فتاة القطار

تزاحم الناس حول بوابة دخول القطار المتجه إلى آخر مدينة في البلدة التي يقطن بها (روبرت) الشهير بـ"المتوحد الحزين"؛ من شدة حبه لحاسوبه، وانعزاله معه بالساعات، نائيًا عن الناس، وضجيج عالمهم البائس بنظره.

جلس بجوار النافذة شاردًا في زرقة السماء، وفرط صفائها قائلًا بقلبه:

ليت قلوب الناس تكون مثل ذاك الصفاء ونعومة لونه، لم أكن أتخيل أن امرأة ستجعلني أكره كل شيء، تجعلني حزينًا أتمنى الموت كل لحظة، قطع حديثه الدائر بينه وبين ذاته صوت فتاة تصرخ بمرح وصوتها يخترق وحدته لينتشله من ضجيجه الداخلي لعالمها الخارجي، وهي تضحك بصوت عالٍ: ما هذا يا فتى؟ ألا تعلم أن الفتيات يحبذن الورود، والعطور الرقيقة؟ كيف لك أن تكون متحجرًا هكذا؟ اللعنة عليك.

نظر لها (روبرت) شذرًا عندما وجدها تقرأ رواية، وتتحدث مع بطلها كأنه أمامها ليس إلا، تعالت ضحكات الفتاة وهي تقول بين قهقهتها: لم أكن مخطئة حين شبهتك بـ"الحمار"، أهناك أحد يَسُبُ فتاة تقول له أنها تحتاج إلى الاهتمام والحب سوى الحمير؟

تنهد بحرقة وهو يحدث ذاته قائلًا بملل: ما تلك البغيضة قليلة الحياء؟ أذلك الضحك العالي من الأدب والحياء؟ حقًا إن لم تستحِ فافعل ما تريد.

تمتمت الفتاة، ونظرها ما زال مثبتًا في الكتاب الذي تقرؤه: إن لم تستحِ فافعل ما شئت.

صعق الشاب حينما سمعها تقول ذات الجملة التي حدث نفسه بها، وظن أنها تستطيع أن تقرأ أفكاره، فقال بتؤدة بالكاد صوته يصل إليها:

نعم؟ هل تتفوهين بشيء ما يا آنسة؟

قالت غير مكترثة به ناظرة إلى أحرف روايتها كما هي: إنني أتصفح رواية أيها الشاب لم أتحدث إليك مطلقًا.

زفر بملل رهيب قبل أن يقول بداخله كعادته:

ما تلك السخيفة الحمقاء؟ لماذا يكون حظي دائمًا الجلوس بجانب الحمقاوات؟

تحدثت الفتاة مرة أخرى لتقول باستهزاء:

بل أنت الأحمق يا هذا.

نهض من مكانه قائلًا بقوة تغلفها دهشة، وصدمة شديدة:

ما الأمر يا هذه؟ أخبريني ما هو خطبك حقًا؟

تابعت حديثها دون النظر إليه أو الاهتمام لأمره: هل ينعت الرجل فتاة بالحمقاء لمجرد أنها تقول له أحببتك؟

غمغم الشاب غاضبًا:

لن أمررها لكِ مثل المرة السابقة، الآن عليكِ إخباري بالحقيقة هل تقرئين أفكاري؟

انفجرت الفتاة ضاحكة، ثم قالت وهي تنظر إليه من أسفل إلى أعلى، وكأنها بتلك النظرات تخبره عن قلة شأنه في عينيها:

أي أفكار تلك التي أقرؤها أنا، ماذا بك يا فتى هل جننت؟

أشار إلى رأسه قائلًا بجنون غاضب:

كلما تحدثت بشيء مع عقلي وجدتك تخبريني بالإجابة، أتلك مصادفة أم أنك ممن يروجون السحر والشعوذة وتعلمتِ كيف تقرئين أفكار من هم حولك؟

توقف عن قول الترهات واجلس يا فتى، إن كل ما تقوله ليس سوى أفكار مجنونة تسكن رأسك فقط.

