إن في معتقدات البعض أن الاعتذار نوعان؛ يوجد اعتذار مقبول ولائق، ويجعل الآخر يسامح بسهولة كل من تسوِّل له نفسه ويرتكب حماقة أو خطأ صغيرًا، وهذا النوع من الاعتذار يتطلب أن يرتقي الإنسان لمستوى عالٍ من الأخلاق الرفيعة والرقي.
ولكن أحيانًا لا تريد أن تقبل الاعتذار، خصوصًا إذا كان الخطأ يخص أمرًا ما لا يمكن التهاون بشأنه، فدومًا يرى الغاضب أن الموقف حينذاك لا ينتهي بالاعتذار، وأنه يجيء دائمًا متأخرًا، وخاصة إذا كانوا من الأشخاص الذين يترددون كثيرًا قبل أن يعتذروا، ما يجعل الاعتذار غير مقبول وصعبًا أيضًا للجهة الثانية.
النوع الثاني...
السؤال: يا ترى هل تتقبل الاعتذار سريعًا أم لا تتقبل الاعتذار؟ وفعلًا، وبالأمثلة الكثيرة أمامنا، إن إيذاء مشاعر بعضنا البعض يبدو أنه أصبح عادة متكررة؛ نظرًا للأعباء والضغوط الحياتية التي تقع على كاهلك، ولا تجد وسيلة لتفريغ هذه الشحنات السلبية، فيصبح الغضب سريعًا، فمن منا لا يعاني بدوره؟
حتى أصبحت القسوة أمرًا اعتياديًّا متكررًا، والنتيجة: لن تشعر حتى بنوع الاعتذار، وكلٌّ يمضي فاقد وعيه أمام الغضب.
أولًا: لا بد أن تكون للغضب أسبابٌ كثيرة، فلا بد أن تسيطر على غضبك بطريقة ما.
فجرِّب أن ترسل إشارة إلى عقلك بتغيير وضعية مكانك، وأرغم عقلك بسؤاله: «لماذا تقف مشدوها هكذا؟ أيستدعي غضبك كل هذا؟ أم تُرى توجد طريقة لإيجاد حل ريثما يهدأ قلبك؟» وأن تسأل عقلك: «ما الذي يجعلك تغضب وبشراسة؟ حتمًا يوجد بديل أو حل لم يتطرّق لذهنك.»
وثانيًا: أن تسأل نفسك: «ما درجة غضبك؟ أهي شديدة تستدعي فقدانك للسيطرة على نفسك تمامًا؟»
فمن هذا المنطلق، تعلم أنك تعديت الحد الأقصى للقلق والخطورة، فحاول قدر الإمكان أن تسمع وقتها إلى التحذيرات التي تأتيك من حولك لتنقذ نفسك بدلًا من أن تخسر نفسك ومن تحب.
سوف ترى بنفسك بعد لحظات أن الحياة قصيرة وبسيطة، وأحيانًا جرحك وإيذاؤك النفسي لا يشعر به من حولك، فهذا وكأنه درس يعلق بذاكرتك، ولكنه إما أن يترك أثرًا متعلقًا كذكرى في ذهنك، وإما تنسى مع الوقت أثره، وإما يمر مرور الكرام إذا أردت أنت، فهو تقديرك الشخصي.
فما بالك يأتيك الآخر يعتذر منك ببساطة وكأنه شيء لم يحدث؟
ولذلك موقف تلك الفتاة الجميلة التي أسميتها «برقوقة» عندما طُرق على قلبها أناس تافهون، ضايقوها في الطرقات بالسب والقذف، وتخطت طريقها وعدَّتهم صغارًا بالعقل ولم يُرَبَّتُون على النحو اللائق، ومضت.
وفي اليوم التالي، التي اشتغلت بالوظيفة، وكان يوجد من الأحقاد الدفينة التي تسببت في إضاعة أوراقها وإتلافها تمامًا حتى لا تصل إلى نتيجة جيدة في عملها، وأُلْغِيَت ترقيتها، وقال لها أحدهم: «لا تكترثي، فهو أمر شاق، ولكن ربما المرة المقبلة تكونين أفضل من أي وقت مضى. وابدئي صياغة أوراقك من جديد، لربما تحسّنتِ، فلا تستسلمي؛ لأنه لا يمكن هزيمة شخص لا يعرف الاستسلام. اصنعي غيرها.»
ومضت تسهر على هذا، ونجحت سريعًا، فقدرها مكتوب، ونجاحها أيضًا، وأحلامها، فتذكرت أسوأ حالاتها...
كم من وعود تُكتب على الماء، وكم من المواقف التي يعتريك الغضب فيها لدرجة الجنون، ولكن عندما يستفزّك الأشخاص في شتى الأنحاء والمجالات، وعندما تفيق على اعتذار، فإن عليك الترحيب بذلك الاعتذار؛ لأنه ليس من السهل تقبّله ممن تهاون في حقك، أو ممن تأذّيت بسببه كثيرًا؛ لأنها تتطلب قوة في الشخصية.
فإنك، ليس ضعفًا منك أن تقبل الاعتذار. فيمضي الوقت سريعًا، فلتستمتع بالمناظر الخلابة والورود المتألقة بلونها الكستنائي...
فكلما تخطيت سريعًا ومضيت، قلما تأثرت بجراحك. ولكن إذا لم تقبل الاعتذار، فلا ألومك، ولكن سيظل الأثر غائرًا في نفسك إذا لم تمضِ.
يا عزيزي، فأنا أعرف أنك قوي لدرجة الصخر، وهذه الصفة تتمثل في شخصك الطيب. وأنا بالمثل، قبلت اعتذارك، ولكن لا تستغل هذا دائمًا، فأنا أقبل اعتذارك شريطة ألا يتكرر ولا تغضب.
وعندما يكون لديك فن الاعتذار، فسوف يتقبّلك الشخص الذي تعاملت معه بكل قسوتك، إذا كان لديك هذه المهارة.
وحاول جاهدًا ألا تتسرَّع وتُسيء إلى كل من يحمل إليك قلبه ويتوسل إليك طلبًا منك أن تسامحه، فتلك الأخلاق الرفيعة التي اعتادتها «برقوقة»، دون تردد منها، وبكل حب، تقبل الاعتذار.
احسنت ومنتظرة منك كتابات وقصص عن كل مانمر به فى الحياه والغضب
شكرا ليكي يافاطمة الجميلة ان شاء الله ربنا يوفقنا جميعا
👍👍👍👍
تسلميلي يا أستاذة دايما زوق شهد
دمتى فى تالق كاتبتنا الجميله عايشه
يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.