قبيلة العدوان تاريخ متجذر

تتلقى الفتاة بعد زواجها من أبناء عشائر العدوان رعاية وتكريمًا يتسمان بالبذخ، فيُهيأ البيت بألوان وأصناف متنوعة من الأثاث والطعام، فقد عُرف أبناء العدوان، بتكريمهم للمرأة.

يعود هذا التكريم إلى عهد سابق، وفي التاريخ اشتهرت قصة نمر بن عدوان وزوجته وضحا التي أغدق عليها من جميل الشعر والشاعرية التي خُلِّد في التاريخ.

ولقد ودع العدوان حياة البداوة واقتصادها القائم على الجمال إلى اقتصاد زراعي، فزرعوا المحاصيل وربوا الأغنام، لكنهم حافظوا على التنظيم القبلي، ما مكَّنهم من السيطرة على مساحات واسعة امتدت من الأغوار الشمالية حتى السهول القريبة من عمَّان والبلقاء.

والأخيرة، أي البلقاء، عُدت المنطقة السياسية الرئيسة للعدوان، فقيل إن ابن العدوان عامود البلقاء، بيد أن الشونة تُعد أصل القبيلة، وما زالت إمارة العدوان حاضرة في الذاكرة الشعبية لأبناء القبيلة.

كرم الضيافة والاقتصاد.. تربية وقيم أصيلة

بحثًا عن مصدر مستقر ووفير للدخل، اعتقد العدوان أن المحاصيل هي الأكثر أهمية من الأغنام؛ لأن الأخير عرضة للأمراض، على خلاف الأرض التي تعد مصدرًا مستقرًا إلى حد ما.

لم يحتج أبناء العدوان للترحال بحثًا عن المراعي، كون القبيلة تسيطر على مساحة واسعة ومتنوعة تشكل السهل والوادي والتل والنبع، ويقول العدوان: إنهم استحصلوا ملكية للأراضي الخاضعة لنفوذهم من العهد العثماني.

وزرع العدوان الحبوب من مثل القمح والشعير والعدس والكرسنة، إلى جانب الخضار مثل الباميا والبندورة والبطيخ والدخان والعنب والتين، وزرعوا الإجاص واللوز والبطيخ والتين والعنب، وربُّوا الأغنام والبقر، ونجحت القبيلة في تصدير منتجاتها إلى فلسطين.

الاقتصاد في قبيلة عدوان

وكان للأب مكانة مهمة، فهو مخيم على الكل، ويأخذ حصته من المنتج الزراعي حتى دون أي عمل الذي يتكفل به الأولاد وأسرهم، في نمط أسري معيشي قائم على الأسرة الممتدة، في المجتمع العدواني. 

وتم خزن المحصول، في بيوت حجرية لخزن الحبوب، والمغر لخزن الأغنام والأبقار. 

وكان العدوان، يحرصون على خدمة الضيف، ويخشون من جهد البلاء، وهو الضيف المفاجئ؛ لذا كانوا يربون الربوبة، وهي الأغنام التي تخصص لذبائح الضيوف، ودخان الهيشي الذي كان يعد لتقديمه للضيف المفاجئ.

أخيرًا، كان العدوان يسكبون دهن الذبيحة على أيادي الرجال، وعن ذلك قالوا من دهنوا سقيله، وكان الغدا فك امغرم، أي بمعنى أنه بمجرد الانتهاء من الغداء يغادر الضيف، ويكون وقت الغداء الظهيرة.

فيما كانت العدوان، على تربية أطفالها، وتقوية شخصيتهم، فكان الكبار يجالسون الأطفال في أثناء تناول الطعام الذي يعد بمناسبة العرس. 

الزعامة والحب في التراث.. إمارة ضاربة في الجذور وقصة حب الفارس الشاعر

تعود قبيلة العدوان إلى الحجاز، حيث أخضعت لسلطانها عددًا من العشائر، واتسعت رقعة سيطرتها، وعُرف منها عدد من الصحابة -رضوان الله عليهم- بعد دخولهم الإسلام، ومنهم سعد بن جنادة العدواني، أول من دخل الإسلام من أهل الطائف، وكان منهم الشاعر الفارس ذو الإصبع العدواني، صاحب القصيدة النونية.

ولكن إمارة العدوان، كانت نتيجة سيطرة القبيلة على مساحة واسعة من شرق الأردن، لاسيما البلقاء، حيث لم تكن للدولة العثمانية سلطة حقيقية منذ نشأتها، حتى إنشاء الخط الحجازي، في أواخر عمر الدولة العثمانية، لخدمة الحجاج من بلاد الشام والمتجهين عبر تلك البلاد نحو الحجاز.

ونتيجة محاولة إمارة شرق الأردن، كانت ثورة عام 1923م، بعد سنتين من سيطرة الأمير عبد الله الأول على المنطقة، ضمن ما عُرف بشرق الأردن حينها، بعدما كانت العدوان تسود حلف البلقا، وتلتزم القبيلة في علاقات قانونية واقتصادية متينة مع الدولة العثمانية التي انهارت بعد عام 1918م، فخضعت للقانون العثماني، وتدفع الضريبة للدولة، مقابل الاعتراف بإمارتهم على البلقاء.

وتمكنت العدوان، من استمالة الفلاحين في البلقاء، عبر كرم الضيافة، وتأليف القلوب، وكانت القبيلة تتبع نمط تشغيل العبيد في الحقول، للقيام بمهام الرعي والفلاحة، إلى جانب العمل الفلاحي الحر.

أما نمر بن عدوان، فهو من الشعراء النبطيين، وكان فارسًا في قبيلته، توفي عام 1300 هجرية، وعاش خلال القرن 18 للميلاد، فقد وُلد عام 1745م، فيما تعلم نمر في مدارس القدس والأزهر الشريف في مصر، وكان قد تزعم البلقاء، حتى تنازل عن الزعامة لابن عمه حمود صالح العدوان.

الشاعر نمر بن عدوان

وتزوج نمر من وضحا بنت فلاح السبيلة، ما أثار حفيظة قبيلته، لأنها من قبيلة بني صخر التي لم تكن ضمن حلف البلقاء، وعلى الرغم من زواجه من 3 نسوة بعدها، فإنه بقي مخلصًا في حبه لوضحا التي توفيت، ونثر أشعاره لها، حتى  اشتهرت قصته، فيما توفي هو عام 1823م، عن عمر 78 عامًا.

وقد أنتج التلفزيون الأردني مسلسلًا دراميًا، حمل اسم «نمر بن عدوان»، ركَّز على قصة حبه لوضحا، بمشاركة عدد كبير من الفنانين الأردنيين والفلسطينيين، ومن إخراج بسام المصري.

ملاحظة: المقالات والمشاركات والتعليقات المنشورة بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل الرأي الرسمي لجوَّك بل تمثل وجهة نظر كاتبها ونحن لا نتحمل أي مسؤولية أو ضرر بسبب هذا المحتوى.

ما رأيك بما قرأت؟
إذا أعجبك المقال اضغط زر متابعة الكاتب وشارك المقال مع أصدقائك على مواقع التواصل الاجتماعي حتى يتسنى للكاتب نشر المزيد من المقالات الجديدة والمفيدة والإيجابية..

تعليقات

يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.

مقالات ذات صلة