شعر (روبرت) بالإحراج ثم جلس مطأطئًا رأسه مغمغًا بحرج:

أعلم أن ما أقول ليس سوى ترهات، ولكن لا تنكري أن هذا يحدث بالفعل في منطقتنا كثيرًا.

أجابته الفتاة بود ولطف برغم ما فعله بها، ولكنها حاولت أن تعامله بشكل لطيف لكي تخفف حدة توتره:

لا عليك، أعلم أن تلك الأمور شائعة بيننا، ولكنني أُفَضِل أن تتوقف عن توجيه الاتهامات لي، وتدعني أقرأ روايتي في صمت من فضلك.

شعر أنها تهينه، فردّ عليها بطريقة حادة، وصوت عال:

ماذا؟ أتتحدثين أنتِ عن الصمت، وأنتِ لم تتوقفي عن الثرثرة؟ شاهدي رأسي التي آلمتني كثيرًا منذ الصباح بسبب قراءتك لروايتك بصوت عالٍ مزعج.

قلبت مقلتيها بملل شديد، وهي تتمتم بنفاذ صبر:

مرحبًا، لقد عدنا مجددًا منذ وقت قليل كنت تعتذر لي، والآن ترفع صوتك مرة ثانية أمُصَاب أنت "بالشيزوفرنية "، أم ماذا؟

شعر بالحرج مرة أخرى فهتف بصوت منخفض:

حسنًا، سأصمت لكن من الأفضل أن تصمتي أنتِ الأخرى، وتتناولين قراءة كتابك بسكون هادئة الصوت من فضلك.

لم تجبه، وتابعت عيناها السفر عبر حروف الرواية حتى مضت نصف ساعة كاملة، أكل الملل قلبه ولم يعي لماذا ينجذب كليًا إلى تلك الفتاة لكن كل ما كان بباله إنه يود الحديث والمناغشة معها، فقال بصوت مسموع:

الطقس قاسِ للغاية اليوم لا أستطيع تحمل برودة نسماته.

ردت الفتاة عليه بنبرة ذات مغزى:

أخرج معطفك البنيّ من الحقيبة، وتلحف به سيغلفك إحساس دفء عميق.

جحظت عينا (روبرت) حتى كادت تُخْرج الصدمة روحه، فتلك الفتاة حقًا بها شيء غريب، كيف علمت أن بحوزته معطفًا ولونه بني أيضًا، ارتجف قلبه من الخوف فقال بصوت مهزوز:

من أنت؟ هل لي بمعرفتكِ عن قرب قليلًا؟

ابتسمت بثقة لتقول بعد ذلك:

انا التي أتت لأجلك ومن أجلك يا (روبرت).

ارتعدت أوصاله رعبًا، جف حلقه فابتلع ريقه بتوتر بالغ، نظر لعربة القطار فوجدها تقريبًا خالية من الناس إلا من بعض الركاب القليلين جدًا، وكلهم نائمون بشكل غريب، هتف بصوت مرتعش خائفًا:

كيف؟... كيف علمتِ أن اسمي (روبرت)؟ و.. وأيضًا كيف علمت أن بحوزتي معطفًا بنيّ اللون؟ وكيف لكِ أن تجيبي على حديث رأسي الداخلي؟ هل ظني بأنك ساحرة صحيح؟ وما عملك معي؟ ماذا تريدين مني بالضبط؟

أغلقت الكتاب بهدوء، ووضعته على المقعد المجاور لها، ثم قالت برقة شديدة:

سأعرفك بنفسي، أولًا.. أنا اسمي (لورين) أنتمي إلى ذلك البيت الذي تنتمي إليه أنت أيضًا، أسمعك وأشعر ببكائك، وأحتضنك أيضًا إذا لزم الأمر، لكنك لا تشعر بي، لا تسمع صوتي حين أناديك أو أربت على كتفك حتى تنام في حالات الحزن التي تصيبك، وتجعلك تبكي وحدك، أنا دائمًا بجوارك (روبرت) وسأظل حتمًا بجانبك إلى الأبد.

