يبدأ فيلم "ستاشر"، أو كما أطلق عليه "أخاف أن أنسى وجهك"، برسالة صوتية لفتاة مراهقة تعلن فيها أنه مر شهران على حبسها بمنزلها، وأنها أخذت هاتف أمها النائمة لتتواصل مع المتلقي وتسأله في مزاج كئيب، إن كان قد وجد طريقة ليهربوا بها.
بداية احداث فيلم ستاشر
ثم يكشف الكادر اللاحق عن ذلك المتلقي، فتى في السادسة عشر من عمره، يبدو عليه الضيق والفزع من شيء غير معلوم، يبدو عليه أنه متوجه لقضاء مهمة ما.
بدأت بالعبث في ملابس أمه، ثم العبث بملابس الجيران على أسطح بيته ليجد ضالته أخيرًا، وهي فيما يبدو جلباب أسود وغطاء للوجه.
يصحبنا الفتى المتخفي معه في مواصلتين مرهقتين، ثم سلم عمارة قديمة، ثم عزاء، ثم نداء لمن يريد أن يسلم على المرحومة؛ لأن عربية النعش وصلت.
فيدخل على أنه أحد قريبات المتوفاة، ويظل يتأمل في وجهها الذي يخاف بشدة أن ينساه، لنكتشف وحدنا أن المرحومة هي صاحبة الرسالة التي انقطع حبسها بالذهاب إلى ربها.
ينزل الفتى، ويعود إلى إرهاق المواصلات، ثم نرى وجهه أخيرًا وقد انفطر من البكاء.
اقرأ ايضاً فيلم سوبر 30 SUPER الهندي .. هل يمكن أن يغير التعليم العربي؟
ما أول ما خطر على بال الكاتب ؟
أول ما خطر على بالي هو أن الفتاة قد انتحرت؛ لأنها حرمت من ممارسة حياتها ومن رؤية حبيبها، وهي لا تزال طفلة، ثم بنظرة أخرى فكرت أنه قد تكون الفتاة قتلت جزاء سرقة الهاتف والتواصل معه.
ولماذا حبسها أهلها من البداية؟ هل لأنه قد ذاعت سمعة بسوء خلقها، أم لأن أباها سكير ومزاجي وفعل ذلك دون سبب؟ ما مصير ذلك الشاب؟ كيف سيعيش حياته تاركًا وراءه علا التي تركته وهو لا يزال يخطط كيف سيعيشان العمر كله معًا؟ ما الذي أراد المخرج قوله؟
اقرأ ايضاً فيلم soul.. أبرز الأخطاء التي وقع فيها فيلم الأنيميشن الشهير!
ما العامل المشترك في كل المشاهد؟
العامل المشترك الوحيد في كل المشاهد هو الفقر، يريد المخرج أن يقول: إن الفقر هو الذي قاد الوضع إلى ما هو عليه، ثم توقفت لحظة ولاحظت أني أستقي كل تفسيراتي من الواقع.
فتلك فتاة انتحرت خوفًا من الفضيحة، وأخرى لأن والدها عنفها، وذلك شاب تعرف على الاكتئاب بسبب ضيق الحال قبل أن يتعرف على نفسه.
الحقيقة أن الحياة شاقة، وعلى عكس ما أجمع عليه ليس دائمًا ما يقود هؤلاء الشباب إلى درك الاكتئاب المظلم وهوة التخلي عن الحياة هو فقدان المعنى والرغبة في الأشياء.
قد تكون هي الرغبة الزائدة، الرغبة في أن يشرفوا أهلهم وأنفسهم، الرغبة في الحرية، الرغبة في السعادة والأنس في رحاب رفيق للحياة، الرغبة في ألا يحدث كل ما يحدث.
اقرأ ايضاً كيف أثار فيلم "بورن أوت" الجدل رغم مرور سنوات على صدوره ؟
ماذا أراد المخرج سامح علاء قوله؟
أعتقد أخيرًا أن ما أراد المخرج سامح علاء قوله بفيلمه الذي خلا تمامًا من الحديث إلا قلة، هو ما الذي يمكن أن يحدث حين يدهس الجهل والعنف والفقر عشوائية الزمن؟
نفوس رقيقة نضرة آملة ليطفئها بصورة أو بأخرى ويمضي بلا اكتراث، كل ما فعله المخرج هو وضع حياة آلاف الشباب تحت عدسة مكبرة لمدة ربع ساعة لا أكثر.
ولكنه نقل بذلك قدرًا من المشاعر يعلن بها أن الوضع ليس على ما يرام، وأن غيوم الألم تطوف حولنا، ولا نلاحظها إلا بعد فوات الأوان، واستحق بذلك كل التقدير السينمائي الذي تلقاه.
يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.