زيت النخيل ملك الزيوت النباتية وأكثرها إثارة للجدل! يُستهلك هذا الزيت في 50% من المنتجات الغذائية والمستحضرات التجميلية عالميًّا حسب منظمة الصحة العالمية، لكن هل فوائده تفوق أضراره؟ تشير دراسة نُشرت في مجلة التغذية الأمريكية إلى أن زيت النخيل غير المكرر يحتوي مضادات أكسدة تفوق زيت الزيتون بــ 15 ضعفًا! في هذا الدليل العلمي، نكشف لك الحقائق المدعومة ببحوث عن فوائده لصحة القلب والدماغ، وتحذيرات الخبراء من سوء استخدامه، مع تحليل مُعمَّق لتأثيره على البيئة.
ما زيت النخيل؟
زيت النخيل زيت نباتي طبيعي يُستخلص من لب ثمار شجرة نخيل الزيت (Elaeis guineensis) التي تزرع بكثافة في المناطق الاستوائية من جنوب شرق آسيا مثل إندونيسيا وماليزيا وكذلك في أفريقيا وأمريكا اللاتينية، وزيت النخيل الخام أو الأحمر (Red Palm Oil) يكون لونه ما بين البرتقالي والأحمر بسبب غناه بالكاروتينات، أما زيت النخيل المكرر (RBD Palm Oil)، وهو الأكثر شيوعًا في المنتجات الغذائية المصنعة، فيكون لونه أصفر باهت أو أبيض ويتم تجريده من معظم مضادات الأكسدة والنكهة والرائحة أثناء عملية التكرير.
ويستخدم زيت النخيل على نطاق واسع في عدد من الصناعات سواء الغذائية أو التجميلية، وذلك بسبب كلفته المنخفضة، بالإضافة إلى إنتاجيته العالية، لذلك فهو من أكثر الزيوت استخدامًا في العالم.
التركيب الكيميائي لزيت النخيل ولماذا يختلف عن الزيوت الأخرى؟
ويحتوي زيت النخيل 50% دهون مشبعة (حمض البالمتيك) و40% دهون أحادية غير مشبعة (حمض الأوليك)، ما يجعله مستقرًا حراريًّا مقارنة بزيوت الذرة أو عباد الشمس بحسب منظمة الأغذية والزراعة (FAO).
فوائد زيت النخيل
بفضل الفيتامينات المتعددة والعناصر الغذائية التي يحتويها زيت النخيل، يعد زيت النخيل أحد الزيوت النباتية الطبيعية المشتملة على كثير الفوائد الصحية، وإليك أبرز هذه الفوائد:
تأثيره زيت النخيل في صحة القلب والكوليسترول
على الرغم من أن كثيرًا من الناس يعتقدون أن زيت النخيل له أضرار على صحة القلب، لاحتوائه على الدهون المشبعة نحو 50%، أغلبها حمض البالمتيك، فإن العكس هو الصحيح، فقد أثبتت دراسة أجراها المعهد الوطني للصحة (NIH) أن زيت النخيل يعد بديلًا صحيًّا للدهون المهدرجة التي تحتوي الأحماض الدهنية المتحولة (Trans Fats) التي ثبت أن لها تأثيرات ضارة وشديدة الخطر على الصحة.
صحيح أن زيت النخيل أفضل من الدهون المتحولة، لكن مقارنته بالزيوت الغنية بالدهون غير المشبعة (مثل زيت الزيتون، الكانولا، دوار الشمس) تظهر أن زيت النخيل يميل إلى رفع مستويات الكوليسترول الضار (LDL) أكثر من تلك الزيوت، وإن كان تأثيره قد يكون أفضل من الزبدة.
وتزعم بعض المصادر أن هذه الدهون الصحية الموجودة فيه بنسب متفاوتة مع الدهون المشبعة تعمل على خفض مستويات الكوليسترول الضار في الدم ورفع مستويات الكوليسترول الجيد (HDL)، ما يسهم في تقليل مخاطر الإصابة بأمراض القلب. إضافة إلى ذلك، يعمل البيتا كاروتين الموجود في زيت النخيل الأحمر على تحفيز زيادة إنتاج فيتامين أ الذي يعمل على تحسين صحة القلب والأوعية الدموية.
كما أن زيت النخيل يحتوي أيضًا على مركبات التوكوترينول التي تعد نوعًا من أنواع فيتامين E التي تعمل على تقليل مخاطر الإصابة بالالتهابات وتصلب الشرايين، وذلك بسبب الخصائص المضادة للأكسدة الموجودة في فيتامين E.
وعلى الرغم من ذلك يجب الانتباه إلى أن كل هذه الفوائد هي عند تناول زيت النخيل باعتدال فقط؛ لأن الإفراط في تناول زيت النخيل يحول هذه الفوائد إلى أضرار، لأن زيادة مستويات الدهون والكوليسترول في الدم ضارة جدًّا بصحة القلب، وتزيد مخاطر الإصابة بأمراض مثل تصلب الشرايين.
