فيلم «إدوارد ذي المقصات» يظهر قسوة البشر

لم يحدث أن كتبت مقالًا عن تحليل عمل درامي أو سينمائي مع أنني أتأمل كثيرًا في بعض الأعمال غير المألوفة، وأجد فيها من الدروس والعظات والفهم عن طبيعة البشر ما لا يمكن للجميع استيعابه.

اقرأ أيضًا: 10 من أجمل أفلام الأكشن.. تعرف الآن

الفتى إدوارد ذي المقصات Edward Scissorhands

هو فيلم أجنبي من بطولة النجم العالمي "جوني ديب"، ويحكي باختصار عن فتى يعيش في منزل بعيد فوق قمة أحد الجبال المهجورة في المدينة.

وعلى غرار قصة بينوكيو التي صنع فيها صانع الألعاب الدمية المعروفة، صنع عالم آخر إدوارد، بغض النظر عن اتفاقنا بعدم قدرة أي مخلوق على صنع مخلوق آخر سوى الله، لتتبقى صفة الخلق لله وحده.

لكن الفيلم خيالي، وليس هذا هو صلب الموضوع، فبعد انتهاء العالم الذي يسكن المنزل المهجور من صنع إدوارد، علَّمه اللغات والشعر والأدب، حتى صار إدوارد شابًّا نقيًّا مؤدبًا يمتلك قدرًا لا بأس به من المعرفة.

لم يتبق لإدوارد سوى أن يستبدل العالم يديه التي اتخذت شكل المقصات، بيدين طبيعيتين ليصير إدوارد بشريًّا يمكنه العيش وسط البشر.

لكن القدر لم يسعفه، فقد هوى العالم ميتًا دون سبب واضح، ودون قصد مزَّق إدوارد اليدين الحقيقيتين حزنًا على رحيل العالم الذي كان يؤويه.

اقرأ أيضًا: 10 أفلام حرب عالمية تستحق المشاهدة

أول زائر بعد قرون

ظل إدوار حبيس المنزل المهجور، يعمل على تقليم الأشجار في الحديقة وجعلها مبهرة، حتى غلب الفضول إحدى مندوبات شركات التجميل لتصعد الجبل وتدلف إلى هذا المنزل المهجور، فقط لتجد إدوارد، وتعود به إلى العالم الخارجي.

في البداية تقبَّل الجميع هيئة إدوارد الذي قابل صعوبات عدة في تناول الطعام وارتداء الملابس بسبب يديه التي مثل المقصات، لكنه أبهر الجميع بقدرته على تصفيف الشعر بمهارة، وتقليم الكلاب والأشجار ليضفي على الحي البائس لمسة مميزة.

لكن إدوارد وقع في حب الابنة المراهقة للسيدة التي استضافته التي أدت دورها "وينونا رايدر"، ولأنه يحبها فقد صحبها مع صديقها جيم إلى منزل هذا الأخير لسرقته، فقد كان إدوارد قادرًا على فتح الأبواب المغلقة باستخدام المقصات في يديه.

لم يدرك إدوارد ما تورط فيه إلا بعد أن انطلق جهاز الإنذار داخل المنزل ليرحل جيم والابنة تاركين إدوارد وحده يواجه الشرطة بتهمة السرقة.

شعر جيم بأن فتاته تذهب منه ومزَّقته الغيرة من إدوارد، لذا سعى لإيذائه بكل الوسائل، وهو ما ظهر للجميع على أن إدوارد هو المخطئ.

العالم لا يفهم المختلفين

لم يستطع إدوارد التحدث بالحقيقة وبأن الابنة هي السبب من البداية وهي من ورطته في حادثة السرقة، وصارت البلدة تطارد إدوارد بعد أن كانت تحبه وتُقبل عليه في البداية.

هرب هذا الأخير حتى وصل إلى منزله الأول أعلى الجبل، فقط ليتبعه جيم ويحاول قتله، وينتهي الصراع بسقوط جيم من أعلى المنزل صريعًا، وتهتف الابنة لإدوارد بأنها تحبه، ثم تنطلق إلى الأسفل لتكبح جماح المارة الغاضبين.

كان الجميع قد عزم على سحق إدوارد والقضاء عليه، لكنها أوهمتهم أنه مات هو وجيم بعد صراع بينهما، ليرحل الجميع تاركين إدوارد وحيدًا كما كان.

اقرأ أيضًا: قراءة هادئة لكتاب «أحسن مائة فيلم كوميدي»

النهاية المأساوية

في نهاية الفيلم تظهر الابنة وقد صارت جدة تحكي حكاية إدوارد لحفيدتها، وتخبرها أنه ما زال حيًّا.. "قبل أن يأتي إلى هنا لم تكن تمطر ثلجًا أبدًا، وبعد مجيئه صارت كذلك، لو لم يكن بالأعلى الآن لم تكن لتمطر ثلجًا".

ينتهي الفيلم بالفتى إدوارد يقلِّم أشجار الحديقة ويعود وحيدًا إلى نقطة الصفر، لم يستفد شيئًا من نزوله إلى عالم البشر سوى أن تمزق قلبه بلا رحمة، وحُرم من حبيبته للأبد.

أعتقد أن الله تعالى خلق الجنة ليس لمجازاة المؤمنين فحسب، بل لتعويض أولئك الذين لا يصلحون للعيش في هذا العالم عن قسوة الدنيا، وكما قال دكتور أحمد خالد توفيق: "كنت أتساءل.. لماذا يختار الموت أفضل من فينا؟ ولكنني وجدت الإجابة مؤخرًا في كلمة أحدهم.. لأنهم نجحوا في الامتحان مبكرًا.. فلا داعي لوجودهم".