في محبة الباذنجان.. مقال عن تاريخ الباذنجان وأهميته

الباذنجان واحد من الثمار ذات الوجوه المتعددة، فمنه الأسود وهو الأشهر، ومنه الأبيض (العروس)، ومنه المدور ومنه الرفيع الذي يشبه الخيار أو الكوسة.

ولكون الباذنجان من الثمار المتوافرة معظم أيام السنة، ولسعره الذي يناسب كثيرًا من الأسر، فقد أصبح الباذنجان عنصرًا رئيسًا على كثير من الموائد، لدرجة أنه في بعض الأحيان يكون هو الوجبة الرئيسة، لا يشاركه في المائدة غيره.

قد يهمك أيضًا طريقة عمل وصفات سهلة ومغذية باستخدام الخضروات

أشكال متعددة لطهو الباذنجان

والباذنجان متعدد المواهب، فبإمكانه أن يكون شرائح مقلية، مضافًا إليها بعض الملح والفلفل الأخضر، وقد يكون سلطة، أو أصابع محشية بالأرز، أو يكون عنصرًا رئيسًا من مكونات (المسقعة).

والعجيب أن الباذنجان لا يكتفي بهذه الحالات الرئيسة لوجوده على المائدة، فهو ينوِّع ظهوره، بداية من الباذنجان المقلي.

فهذه الوصفة منه تتنوَّع بين الشرائح المقلية المنفردة المضاف إليها الملح والفلفل الأخضر، أو تكون أصابعه في (مخلل) محشوٍّ بالفلفل الحار ومضاف إليه بعض (الخل) والليمون.

وهذه الوصفة الأخيرة منه قد تكون مسلوقة بدلًا من قليها في الزيت، ثم تشق أصابعه الطويلة ويضاف إليها الملح والخل والليمون، وهو في النهاية مشهٍّ من المشهيات الرئيسة على المائدة.

قد يعجبك أيضًا مكونات سهلة وبسيطة لعمل محشي الخضروات ومحشي الممبار

سلطة الباذنجان

أما الباذنجان الذي يتحوَّل إلى سلطة، فهذا التحوُّل نفسه يتخذ عدة صور وعدة أسماء، أشهرها (بابا غنوج) الذي يُشوى ثم تُزال قشرته الخارجية، ثم تُهرس ويضاف إليها الطحينة والملح والزيت والثوم الفلفل الأخضر والليمون والخل.

وقد تتغيَّر هذه المكونات المضافة، فتصبح الفلفل الأخضر الحامي مع الليمون والخل والطحينة والثوم والطماطم.

وفي هذه الحالة تهرس أو تدق مكونات الفلفل الأخضر مع الثوم أولًا في (الهاون) ثم يضاف إليها الطماطم والملح، وبعد أن تُهرس جيدًا في الهاون يضاف إليها الباذنجان المشوي الذي أزيلت قشرته، وتدق المكونات جميعًا في الهاون.

وقد يضاف لها بعد ذلك الطحينة والليمون والخل، ومن ثم يتحول الباذنجان في هذه الحالة من بابا غنوج إلى سلطة الباذنجان، وهذا النوع من السلطات مشهور ومنتشر في بلاد الشام خاصة.

واللطيف أن سلطة الباذنجان هذه تحوَّلت في بعض البلدان لتصبح (لصيمة) خاصة في فلسطين وسيناء من مصر، وفي هذه الحالة يتجاور الباذنجان مع (العجر) وهو البطيخ  الأخضر قبل أن ينضج.

وقد يضاف لهما الكوسة، ويُشوى الجميع، ثم تُزال قشرة الباذنجان، ويُدق الجميع، وتضاف المكونات إلى (الأنجر) وهو وعاء كبير مفتوح، يمتلئ بالفلفل الأخضر الحامي والليمون والبصل والثوم والخل والطحينة، وتخلط المكونات جميعًا، ثم يُضاف الباذنجان مع (العجر) والكوسة، وتُعجن جيدًا، ومن ثم تصبح (اللصيمة) جاهزة.

