في أحد الصباحات الخريفية الباردة، السماء غائمة مع بعض الرياح الشمالية. الحشائش اليابسة تتطاير مع هيات الرياح العاتية على تلك التلة المحاطة بالهشيم الأصفر، هناك في الأعلى تنتصب شجرة عاتية، قديمة متجزرة في تربة التلة تلك، شامخة بأغصانه نحو عنان السماء، إنها شجرة التفاح الباسقة. كم من طير أكل منها، وكم من دابة قضمت تفاحها الحلو، وكم من إنسان تذوق عصير تفاحها... الكثير والكثير. في ذلك اليوم الخريفي، تقدم رجل بخطوات ثقيلة نحو التلة. وبدء الهشيم ينسحق تحت أقدام ذلك الرجل ويتطاير مع الرياح. كان يرتدي عباءة تتطاير مع الرياح وهباتها. حذاء جلدي قديم، مازال يقاوم الحصى والتراب وغطاء رأس....
جلس الرجل تحت شجرة التفاح وهو يتنهد من التعب. وضع ظهره على ذلك الجذع الطاعن. تناول من جنبه تفاحة حمراء كانت قد سقطت مع هبوب الرياح الشمالية الباردة. مسحها برفق وازال الغبار عنها ، وبدء يقضمها.
"امممم إنها حلوة المذاق ومنعشة " دمدم الرجل... اهتزت الشجرة، وسمع صوت لأغصانها، وتمايلت مع الرياح العاتية. تطاير الهشيم في كافة الاتجاهات، حتى أن الرجل قد غطى وجهه بكمه، وأمسك التفاحة ووضعها على جانب ثوبه. كان للرياح صوت صفير مرعب ودوي عالي جدا. قرر الرجل أن يجمع بعض التفاحات المتساقطة، وأن يربطها بمنديل كان لديه.ثم يغادر التلة، ويلجأ إلى مكان يقيه عصف الرياح وغبار الأرض وبرودة الطقس. انحدر الرجل من أعلى التلة حاملاً معه بعض التفاحات. نظر إلى الشجرة وكأنه يورعها ويشكرها. ثم همس قائلاً :"يجب أنا أرحل إلى مكان آخر" ثم مشى بين التلال حتى تورى بين أشجار الغابة. ولم يعثر على أي أثر له....
يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.