انتهت من حديثها لكن لم ينته خوفه منها، ومن غرابة ما تتفوه به، نهض واقفًا تلقائيًا وهو يقول بخوف:

لا بد أن أتوجه إلى المرحاض لكي أغتسل فأنا لا أشعر أنني بخير.

ابتسمت بود لتقول بعدها بلطف:

لا تخف (روبرت) أنا لست مخيفة، أنا لأجلك ولأجل راحتك قدمت إليك، لا لتخاف مني وتبتعد، ستعتاد وجودي في حياتك أعدك بذلك.

تسرب إلى أذنيها صوت نحيبه الخافت ؛لأنه يحاول إخفاءه لكنه يفشل بذلك، هتفت بضيق:

لا تحاول إغضابي، أريدك أن تكون أقوى من ذلك؛ لأنني تعودت عليك قويًا، هيا اخرج لنتواجه، ونتحدث قليلًا سأخبرك بكل شيء من البداية.

أددك (روبرت) أنه لا محال من المواجهة، فمد كفه الذي يرتعش من شدة الخوف نحو مقبض الباب، وهو يقول بصوت مرتجف:

حسناً سأكون أمامك بعد برهة لكنكِ وعدتني ألا تأذيني، أليس كذلك؟

لا تخف عزيزي، فإنني حتى لو أردت أذيتك فإن قلبي الذي تعلق بك لن يوافق على أن يمسّك أي سوء من طرفي، أو من طرف أي أحد كان.

خرج برفقتها إلى مقاعدهم مرة أخرى صامتًا مشوش الرأس، لتقطع هي حاجز الصمت قائلة بمرح وكأن شيئًا لم يكن:

من أين أبدأ معك الحكاية عزيزي؟

قطع حديثها صوت رنين هاتفه الذي لم يكف عن الاتصال، هتفت بضيق لا تجب على تلك الحمقاء الملعونة فهي سبب كل حزن مر بك.. ستطلب منك أن تساندها في مصابها، لكن لا تعرها اهتمامك، فهي لا تستحق ذلك أبدا...

جن جنونه، صرخ بذعر:

إيميلي... ماذا أصابها؟ أرجوكِ أخبريني.

رفعت حاجبها الأيسر بغضب قبل أن تجيب عليه بنبرة صارمة:

ما الذي أراه على وجهك الآن؟ خفت عليها أم ماذا؟

قال بتلقائية شديدة:

بالتأكيد خفت عليها، فإنها حبيبتي ولا تستحق سوى الخير.. سأجيب على اتصالاتها المتكررة لأن القلق قد أكل أوتار قلبي، ومن ثم نعاود حديثنا...

كشرت عن أنيابها وهي تزمجر بغضب قائلة:

إياك أن تحاول الإجابة أو فتح الخط بينك وبينها.. فأنا من انتقمت منها لأجلك، لكن إذا أردت أن تكون مغفلًا، وتزيد غضبي سأقتلها، القرار لك وحدك لكنني أنصحك بعدم تجربة غضبي أبدًا...

اهتز رأسه من الغضب والخوف أيضًا، لم يسعفه عقله في كيفية التصرف المناسب مع تلك التي لا يعرف من تكون ولا مدى قوتها بالضبط، فقرر أن يكون معها هادئًا حتى يجد الحل المناسب عاجلًا، قال ببرود وقد جاهد كثيرًا ليكون عليه:

ماذا فعلت إيميلي؟ فقط أخبريني دون أن تغضبي، نحن نتحدث معًا أليس كذلك؟

شعرت بقوة الذات فرفعت رأسها بغرور قبل أن تجيبه قائلة بثقة عمياء:

أَحَبْتَك.. فَجَعلَتك تحبها وجعلتك حزينًا أيضًا، ألا يكفي حزنك بالنسبة لي لكي أقوم بالانتقام؟ فإنك أغلى عندي من كل شيء... أرسلت إليها أحد أصدقائي ليقوم بإلهائها، وجعلها تنسى أن تأخذ عبوة الربو بحوزتها؛ لكي تتعذب، ولا تستطيع أخذ ذرات الأكسجين إلى رئتيها، كما جعلتك تنام باكيًا جاثم الصدر معذبًا.. أنا لست شريرة صدقني ولكن من يجرؤ على وضع الحزن بقلوب أحبتي أدمره تدميرًا بالغ الخطورة.

