فقط أنا وهدوء اللّيل أجلس بصمت، أقلّب الصفحات، أتحسس ملامح وجهي الذي لطالما رغبتُ بأن أرى كيف يبدو، لا تندهشوا فأنا كفيفة لا أرى شيئًا من هذه الدّنيا إلا الآهات.
كنتُ في الرّابعة من عمري ألعب وأتناول الطّعام كيفما أشاء إلى أن انقلب كلّ شيء ضدّي! في تلك اللّيلة أصابتني حمّة وأصبحت كفيفة أنا إلى يومنا هذا، مصدومة من الشيء الذي حصل لي؛ فما عُدت أرى وجه أمّي ووجه أبي، فقط أرى الظلام الدّاكن المُرعب.
مضت سبع سنوات وأنا الآن في العاشرة من عمري ولم أشفى، كان قد اقترب عيد ميلادي... كم كنت أحبّ أعياد الميلاد بشدّة! ولكن من المحزن أني لا أتفاعل بشدّة.
سمعتُ الطبيب وهو يخبر أمّي بأن نسبة شفائي قليلة جدًا، شهقتُ شهقةً طويلةً كتمت دموعي الشفافة غير المرئية، ورحتُ في نوبة غضبٍ طويلةٍ ثم بدأتُ بالصراخ دون توقف! حاولت أمّي تهدئتي ولكنّي ظللت أصرخ إلى أن تعبت واختفى صوتي.
نمتُ على سريري وتمنيّت أن يحدث شيئًا في تلك اللحظة، أن أختفي مثلًا أو وأن يعود لي بصري!!
أتى يوم عيد ميلادي، كان كلّ شيء رائع، كنتُ أشعر بهذا الشعور وحتى ولو لم أرى التحضيرات وفستاني الباهظ الثمن.
جهّزتني أمّي وذهبت للخارج، كان الجميع يغنّي لي وحين اقترب أحدٌ ما مني وعانقني بشدّة إذ هي صديقة الطفولة رشا، قدّمت لي هديّتها التي كانت إسواره لتعبّر عن صداقتنا.
رقصنا وغنيّنا وتناولنا الطّعام وفتحتُ الهدايا وكانت رائعة، ولكن هدية أبي كانت أجمل هدية على الإطلاق إذ أحضر لي فستانًا كفستان الأميرات، قال لي إن لونه ورديّ، وعندما أحسست القماش كانت ناعمة ورائعة وهمس لي أني سأرى كلّ شيء عمّا قريب... فتحتُ فمي إلى آخره وصرخت قلت له كيف؟ قال لي إنه يوجد علاج في إنجلترا عند أشهر أطبّاء العيون!!! آه لو تدرون مدى سعادتي في ذلك الوقت.
أنا دلع أصبحت في الخامسة عشر من عمري، وأنا أرى كل شيء بأمّ عيني، أنا سعيدة وأحمد الله ألف مرّة على ما مررتُ به، أتمنّى لكم وافر العافية وأن تدوموا بأحسن حال وصحة وسلام.
يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.