أكتب مقالي هذا وأنا أتوق إلى الوصول إلى تلك المعادلة، تلك السيمفونية التي بانقطاع عزفها تبدأ الحياة في تقلّباتها المؤلمة، أتوق إلى تعلم فنّ الحياة، ولكن الحياة علّمتني أن إتقان ذلك الفنّ يبدأ بعد تخطي صراعات العمر والتمرّغ في تراب المواقف المختلفة، علّمتني الحياة أن بلوغ سن الأربعين يوضّح بجلاء عناوين فنّ السّعادة. ها هي الأربعين قد وصلتها، وها هي الخطوط العريضة لفنّ الحياة قد رسمت ملامحها أمامي وما زلت أتوق لتعلمها.
لو تتبعنا عزيزي القارئ عقبات الحياة من مواقف، قلق، سعادة، اكتئاب، فرح، حزن، ألم.. الخ.. من متقلبات الحياة نجد أنها تكمن خلف معادلة من طرفين يتجاذبان مصير كل شخص:
ذكريات الماضي وقراءات المستقبل..
مواقف الماضي المفرحة والمؤلمة تشكّل قيودًا في العقل الباطنيّ، وكذلك إرهاق العقل بالتفكير في المستقبل هما طرفا السلاسل المقيّدة التي تمنع صاحبها من العيش بسلام مع حاضره، وكلّ حياتنا الحاضرة وأفكارنا ترتبط بقوّة بذكريات الماضي وأحلام المستقبل، وكم هو سعيد من يجد في صباه أو بواكير شبابه من يلقنه كيفيّة الوصول لمعادلة تجعل حاضره متزنًا. كنسيان آثار الماضي من العقل الباطني مع الاحتفاظ بالدروس والعبر، والتخطيط الموضوعيّ للمستقبل دون قلق ذلك هو فنّ الحياة.
تلك المعادلة الجامحة صعبة الترويض تتعقد بصورة طردية مع تعقيدات الحياة، فكلّما كانت المتطلبات بسيطة كان الوصول لنقطة الاتزان أسهل وأبسط؛ لذلك نرى أهل القرى والبادية يجسدون معاني البساطة، السعادة، الرضا والإقبال على الحياة والاستمتاع بأبسط مقوماتها لأن المستقبل لا يشكل هاجسًا لهم، على عكس تعقيدات المدن المختلفة التي تجعل العقل البشريّ في حالة مرهقة من التخطيط المستمر، وتقييم الأداء، وإعادة التخطيط وفقًا لأحداث الماضي.
عزيزي القارئ، معًا لنقتل ماضينا المؤلم، ولا ننسى أن نأخذ الدّروس من جيبه بعد قتله؛ لأن دروس الماضي هي مفتاح التخطيط السليم للمستقبل دون قلق، معًا لنتقن فنّ حياتنا الحاضرة لنعيشها بسلام.
دُمتم سالمين.
Apr 27, 2022
جميل تفكير منطقي ..أستاذ محمد
يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.