زاغت نظراته وعَلا صدره وهبط بسرعة وشدة من فرط اندفاع الأدرينالين بجسده، بسبب خوفه الشديد على محبوبته، ارتعشت يداه وهو يقول بحذر:

لقد كنت أنا المخطئ بحقها صدقيني.. إنني الآن أستغل حبك الشديد لي لأطلب منك شيئًا سأعطيك شيئًا مقابله، ما رأيك أن أحاول إنقاذها ولكني سأبتعد عنها إلى الأبد، إنني أعدكِ بذلك صدقيني، هل تعلمين عني أنني لا أفي بوعودي؟ كمل تقولين تراقبيني منذ زمن.

حسنًا افعل ذلك.. لا أريد سوى أن تبتعد عنها تلك أجرمت بحقك، لكني لا أريد موتها بالطبع.

كانت اللهفة بادية على وجهه مهما حاول إخفاءها حينما كان يتصل بها، وينتظر أن تقوم بالإجابة ليطمئن عليها، كانت (لورين) تراقبه بتركيز شديد، حينما سمع (روبرت) صوت إيميلي الجيد، وهي تفتح الخط بينهما، وتجيب على اتصاله، هتف بلهفة وشوق:

إيميلي هل أنتِ بخير؟ أخفتني عليكِ كثيرًا..

كيف علمت أنني لم أكن بخير (روبرت) هل شعرت بي؟

عندما وجدت اتصالاتك المتكررة فزعت قليلًا، المهم طمئنيني عن حالك.

لا داعي لقلقك فأنا على ما يرام الآن، لكني كدت أن أكون في عداد الأموات قبل قليل، لكن لطف الله يرعاني، لا تقلق أرسل لي أشخاصًا قاموا بعمل الإسعافات الأولية لي، وأرسلوا فورًا في طلب عبوة الربو الخاصة بمرضي الدائم.. متأسفة على الاتصال بك بعد أن افترقنا، ولكنك أول شخص خطر ببالي أن أحادثه وأنا على مشارف الموت.

رمقته (لورين) بنظرة حادة فهم مغزاها فاضُطُر على إنهاء المكالمة مع إيميلي رغمًا عنه، غمغمت (لورين) بغضب:

يبدو أنها ما زالت تحيا بين ضلوعك (روبرت)... لكن أرجو أن تلتزم بوعدك لي، ولا تضطرني لفعل أشياء لا أحب فعلها.

سرت رجفة الخوف بجسده وهو يتمتم بحذر:

ماذا تريدين مني؟ أخبريني من فضلك فانا لا أفهم أي شيء سوى حبكِ كما تزعمين، لكنك تثيرين الرعب في نفسي حقًا، لأكون صادقًا معكِ، أنا لا أشعر بجوارك سوى الفزع فقط.

نظرت إليه بحزن قبل أن تغمغم بصوت أشبه بالبكاء:

إنك تحزنني حقًا يا عزيزي، ما أردت لك إلا الحب والسعادة دومًا حتى عندما دق قلبك لتلك البغيضة كنت أحترق من الغيرة والغيظ، لكنني أردتك أن تحيا سعيدًا حتى لو مع أحد آخر غيري، فالحب تتجلى صوره في الإيثار حبيبي (روبرت).

أجاب وهو يرفع كتفيه بحركة تلقائية تشير إلى عدم فهمه لحديثها:

أي حب هذا وكيف؟... كيف يجتمع كلانا وأنتِ من عالم آخر حسبما فهمت منك.