قد يعجبك أيضًا أفكار للسحور صحية وسريعة التحضير.. تعرف عليها الآن

محشو الباذنجان الوصفة الأكثر شهرة

وكذلك نذكر الباذنجان الذي يدخل مع الطماطم والفلفل الأخضر وربما البطاطس، وتقع المكونات جميعًا إلى شرائح، ثم تُوضع في الزيت وُتطبخ لتصبح (مسقعة)، تؤكل ساخنة وباردة، ولعل هذا مصدر اسمها.

ونأتي أخيرًا إلى الباذنجان المحشي، إذ يحشى الباذنجان الرفيع -أسود وأبيض- بالأرز، ليكون إلى جوار (الكرنب) و(الخس) وغيرهما من الأوراق الخضراء أساسًا في وجبة المحشي.

وإن تكن تطورات المجتمع دفعت الطهاة المهرة إلى إضافة (اللحم المفروم) لهذه المكونات ليصبح الباذنجان محشوًّا باللحم وحده، أو باللحم والأرز.

وهذا التطوُّر مع ارتفاع الأسعار حوَّل الباذنجان إلى وجبة الأغنياء أو الموسرين في الأقل، فليس كل الناس يستطيعون حشو (باذنجانهم) باللحم المفروم، وهم إلى ذلك لا يستطيعون في كل وقت صناعة (صينية) منه، يغطيها (الباشاميل).

وهنا نلتفت إلى الدلالة الاجتماعية (للباذنجان)، إذ إنه وجبة تجمع بين الأغنياء وبسطاء الحال، وكل منهما يعدُّه بالطريقة التي تناسبه، لكنه مع ارتفاع الأسعار أيضا تحوَّل إلى وجبة غير متاحة في كل وقت، وأصبح الباذنجان دليلًا على دلالته الضمنية التي يستعملها المصريون في أحاديثهم: باذنجان، أو باللهجة المصرية: (بتنجان)، ويعنون به الخلل العقلي، أو انفلات الأمر.

قد يعجبك أيضًا خطوات نظام الكيتو للمبتدئين.. تعرف عليها الآن

فهل أصبح الباذنجان دليلًا على عصر فات، وعزّ لم يعد متاحًا؟

أنا شخصيًّا أحب الباذنجان، وأراه من أهم مكونات المائدة، خاصة أن تناوله لا يرتبط بوقت، ويمكن تناوله صباحًا على الإفطار، وظهرًا على الغداء، وليلًا على مائدة العشاء.

وسواء تناولته منفردًا أو مصحوبًا بعناصر أخرى، يبقى الباذنجان من أهم المشهّيات التي (تفتح النفس)، وتدفع (المزاج) إلى الصفاء، علاوة على فوائده الصحية الكبيرة، نظرًا لما يحتويه من فيتامينات، ولمكوناته الطبيعية من مضادات التهاب ومضادات أكسدة، خاصة حين يضاف إليه الثوم وزيت الزيتون، وكلاهما غني عن التعريف بفوائده الصحية.

تحية للباذنجان، وتحية لكل الجيل الذي تربَّى على مائدته، وليعش الباذنجان علامة على طيبة ماضينا، حتى لو اقترن بالاختلال وانفلات الأمور!!

ملاحظة: المقالات والمشاركات والتعليقات المنشورة بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل الرأي الرسمي لجوَّك بل تمثل وجهة نظر كاتبها ونحن لا نتحمل أي مسؤولية أو ضرر بسبب هذا المحتوى.

ما رأيك بما قرأت؟
إذا أعجبك المقال اضغط زر متابعة الكاتب وشارك المقال مع أصدقائك على مواقع التواصل الاجتماعي حتى يتسنى للكاتب نشر المزيد من المقالات الجديدة والمفيدة والإيجابية..

تعليقات

يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.

مقالات ذات صلة