الملك هو رمسيس الثاني، الذي نُقل تمثاله من ميدان رمسيس بالقاهرة إلى المتحف المصري الجديد بمنطقة الهرم بالجيزة عام ٢٠٠٦، والعبقري هو الأستاذ الدكتور/ أحمد حسين أستاذ الهندسة الميكانيكية بكلية الهندسة بجامعة عين شمس، إذن فما علاقة هذا الدكتور العبقري بتمثال الملك رمسيس الثاني؟ ولماذا ارتبط اسم الدكتور أحمد حسين بأحد ملوك مصر القديمة؟
اقرأ أيضا حكاية تمثال الزعيم مصطفى كامل
ما علاقة الدكتورأحمد حسين بتمثال الملك رمسيس الثاني؟
إنها قصة نقل تمثال رمسيس الثاني من مكانه بوسط ميدان رمسيس بالقاهرة إلى موطنه الجديد بالمتحف المصري الكبير بالهرم. ولأن طريقة نقل تمثال الملك حدثت ببراعة شديدة بنسبة نجاح ١٠٠٪، وبفكرة مذهلة من تصميم العبقري الدكتور أحمد حسين، فقد استحق أن يرتبط اسم العبقري باسم الملك، ولأن الملك لا يليق بصحبته غير وزير أو أمير أو عبقري.
وبغض النظر عن الأسباب المعلنة أو الأسباب الخفية وراء نقل تمثال رمسيس الثاني من مكانه، فقد شهدت مصر والصحافة المصرية والعالمية صباح يوم 25 من أغسطس عام 2006 حدثًا من الطراز التاريخي الفريد.
فقد شاركت عدة جهات في نقل التمثال الذي يزن 80 طنًّا ويصل طوله 11 مترًا، بعد أن قضى 51 عامًا يحتل ميدان باب الحديد، الذي سُمي بعد ذلك بميدان رمسيس، قاطعًا مسافة 30 كم بسرعة لم تتجاوز 5 كم / ساعة.
اقرأ أيضا أفضل الاماكن السياحية في مصر التي يجب أن تاخذ فيها صورة
فكرة نقل تمثال رمسيس
جاءت فكرة نقل تمثال الملك رمسيس بطريقة تليق بالملك، وقد حدثت بطريقة مبتكرة، وعلى نحو يضمن سلامة التمثال، فقد استوحى الدكتور أحمد حسين فكرة نقل التمثال من فكرة البوصلة البحرية التي تظل ثابتة في وضعها مهما اهتزت السفينة بفعل الأمواج، وهو ما كان في تصميم تجهيزة نقل التمثال على نحو يضمن للتمثال بقاءه في الوضع الرأسي.
مهما قابل من ميول الطريق أو اهتزاز المركبة، وبالتالي عدم تغيير توزيع الأحمال على جسم التمثال. كما راعى الدكتور أحمد حسين أن تُعلق تلك التجهيزة بالوصلات والمحاور الارتكازية في نقطة أعلى من مركز ثقل التمثال لتظل عملية التأرجح على نحو حر وطبيعي، كأنه بندول بدون إجهادات أو مخاطر من انقلاب التمثال.
ثم حُملت هذه التجهيزة الضخمة على مقطورتين؛ واحدة في المقدمة، والأخرى في المؤخرة، وجُرَّت هذه التجهيزة لمسافة وصلت لـ30 كم.
استغرقت عملية النقل نحو 11 ساعة.. ووصل الملك بعدها إلى مقره في الموعد الذي حدَّده الدكتور أحمد حسين تمامًا دون أي مشكلات، وبنجاح باهر بفضل الله وتوفيقه، ثم بفضل التصميم والتنفيذ والإشراف الذي أسهم فيه كثير من الشخصيات والجهات، تحت رعاية الدكتور الكبير أحمد حسين.
اقرأ أيضا من هو أبو الهول؟ وما حقيقة نومه؟ وهل بناه إدريس عليه السلام؟
حدث نقل تمثال رمسيس موضع فخر للمصريين
لكوني مصريًّا يفخر بهذا الحدث الذي تحقق بأيادٍ مصرية وبفكر وتنفيذ مصري خالص. لكنَّ ما دفعني حقًّا لأن أشرُف بتسجيل هذا الحدث التاريخي بقلمي رغم مرور 14 عامًا عليه، هو أن ذلك العبقري الذي وضع فكرة عملية نقل التمثال ببراعة منقطعة النظير، كان أستاذًا لي أثناء مرحلة التعليم الجامعي بكلية هندسة عين شمس. ولا أنسى وقفته بيننا في إحدى محاضراته وهو يشرح لنا بنفسه كيف صمَّم فكرة نقل التمثال،
وكيف طوَّع الفكرة البسيطة لنقل تمثال ضخم ثقيل بأقل تكلفة وأبسط المعدات، وكيف استخدم علم الهندسة الميكانيكية في تصميمه الذي أبهر العالم. ولا أنسى تلك القشعريرة التي غمرت جسمي عندما انهال هدير من التصفيق الحاد والطويل على طول المدرج من الطلبة تقديرًا وإعجابًا بأستاذهم العبقري الفذ، وكيف فاضت مشاعري إثر سقوط دموع الدكتور أحمد أمام هذا التصفيق الحار.
ولعلي بهذا الطرح المتواضع والضئيل أُعيد جزءًا من حق هذا الأستاذ الكبير، الذي همَّشته الجهات المصرية والإعلام المصري آنذاك، حاله كحال كثيرين ممن طمس ذكرهم مجتمعنا، وأخرس ألسنتهم نظامنا المغرور، فلستَ ترى أي حدث ولو كان افتتاح دورة مياه في الصحراء إلا ويسبقه إعلامنا المبجل بجملة: (تحت رعاية رئيس الجمهورية)! فيحصل على الشكر والثناء من لم يعمل ومن لا يستحق.
يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.