كيف نكتب التّاريخ الإسلاميّ؟
سؤال مهمّ وصعب، وأكثر النّاس لا يعرفون إجابته.
أوّلًا علينا أن نقرر هل هو تاريخ الإسلام أم تاريخ المسلمين؟
التّاريخ الإسلاميّ مليء بأحداث لا يقرّها الإسلام، ولكنّها من صنع المسلمين، فبالتّالي يرى البعض أنّ الاسم الصّحيح له هو تاريخ المسلمين، ولكن وفي المقابل التّاريخ الإسلاميّ يبحث ويوضّح تاريخ الإسلام بدايته وانتشاره، ومن هنا لا حرج أن نسمّيه تاريخ الإسلام أو التّاريخ الإسلاميّ، وبالطّبع فسيرة النّبي جزء من هذا التّاريخ وبالتّالي يجب أن نعرف من أين ننتقي مصادر التّاريخ الإسلاميّ لنصل إلى الحقيقة، ولا يمكن تطبيق قواعد علم الحديث النّبوي على علم التّاريخ باعتبار أنّ معظم أحداث التّاريخ تمّت روايتها دون سند، فبالتالي لو طبّقنا قواعد علم الحديث على التّاريخ سنرفض معظم الرّوايات التّاريخيّة، وتضيع كنوز تاريخيّة عظيمة؛ لأنّ معظم التّاريخ ذكر دون إسناد، وقد حاول أحد دكاترة التّاريخ أن يطبّق قواعد علم مصطلح الحديث على علم التّاريخ، وألّف كتابًا سمّاه "مصطلح التّاريخ"، وقد يكون إخضاع علم التّاريخ لقواعد علم مصطلح الحديث ضروريًّا في بعض الأحيان خاصّة عندما يذكر مؤرخ ما حدثًا وقع قبل مولده بثلاثمئة سنة، يذكره دون أن يذكر سنده، أو يكون قد سبق لمؤرخ قبله ذكره لأنّ معاصرته للحدث غير ممكنة، فمن أين جاء به إذن؟..
ولكن هل هذا يعني أن نقبل كلّ ما تذكره كتب التّاريخ الإسلاميّ دون تدقيق، ونعتمد أنّ هذا هو التّاريخ الإسلاميّ خاصّة خلال المئتي سنة الأولى بعد الهجرة؟ طبعًا لا، إنّ الأمر وسط، ويمكن أن نضع ميزانًا يضبط ذلك، أوّلًا علينا أن نعلم أنّ أوّل مصدر موثوق للتّاريخ الإسلاميّ هو القرآن الكريم الّذي تناول جزءًا من سيرة الرّسول، وبعض الأحداث الّتي وقعت للمسلمين في عهد النّبوة، وبعده كتب الحديث الّتي تناولت جزءًا من التّاريخ الإسلاميّ بسند صحيح موثوق، ككتاب: صحيح البخاريّ، ومسلم، وأبو داود، والتّرمذيّ وغيرهم، ثمّ كتب تفسير القرآن الّتي تناولت تفسير بعض الآيات الّتي تناولت أحداث عهد النّبوة، وكتب شروح الأحاديث الّتي تناولت توضيح وشرح الأحداث التّاريخيّة الّتي ذكرت في الحديث النّبويّ أو في الآثار الثّابتة عن الصّحابة، وفيها أخبار ما وقع بعد عصر النّبوّة، ثمّ كتب الفقه الّتي ألّفها العلماء الكبار، وتطرّقت لبعض الأحداث التّاريخيّة الّتي تناولت فقه مسألة ما، ثمّ كتب التّاريخ الّتي روت الأخبار بالأسانيد ككتاب: تاريخ الطّبري، والبلاذري وغيرهما، ثمّ كتب التّاريخ الّتي ألّفها النّقاد والعلماء المعروفين بتفقد الأسانيد وتّدقيقها كابن الأثير، والذّهبيّ، وابن كثير، وابن خلدون وغيرهم، ولكن يبقى الإشكال متعلّقًا بالأحداث التّاريخيّة الّتي لا نجدها في كلّ ما ذكر كيف نتصرّف معها؟
علينا ان نعلم أنّه إذا كان الخبر يتعلّق بالدّين أو خبر عن صحابيّ، ونجد أنّ الخبر لا يتّفق مع ما ثبت عن هذا الصّحابيّ من حسن الخلق والأمانة والتّدين والشّجاعة ففي هذه الحالة نرفض الخبر لأنّه لا يليق بشخص كهذا... وللحديث بقيّة.
شكرا للمقال الجميل
ننتظر البقية 🌿
يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.