نصيحة يجب الأخذ بها. إياك ومغادرة الحياة، دون تحقيق حلمك، أو أمنيتك الأخيرة، كآكل البيتزا مثلًا. حتى وإن تعرضت في بلدك لحادثٍ ما، أو كارثة بيئية، كونية، تؤكد لك نهاية حتفك. تمامًا كما نخبرك!
الآن هذا حال بطلة بارامونت بيكتشرز "سام"، ضمن فيلم "A Quiet Place: Day one" للكاتب والمخرج "مايكل سارنوسكي"، التي لم يمنعها ما تعرضت له مدينة "نيويورك"، من رغبتها بالحصول على قطعة "PIZZA" .
"مكان هادئ: اليوم الأول"، هو نسخة جديدة من "A Quiet Place"، تحكي لنا كيف انتشرت مخلوقات الزومبي الفضائية المرعبة في أمريكا، قبل أحداث نسختي المخرج والممثل والمنتج "جون كراسينسكي"، في عام 2018 و2020.
السلسلة التي بنت عالمًا آخر ما بعد نهاية العالم، لا يشبه العوالم التي شاهدناها سابقًا بواسطة أفلامٍ عدة، حيث إن المكان الهادئ اتبع منهج الصمت التام للنجاة، ومحاولة البقاء حيًّا أطول مدة ممكنة، والانفلات من كائنات تتمتع بحساسية عالية تجاه الأصوات.
اقرأ أيضًا: 10 من أجمل أفلام الأكشن.. تعرف الآن
اصمت لتنجو...
كان الصمت من ذهب مع بداية ظهور الفن السابع -السينما- وظل سنوات. حين كانت الأفلام صامتة، لا حواراتٍ منطوقة، فقط إيماءات وأفعالٍ تمثيلية باستخدام "لغة الجسد"، اللغة التعبيرية الأولى في فن التمثيل السينمائي. ولاحقًا مع تطور التقنيات المستخدمة، صارت الأفلام ناطقة. وصار الصمت ضيفًا خفيفًا، وتقنية يلجأ إليها المخرجون لإيصال مشاعر معينة، في لحظاتٍ معينة، وحوادث معينة مثل "الانفجارات". وذلك من أجل صب جل اهتمام المشاهد، في أهمية ما حدث، وفهم واستيعاب تبعياته.
ومع "A Quiet Place"، عاد الصمت ليكون عنصرًا رئيسًا في الحكاية، ونهجًا مثيرًا ضمن هذه السلسلة، وتجربة مرعبة تجعلنا نمعن النظر بها، حتى وإن كانت مستحيلة الحدوث. أنت المشاهد الذي تابعت، لا تنكر بأنك تخيلت نفسك ولو لثوانٍ قليلة، مكان تلك الشخصيات، ومُت خوفًا من الفكرة!
الجزء الثالث "A Quiet Place: Day one"، يتتبع حكاية سام مريضة السرطان، المقيمة داخل دار رعاية تهتم بالمرضى الميؤوس من شفائهم. تخرج رفقة الممرض وسكان الدار، في رحلة إلى نيويورك لمشاهدة عرض ترفيهي. عند العودة تطلب سام من روبي الذهاب إلى مطعم البيتزا "هارلم"، لكنه يصر على التأجيل.
في أثناء ذلك تحلِّق الطائرات المقاتلة فوق شوارع المدينة، وتعلو أصوات صفارات الإنذار محذرةً الناس من حدوث أمرٍ غريب. وبسرعة البرق نلاحظ وصول أجسامٍ غريبة ملتهبة من الفضاء، وكان ذلك الغزو الفضائي كائنات وحشية عمياء، تصطاد فرائسها بمجرد صدور الصوت.
وبالتالي على الجميع التزام الصمت، والتنقل على أصابعهم بهدوء، حتى ينجوا بجلدهم. يا ترى كيف ستكون ساعات سام الأخيرة، رفقة قطها الداعم والهادئ "فرودو"، وصديقها الجديد طالب الحقوق "إيريك"؟
اقرأ أيضًا: 13 فيلم رعب من أكثر الأفلام رعبًا في العالم
شخصيات سارنوسكي عاطفية
ما يميز فيلم "A Quiet Place: Day One" بدايةً، أنه لا داعي لأن تكون قد شاهدت الجزأين السابقين لفهم الحكاية، فأحداثه تأخذنا إلى اليوم الأول للغزو الفضائي، وانتشار الفوضى الوحشية. أيضًا شخصياته الرئيسة جديدة، ولا صلة لها بعائلة "أبوت".
كما تم تجسيد الرعب والفوضى والتوتر بأسلوب حي ممتع، خصوصًا بعد تصوير مشاهد الحركة المرورية، والزحمة التي تتسم بها شوارع نيويورك الصاخبة، ومن ثم نقلنا بلحظة إلى حالة من الترقب والخوف، والدمار، وأوقات الصمت الطويلة، فلا يمكن سماع الأصوات، إلا فيما ندر، هناك فقط الأحاديث غير المنطوقة.
الذي يغني العمل هو التنوع في السرد القصصي البصري، وطريقة استعراض الشوارع والأزقة الفارغة، والمناطق المغلقة، والأبنية ذات الأسطح الزجاجية، هذه الأماكن تزيد حدة الخوف، لشعورك الداخلي أنك عارٍ تمامًا أمام تلك الكائنات.
يتفوق "مكان هادئ" بجزأيه على "اليوم الأول"، في ناحية تطور الحبكة والشخصيات، لكن نسخة المخرج "مايكل سارنوسكي" تطرح دراما إنسانية عاطفية مؤثرة، ونلاحظ رغبة الناس بالمساعدة. وهذا ما يجعل الأداء التمثيلي لنجومه ورقة رابحة ترفع قيمته، وتمكنه من ملامسة المستوى المقدم في الأجزاء السابقة، وتحديدًا الجزء الأول.
كيمياء عالية تجمع الممثلة "لوبيتا نيونجو" و"جوزيف كوين"، نشاهد كيف ترسخ العلاقة بينهما أهمية التعاطف والتلاحم الإنساني، في مواجهة الصعاب. تمتلك لوبيتا قدرة كبيرة على التعبير، وإيصال المشاعر المختلطة بعينيها ولغة الجسد، كذلك الأمر بالنسبة لِكوين، بأداء مميز ولافت.
ويجب أن نشيد أيضًا بالموسيقى التصويرية، التي أضفت نوعًا من أجواء الرعب والتوتر، أيضًا التصوير السينمائي الذي يبرهن على مدى الجهد المبذول في العملية الإخراجية، وتحويل طرقات نيويورك الملأى بالسكان والمارة، إلى ساحاتٍ ملك المخلوقات الدموية.
وأخيرًا ما رأيك في هذه السلسلة؟
يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.