وحسبما أفهم أنا الحب لا يشترط به أن نكون من نفس الجنس أو اللون أو حتى الفصيلة..

قاطعها بسرعة قائلًا بثقة:

انتظري لحظة.. معكِ حق لا يعترف الحب بكل تلك الأشياء، ولكن في حالتنا نحن لا يسمى هذا حب أبدًا، إنها علاقة غريبة غير متكافئة، أو يستوعبها إنس أو جن، لا بدّ أن تتفقي معي في الرأي، وتبتعدي عني بهدوء، بالتأكيد ستجدين من يحبك من عالمك لأنك جميلة ورقيقة أيضًا، أليس كذلك (لورين)؟

صمت لبرهة ثم تابع بتساؤل:

هل اسمكِ (لورين) حقًا؟

أجابت بهدوء حزين:

ما الفرق إن كنت بنظرك (لورين) أم أي اسم آخر؟ إنك ترفض حبي وعشقي وهيامي بك، ترفض أن أكون بجوارك ترديني أن أرحل عنك، أنا لا أريد ذلك أبدا لن أرحل مهما كلفني الأمر...

لو افترضنا أنكِ ستبقين، وأنني سأقبل بك وبحبك لي، وأحبك أيضًا كما تحبيني كيف يتم ذلك الشيء؟ ألن تؤذيكِ وتؤذيني معك عائلتك كما أسمع في الحكايات القديمة؟ وأيضًا سوف نخبر الناس بذلك ماذا سأقول لهم تلك زوجتي وهي بالمناسبة عفريتة من الجن؟

جحظت عيناها بشكل مخيف من فرط غضبها فصرخت بصوت غليظ:

ماذا؟ أتسخر مني يا هذا لا تحاول استغلال حبي لك لتسخر مني وتهينني، فإنني أمتلك كرامة لا يعرفها بني الإنس جميعهم، وسأنتقم منك أشد انتقام إن حاولت المساس بها، فانتبه لما تتفوه به أفضل لك.

ابتلع (روبرت) ريقه بتوتر بالغ وأخذ قلبه يدق بسرعة كبيرة، فشعرت به، ورق قلبها لحاله، فأكملت حديثها، ولكن بنبرة هادئة حنونة:

لا تخف مني، اهدأ، تبًا لقلبي المتيم بك ينكسر حينما يراك حزينًا أو خائفًا.

حاول أن يقول بعض الكلمات الجيدة لكي يساعدها أن تهدأ ليهدأ خوفه منها هو الآخر:

من قال إنني أسخر منكِ.. إنني أحاول أن أفهم ما يدور حولي وحقًا ذاك السؤال يحتاج إلى أجوبة منطقية، وأحب أن أسمعها منكِ.

هزت رأسها بقلة حيلة، ثم قالت بهدوء شديد:

لا أعلم.. لكن لا تخف لن أدع أي شخص كان من الإنس أو الجن يمس شعرة من رأسك، سأكون له بالمرصاد، وأتصدى لأي شر قد يحيط بك، سأكون جارك وجوارك حبيبي استند عليّ.

أحس (روبرت) بالورطة الشديدة، فهي ليست إنسانًا قد يهرب منه أو يستغيث بالشرطة ليحمي نفسه منه فما العمل إذن؟

خطر ببالها أن يشعرها بالاطمئنان التام، وأن يذهب إلى المرحاض؛ ليختلي بنفسه دونها ويفكر على مهل، فاستأذن منها بعد أن قام بإمساك معدته، وتظاهر بالألم وبحاجته لاستخدام (الحمام)...