زيت النخيل مفيد لصحة الدماغ؟ (التوكوترينولات وفيتامين E)
يحتوي زيت النخيل مكونات عدة تعمل على تحسين صحة الدماغ، فالدهون غير المشبعة التي يحتوي عليها زيت النخيل تسهم في حماية الدماغ من مخاطر عدة أمراض مثل السكتة الدماغية والخرف وسرطان الدماغ.
ثم إن زيت النخيل يحتوي على مادة البيتا كاروتين ومركبات التوكوترينول التي لها خصائص مضادة للأكسدة، وتعمل على تحسين صحة الدماغ وتحمي خلاياه من التلف، ما يقلل بدرجة كبيرة مخاطر الإصابة بأمراض الشيخوخة مثل ألزهايمر والخرف.
زيت النخيل مصدر غني لفيتامين أ
يعد زيت النخيل مصدرًا غنيًّا بمركبات الكاروتينات، وخصوصًا مادة البيتا كاروتين التي ذكرناها سابقًا، وهذه المركبات تتحول في الجسم إلى فيتامين أ، لذلك فإن تناول زيت النخيل يسهم في رفع مستويات فيتامين أ في الجسم، ما يجعله مفيدًا خصوصًا للأشخاص الذين يعانون نقص فيتامين أ، إضافة إلى الفوائد المتعددة لفيتامين أ، من تقوية جهاز المناعة وتعزيز صحة الجلد وتحسين صحة العين والبصر ووقايتها من الأمراض.
أضرار زيت النخيل والمخاطر الصحية المحتملة
على الرغم من كثرة الاعتقاد أن زيت النخيل ضار؛ فإنه لم يثبت ارتباطه بأضرار معينة، ولكنه مع ذلك قد يكون ضارًّا في بعض الحالات المعينة مثل:
خطر التسخين المتكرر وتدهور الزيت
إن تكرار تسخين زيت النخيل يحوله من زيت طبيعي غني بالفوائد إلى مادة ضارة وخطيرة لصحة الجسم، فعند استخدام زيت النخيل في القلي أكثر من مرة يعمل هذا على تقليل خصائصه المضادة للأكسدة، ويتحول إلى مواد ضارة تزيد خطر الإصابة بالأمراض المزمنة مثل مرض السرطان وأمراض القلب، بالإضافة إلى رفع مستويات الكوليسترول الضار، الذي يضر بدرجة كبيرة صحة القلب والأوعية الدموية.
التداخل المحتمل مع أدوية سيولة الدم
قد يتداخل زيت النخيل مع بعض الأدوية المعينة مثل أدوية السيولة أو مضادات التخثر، ما قد يؤدي إلى تقليل فعالية هذه الأدوية، وقد يسبب مضاعفات خطيرة مثل حدوث نزيف، لذلك من الضروري استشارة طبيب حول تناول زيت النخيل، إذا كنت تأخذ هذه الأدوية لتجنب أي مضاعفات محتملة.
مخاطر الإفراط في تناول زيت النخيل
يعد الإفراط في تناول زيت النخيل ضارًا بالصحة، وذلك لاحتوائه على نسبة عالية من الدهون المشبعة التي تؤدي زيادتها في الجسم إلى زيادة مستويات الكوليسترول الضار (LDL) في الدم، ما يزيد مخاطر الإصابة بأمراض القلب والشرايين، بالإضافة إلى ذلك فإنه قد يؤدي إلى أضرار أخرى مثل زيادة الوزن والسمنة، بسبب سعراته الحرارية المرتفعة (مثل باقي الزيوت والدهون، نحو 9 سعرات حرارية لكل جرام)، لذلك ينصح بتناول زيت النخيل باعتدال دون الإفراط فيه.
يمثل زيت النخيل حالة معقدة في عالم التغذية؛ فهو زيت متعدد الاستخدامات واقتصادي، لكنه يحمل في طياته اعتبارات صحية وبيئية مهمة، في حين يحتوي زيت النخيل الأحمر غير المكرر على مغذيات قيمة مثل الكاروتينات والتوكوترينولات ذات الفوائد المحتملة، فإن النوع المكرر الشائع الاستخدام يعد مصدرًا عاليًا للدهون المشبعة والسعرات الحرارية، ما يتطلب تناوله باعتدال شديد.
والأهم هو التمييز بين أنواع زيت النخيل، واستهلاكه باعتدال كجزء من نظام غذائي متوازن، وقراءة ملصقات المنتجات بعناية للتعرف على محتواها من الدهون المشبعة ومصدر الزيت، ولا يمكن إغفال الآثار البيئية والاجتماعية الكبيرة المرتبطة بإنتاجه، ما يدعو إلى البحث عن مصادر مستدامة أو بدائل أخرى عند الإمكان لاتخاذ خيارات أكثر وعيًا.
في نهاية هذا المقال، نستنتج أن زيت النخيل ليس شرًّا مطلقًا ولا حلًّا سحريًّا، بل سلاح ذو حدين، وتشير دراسات إلى أن استهلاكه بكميات معتدلة (أقل من 10% من السعرات اليومية) يقلل خطر أمراض القلب بنسبة 27%، لكن الإفراط فيه -خاصة المكرر- قد يُدمر الصحة! شاركنا رأيك: هل تضيف زيت النخيل إلى نظامك الغذائي بعد قراءة هذا المقال؟
يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.