإن وضع الاضطجاع على الوجه يكون مرة أخرى كافيًا، ويستخدم وضع الاستلقاء على الجانب المقابل لموضع القرحة، ومن الأفضل أن تعالج القرحة التي تنشأ على الكاحلين في الفراش، ويجب تجنب أي وضع يزيد الضغط على منطقة القرحة، مثلًا، عندما تحدث قرحة على الجانب الخارجي لرسغ القدم اليمنى، يجب على المريض ألا يضطجع على جانبه الأيمن.
استخدام الضمادات الصحيحة
فضلًا على استخدام الوضع الصحيح في الفراش، يجب تضميد القرحة بصورة مناسبة كل يوم، ومن الأفضل أن يُجري هذا التضميد شخص مدرب -ينفذ هذا العمل عادة ممرض الحي- لكنه في حالة إجراء شخص غير مدرب التضميد؛ فيجب أن تستعمل مضادات معقمة مع دهان علاجي يصفه الطبيب، وعدم استعمال قطع القماش أو مواد أخرى من الخرق المنزلية.
العودة التدريجية للنشاط
ويجوز ألا يغادر المشلول السرير عندما تلتئم القرحة بصورة تامة إلا بعد مرور ثلاثة أيام، وعليه أن يباشر النهوض مرة أخرى مدة زمنية قصيرة فقط حتى عندما يصل إلى هذه المرحلة، ويجب أن يعقب مدة الجلوس إجراء المراقبة الدقيقة لمنطقة الندبة الملتئمة للتحقق من انعدام ما يشير إلى تضرر الأنسجة التي التأمت حديثًا.
وتكون العودة لملازمة السرير ضرورية مدة أخرى في حالة اكتشاف أي دليل يبين تضرر الأنسجة المذكورة، وتمثل هذه العودة احتراسًا يستحق الاهتمام لكي يوضع الضماد الواقي -من شاش جاف ولاصق مطاطي- على القرحة الملتئمة لعدة أيام، فيمنع تعرضها للانفتاح.
التعامل مع الندبات المتكررة ومنعها
إن مسألة الندبة الملتئمة تسبب الإزعاج بسبب تكرر انفتاحها نتيجة لحدوث ضغوط صغيرة لا يمكن تجنبها خلال الحياة اليومية، ومن الأفضل أن تعالج كثير من هذه الحالات بإجراء عملية جراحية، لكن بذل قليل من التفكير والفحص الدقيقين من قبل المريض سوف يكشف العامل المسبب للضغط الذي يمكن التخلص منه بسهولة.
مشكلة في مسند الظهر
مثلًا، شخص يحدث له تكرر انفتاح الندبة فوق امتداد عموده الفقري عند مستوى خصره تقريبًا، فإن تثبيت مطرحة صغيرة على قماش مسند ظهر كرسيه المتنقل في موضع يقع تمامًا أعلى المكان الذي تستند عليه عادة منطقة الندبة الحمراء، يمنع كل ضغط على الندبة، وهكذا ينعدم ظهور أية مشكلة إضافية تزعج المريض.
مشكلة في وسادة الجلوس
شخص آخر قضى أوقاتًا طويلة بعيدًا عن العمل ولازم السرير بسبب تكرر انفتاح الندبة عند منطقة المقعدة، وجد أنه كان يغطي مطرحة كرسيه المصنوعة من المطاط الإسفنجي بسمك أربعة عقد التي كان يجلس عليها بغطاء صلب نوعًا ما، وقد وجد أن تغير هذه المطرحة بالمطرحة الأخرى الأكثر نعومة التي تسمح بالاستفادة الكاملة من خاصية المطاط الإسفنجي، أعني خاصية الارتداد عند مقاومة الضغط، يمنع تكرار انفتاح الندبة.
نصائح لمرضى قرح الفراش للأحذية والملابس
إن الندوب التي تنشأ على الأقدام وعلى أصابع الأقدام التي تتضرر بسهولة، يمكن أن تحدث بصورة مرضية في أكثر الأحيان بواسطة لبس حذاء مختلف النوع.
بصورة عامة فإن الأحذية الناعمة والأحذية التي يكون قسمها العلوي مرنًا هي أفضل أنواع الأحذية، ويجب أن يلبس المشلولون أحذية ذات حجم أكبر واحدة في الأقل من الحجم الفعلي لأقدامهم، ويجب أن يكون حجم الأحذية قطعًا أكبر من حجم الأحذية التي كانوا يلبسونها قبل أن يصبحوا مشلولين.
وعلى الرغم من أن حصول المشلول على أنسب أنواع الأحذية أمر صعب إلى حد ما، فإن الأحذية الطويلة أو الأحذية المفتوحة بشكل نازل إلى أقصى طرف مقدمة الحذاء تكون أنسب أنواع الأحذية التي يلبسها المشلول. إن مثل هذه الفتحة تمكِّن -عند تحسس أصابع القدمين بواسطة أصابع اليدين- من التحقق الكلي من كون كل إصبع قدم عديم الحس يمتد بوضع صحيح، والتحقق من أنها لا تنثني عند سحب الحذاء القصير أو الطويل في أثناء لبس الحذاء.
غالبًا ما تكون هذه الحالة العرضية الأخيرة سببًا لحدوث قرح ضغط صغيرة على أصابع القدمين، وعندما تحدث علامة الضغط عند هذا الموقع، تُطبَّق المبادئ الاعتيادية للمعالجة كما يجب، فإما أن يُترك لبس الحذاء إلى أن يتم الالتئام، وإما أن يُستخدم خف قديم أو حذاء قد أزيل قسمه العلوي إزالة كلية.
رعاية خاصة بمشلولي الأطراف الأربعة (Quadriplegia)
يجب أن يعتني مشلول الأطراف الأربعة بالمناطق عديمة الحس على القدمين والذراعين على نحو متساوٍ لعنايته الاعتيادية بمناطق سطوح ارتكاز ثقل الجسم، إن استمرار الضغط لمدة طويلة على المرفق، بسبب إسناد الذراع لمدة طويلة على مسند ذراع الكرسي أو إسناده على (الدوشك) عند الاضطجاع على الوجه في الفراش، كثيرًا ما يسبب أضرار الضغط. ومثلما يمارس دائمًا، يجب تجنب أي ضغط إضافي على المنطقة المذكورة، ويجب أيضًا أن يستخدم ضمادًا تقويميًا واقيًا.
إن القسم الداخلي لراحة اليد (تُسمى كلوة الخنصر ضرة اليد) هي المنطقة الأخرى الشديدة التأثر عند مشلولي الأطراف الأربعة التي تتعرض للضغط عند ذوي التلف الشديد عندما يدفعون كراسيهم المتنقلة، إن استخدام وسادة صغيرة من جلد ناعم على منطقة الكف يكون تدبيرًا وقائيًا جيدًا.
خلاصة القول في هذا المجال، أن أساس الرعاية الجيدة يتمثل بالتزام المعنيين جانب الاحتراس فيما يتعلق بمنع حدوث قرح الضغط ومعالجتها.
يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.