ولد محمود السعدني في إحدى قرى محافظة المنوفية عام 1928، وهو شقيق الفنان صلاح السعدني، ورائد مدرسة الكتابة الساخرة في مصر، كان صحفيًا في عدد من الصحف والمجلات، بل واشترك في تأسيس وإصدار بعضها.
اقرأ أيضًا ملخص كتاب "كيف تصبح إنساناً؟" للدكتور شريف عرفة.. أحداثه واقتباساته
قراءة في كتاب حمار من الشرق للكاتب محمود السعدني
قبل أن يصل إلى باريس كان الكاتب يرسم صورة خيالية عن هذه البلاد، وكان يعتقد أن نساءها ستكون مثل الحوريات، وبما أنه إنسان شرقي أسمر فسيصبح فتى الأحلام لديهن، فهو قادم من الشرق، والشرق له سحر خاص، وعندما وصل إلى باريس ظل يتجول في شوارعها إلى أن عثر على فتاة باريسية شقراء، شعرها أصفر وعيونها زرقاء، فنادته وسألته: من أين أتيت أيها الرجل؟
فقال لها: أتيت من مصر، أنا صحفيٌّ وكاتب، فقالت له: هل تحتاج إلى مساعدة من أي نوع؟ فقال لها: كلا، لكني أريد أن أتعرف إلى هذه البلاد العجيبة، فقالت له: حسنًا، هيا بنا نبدأ جولتنا، فشدته من يده وسحبته إلى محطة القطار، وفي أثناء وجودهما في القطار لاحظ أن القطار يسير تحت الأرض، فتعجب من ذلك.
وقال في نفسه: كيف يسير القطار تحت الأرض، ومن فوقه شوارع وسيارات وعمارات وحياة كاملة؟ ثم قال لها: أنتم تحفرون تحت الأرض لتمهدوا طريقًا يسير فيه القطار، إن هذا لشيء عجيب!
فقالت له: نعم، ألا تحفرون عندكم مثل هذا؟
فقال لها بأسلوب ساخر: يوجد عندنا كثير من الحفر والمطبات في الشوارع!
اقرأ أيضًا قراءة وتحميل كتاب نظرية الفستق للكاتب فهد عامر الأحمدي
تابع قراءة في كتاب حمار من الشرق للكاتب محمود السعدني
وبعدها أخذته إلى أحد المطاعم، وقبل دخول المطعم، قالت له: اطلب طعامًا لنفسك فقط، وأنا سأطلب لنفسي، فوافق، لكنه رآها تطلب كميات بسيطة تكفيها فقط، وفي أثناء الطعام تعجب مِن طريقة أكلها، فهي تمضغ الطعام دون أن تفتح فمها، ولا تكاد تسمع لها صوتًا.
فتذكر أهل قريته وهم يأكلون، وكأنهم وحوش ضارية اصطادت فريسة، وبعد الانتهاء من الطعام، نظرت إليه باهتمام وقالت له: أنت إنسان نادر الوجود! فشعر بالفخر وقال في نفسه: لا بد أنها أعجبت بي، وسوف تصارحني بحبها بعد قليل، لكنه فوجئ بأنها تقول له: إن جميع ملامحك وطريقة كلامك تدل على أنك من العصر الحميري.
فقال لها: كيف تقولين ذلك أيتها الفتاة الباريسية؟
فقالت له: ألم تسمع عن العصر الجليدي والعصر الحديدي؟
قال: نعم، فقالت له: إذن كان يوجد قديمًا العصر الحميري.
فقال لها: ما وظيفتك إذن؟
فقالت له: أنا متخصصة في علم الأجناس، وأجري بحثًا عن العصر الحميري، لكن هذا العصر اندثر ولم يعثر العلماء حتى الآن على حفريات تدل عليه، لكن كل مواصفاتك تدل على أنك الإنسان الوحيد الباقي من العصر الحميري.
فقال لها: وما سمات العصر الحميري؟
قالت: في العصر الحميري كان الإنسان والحمار يعيشان معًا سواء بسواء ولا فرق بينهما!
ثم طلبت أن تنجب منه طفلًا؛ لكي تستمر هذه السلالة، فقال لها: تريدين أن نتزوج وننجب طفلًا؟
فقالت له: بل أريد أن أنجب منك طفلًا دون زواج.
فقال لها: وكيف ذلك؟
فقالت له: ليست مشكلة بالنسبة لنا، وأرجوك أن توافق.
فقال لها: حتى لو وافقتك، فأنا رجل مسن لا أقدر على ذلك، واستمر الكاتب في سرد الأحداث بأسلوب ساخر وممتع، فهي تحدثه عن باريس، وهو يحدثها عن مصر إلى نهاية الكتاب.
يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.