بعد أن نهض وذهب إلى المرحاض ظل هاتفه يرن كثيرًا دون توقف، فشعرت هي بتأخره فذهبت لتتفقده بعد أن طرقت عدة مرات على باب المرحاض الصغير، قالت بحزم:

إنني ومذ أن أحببتك والتففت حول حياتك احترمت دائمًا خصوصياتك، فلم أدخل عليك مرحاضًا، ولم أكشف عورتك أبدًا، افتح هذا الباب حالًا واخرج الآن قبل أن أدخل أنا عليك وأنت على علم بأنني أستطيع ذلك...

لم تتلق أية إجابة منه، فدخلت إليه بسرعة فلم تجد سوى السراب، فصرخت بصوت غليظ كالملسوعة وظلت تركض في أنحاء عربة القطار بأكملها، وهي تصرخ باسمه بجنون فالتف حولها الناس ليفهموا ما بها، عندما رأتهم جميعًا حولها ويتحدثون إليها ليفهموا ما بها ولمد يد العون إليها، أصابتها الدهشة، وظلت تصرخ بهم:

كيف ترونني جميعكم كيف ذلك؟ أنا التي تراكم من حيث لا ترونها سأهلككم جميعًا أين خبأتم (روبرت) عن ناطري؟

استمرت على حالتها تلك حتى سقطت في الأرض، وأصبحت تتلوى كمن يصيبهم الصرع، فخاف الناس من حولها، هتف أحد الواقفين بخوف:

إنه هاتفها لم يتوقف عن الرنين فليجب أحدكم على المتصل عله يقربها ويأتي لنجدتها...

التقط أحدهم الهاتف بحذر ليجيب قائلًا برسمية:

(ألو).. هل لي بمعرفة صلة قرابتك بمن تتصل بها الآن؟ إنها تعاني من نوبة صرع تقريبًا، وتصرخ بلا هوادة منادية على شخص يدعى (روبرت).

أجاب الطرف الآخر من المكالمة:

أنا والد الفتاة صاحبة الهاتف، أرجوك أن تخبرني عن مكان تواجدها لآتي لاصطحابها.

أخبره الشخص عن المحطة القادمة التي سيتوقف بها القطار، وإنهم سوف يتركونها في الاستراحة مع الأمن الخاص بالمكان؛ لتنتظره ويأتي هو لأخذها وأغلق معه الخط.

صرخت زوجة أبيها بذعر:

أين هي ابنتك يا (مايكل) تكلم أخبرني أهي بخير؟

لقد فعلتها (لورين) مجددًا يا إيميلي يبدو أنها كانت تخدعنا، وتخدع طبيبها بادعاء الشفاء من مرضها النفسي.. (روبرت) مجددًا لقد عادت لظنونها، وهلوستها، لقد سئمت وطفح الكيل دعيني أذهب لإحضارها، لكن تلك المرة لن أتنازل عن إيداعها بمشفى الأمراض العقلية، ولن تخرج منها إلا وهي سليمة العقل تمامًا...

كاتبة روائية مصرية صدر لي العديد من الاعمال الالكترونية واول اعمال الورقية في معرض الكتاب 2022 ان شاء الله ابلغ من العمر 27 سنة شغوفة بالكتابة والابداع

ملاحظة: المقالات والمشاركات والتعليقات المنشورة بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل الرأي الرسمي لجوَّك بل تمثل وجهة نظر كاتبها ونحن لا نتحمل أي مسؤولية أو ضرر بسبب هذا المحتوى.

ما رأيك بما قرأت؟
إذا أعجبك المقال اضغط زر متابعة الكاتب وشارك المقال مع أصدقائك على مواقع التواصل الاجتماعي حتى يتسنى للكاتب نشر المزيد من المقالات الجديدة والمفيدة والإيجابية..

تعليقات

يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.

هل تحب القراءة؟ كن على اطلاع دائم بآخر الأخبار من خلال الانضمام مجاناً إلى نشرة جوَّك الإلكترونية

نبذة عن الكاتب

كاتبة روائية مصرية صدر لي العديد من الاعمال الالكترونية واول اعمال الورقية في معرض الكتاب 2022 ان شاء الله ابلغ من العمر 27 سنة شغوفة بالكتابة والابداع