«غيلان ادور قمببت».. أمثال شعبية موريتانية «3»

لا يخفى على أحد ما للأمثال الشعبية من سحر وحضور لا يستهان به، خاصة على ألسنة كبار السن في المجالس والمناسبات العامة أو الخاصة، إذ تعبر هذه الأمثال عن الحدث بطريقة جذابة تلفت الانتباه، وتحملنا معها في رحلة سريعة عبر التاريخ.

غيلان ادور قمببت

يضربون هذا المثل لمن تعلق بفتاة ثم لم يجد سبيلًا للوصال، لاختلاف اللهجة والعادات والتقاليد الاجتماعية، ومنع أبويها لها، ويصح التعبير عنه بالعشق الممنوع.

وقصة هذا المثل أن رجلًا من بني غيلان -إحدى العشائر العربية الحسانية- ضاعت نوقه، فسار يبحث عنها، فذكر له أحد الأدلاء أنها شوهدت في إقليم خاي بغرب جمهورية مالي، فسار إلى الإقليم بحثًا عنها. ولما وصل المدينة، رأى فتاة حسناء من قومية البمبارا، فأعجبه حسنها، فوقع في غرامها ونسي أمر النوق، ومكث مدة مع أهلها.

يضُرب المثل لمن تعلق بفتاة ولم يجد سبيلًا للوصال لاختلاف اللهجة والعادات وهو "العشق الممنوع"

فاستغرب والدها من طول مقامه وسأل أمها عن شأنه، فأخبرته بعشق العربي لابنته، فما رد لها جوابًا. ثم زاد هيام العربي بالفتاة، فصار يغار عليها من الرجال، ثم جادت قريحته بشعر بالدارجة "اغن"، من أروع ما قيل بالدارجة في العشق الممنوع، وقد تداوله الشعراء، ولحنه الفنانون، وصارت له أوتار غنائية خاصة يعزف عليها، ومطلع القصيدة:

يخياتي هاذ عبرة
أنتم ذ كط اسمعت
راجل لاه يبط امره
ميه أخت ميه صاحبة
غيلان ادور ذي الليلة
غيلان ادور قمببت

  • كط اسمعت: هل سبق وسمعتم؟
  • لاه يبط: سيضرب.
  • ميه: ليست.
  • ادور: يريد.

وقد كانوا يقولون، والشيء بالشيء يذكر، "خنزة مودي" لمن لم يجد حيلة للفكاك من خصمه، واضطر لمعاشرته على الرغْم من علاته، وقصة هذا المثل:

أن حَيًّا من أحياء العرب اضطر لعبور النهر ومجاورة الزنوج، بعد أن بغى عليه سادة قومه، وذات مرة أعجب سيد الزنج "مودي" بفتاة حسناء منهم، فخطبها عند أبيها، ودفع له المهر، فآوت إلى بيته، وكانت تكرهه لقذارته وعدم اهتمامه بنظافة جسمه.

وذات مرة، حدثته في شأن النظافة، وبيَّنت له تضررها من رائحة فمه الكريهة، وأرته طريقة السواك، فلم يبالِ بقولها، ورد عليها بعنجهية وازدراء: "خنزة مودي فرضة الله عليك"، أي بمعنى: لا خيار أمامك إلا تحمل رائحة مودي الكريهة، فقد تزوجتك ودفعت المهر لأبيك.

فصارت كلمته مضرب الأمثال الشعبية، وهي تقترب في معناها من قول المتنبي:

ومن نَكَدِ الدُنيا على الحُرِّ أَن يَرَى
عدوًّا لهُ ما من صَداقتِهِ بُدُّ

وانكَدُ منهُ صاحبٌ لَستَ عالمًا
بهِ هل هُوَ الخِلُّ الوفيُّ أَمِ الضِدُّ

وانكَدُ من ذَينِ امرؤٌ مُضمِر الأَذَى
على وَجهِهِ بردٌ وفي كِبدِهِ وَقدُ

ملاحظة: المقالات والمشاركات والتعليقات المنشورة بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل الرأي الرسمي لجوَّك بل تمثل وجهة نظر كاتبها ونحن لا نتحمل أي مسؤولية أو ضرر بسبب هذا المحتوى.

ما رأيك بما قرأت؟
إذا أعجبك المقال اضغط زر متابعة الكاتب وشارك المقال مع أصدقائك على مواقع التواصل الاجتماعي حتى يتسنى للكاتب نشر المزيد من المقالات الجديدة والمفيدة والإيجابية..

تعليقات

يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.

مقالات ذات صلة