تعد حرب فيتنام أحد أهم الحروب والصراعات التي دارت في مدة الحرب الباردة في النصف الثاني من القرن الـ20 التي تكبدت على إثرها الولايات المتحدة خسائر هائلة لم تتوقف فقط عند الخسائر المادية والبشرية، وإنما أيضًا طالت كبرياء أمريكا، وهو ما يمثل كابوسًا مفزعًا للسياسة الأمريكية في القرن الماضي.
وفي هذا المقال نصحبك في جولة سريعة للتعرف على ملامح هذه الحرب الرهيبة التي خسرتها أمريكا أمام أحد أفقر دول العالم وأقلها تسليحًا وعتادًا.
أسباب حرب فيتنام
يمكن الحديث عن حرب فيتنام بكونها حربًا بين الولايات المتحدة وروسيا، فقد انقسمت فيتنام إلى حكومتين أحدهما في الشمال ذات ميول شيوعية وأخرى في الجنوب تميل إلى الولايات المتحدة، وهو ما جعل روسيا تساند حكومة الشمال والولايات المتحدة تساند حكومة الجنوب.
تطور الأمر عندما نشأت حركة ثورية تدعى ( فيت كونغ) في الجنوب ذات ميول شيوعية تنادي بالانقلاب على الحكومة الجنوبية، وهو ما دعمته الحكومة الشمالية من ناحية وروسيا من ناحية أخرى، وهو ما جعل رئيس الحكومة في الجنوب يدعو إلى إعلان الطوارئ، وهو ما أدى إلى التدخل المباشر للقوات الأمريكية.
أحداث حرب فيتنام
بعد سلسلة من الأحداث السياسية وتوقيع معاهدة للتعاون بين أمريكا وفيتنام الجنوبية عام 1961 أعلن الرئيس الأمريكي كينيدي عزمه على تقديم مساعدة عسكرية بجانب المساعدات الاقتصادية إلى جنوب فيتنام، وهو ما حدث فعلًا، فقد أرسل نحو 400 جندي إلى العاصمة الجنوبية سايغون في العام نفسه، وفي العام الذي يليه وصل عدد الجنود الأمريكيين في فيتنام الجنوبية إلى أكثر من 11 ألف جندي، وهو ما أدى إلى تأسيس قاعدة أمريكية في العاصمة سايجون في عام 1962.
حسب الوضع داخل فيتنام الجنوبية التي يميل حاكمها إلى الولايات المتحدة، فقد كان الوضع فوضويًّا للغاية، حيث كانت معظم الأطراف تعارض التدخل الأمريكي، وهو ما أدى إلى انقلاب عسكري عام 1963 قتل على إثره الرئيس الموالي لأمريكا، وهو ما أدى إلى ارتفاع وتيرة المعارضة وظهور انشقاقات عسكرية عدة، وهو ما جعل أمريكا تنظر إلى التدخل العسكري في فيتنام بطريقة أكثر شمولًا.
بدأ التدخل العسكري الأمريكي في فيتنام يزداد زخمًا على المستوى الكمي والنوعي، حتى وصل عدد الجنود الأمريكيين في فيتنام عام 1968 إلى 550 ألف جندي يقومون بالقصف والتوغل والضغط على حكومة فيتنام الشمالية، لكنها كانت مستمرة في المقاومة، إضافة إلى المقاومة العنيفة التي كان الثوار الفيتناميين يواجهون بها العملاق الأمريكي.
أما عن الفيتناميين فعلى الرغم من انقسامهم بين شمال وجنوب وثوار؛ فإنهم اتحدوا في المقاومة ضد الوجود الأمريكي، حيث استدرجوا القوات الأمريكية بين الأحراش والجبال وقتلوا أعدادًا كبيرة من الجنود وإضعاف الروح المعنوية بين صفوف الجيش الأمريكي، وهو ما كانت تقابله السياسة الأمريكية بمزيد من العنف والقصف، حتى وصل الأمر إلى ضرب المدن والقرى بمنتهى القوة والعدوانية، وبشتى أنواع الأسلحة المدمرة، وعلى الرغم من أن الثوار في فيتنام كانوا يفقدون أعدادًا كبيرة من القتلى وصلت إلى 85 ألف قتيل في عام واحد؛ فإنهم أصابوا القوات الأمريكية بالفزع والقلق والرعب الشديد الذي أثر بعد ذلك في الشارع الأمريكي.
نهاية الحرب في فيتنام
مع التذمر الشعبي الأمريكي والرفض الكبير الذي تزعمته المعارضة ووسائل الإعلام وخاصة الصحف؛ فإن الحكومة الأمريكية أصبحت في موقف لا تحسد عليه بين عدو صعب على الرغم من إمكانياته الضعيفة وبين الجبهة الداخلية التي كانت ترى في حرب فيتنام عارًا كبيرًا على أمريكا، إضافة إلى الخسائر الرهيبة التي لمسها الأميركيون بأنفسهم مع مقتل الجنود وعودة الجرحى والمصابين بأمراض نفسية وعصبية، وهو ما جعل الرئيس الأمريكي نيكسون يبدأ في سلسلة من المفاوضات مع الحكومة الفيتنامية عام 1972 من أجل الوصول إلى حالة من حالات السلام.
وفي يناير 1973وصلت الأطراف المتفاوضة إلى اتفاقية وقف إطلاق النار وانسحاب القوات الأمريكية من الجنوب الفيتنامي، وإطلاق سراح الأسرى من الطرفين، وكذلك إنشاء لجنة دولية لتراقب تطبيق الاتفاق مع بقاء عدد من الجنود الشماليين في جنوب فيتنام.
وفعلًا غادر آخر جندي أمريكي فيتنام في مارس 1973، وعلى الرغم من أن القوات الشمالية شنت هجومًا ضاريًا على جنوب فيتنام حتى استطاعوا دخول العاصمة الفيتنامية الجنوبية سايغون في عام 1975؛ فإن أمريكا لم تكن قادرة على مساندة الجنوب الفيتنامي نظرًا لحدوث ما يعرف بفضيحة (ووترغيت) التي شغلت السياسة الأمريكية مدة طويلة.
نتائج حرب فيتنام
لا يخفى على أحد أن أمريكا قد خسرت كثيرًا بدخولها فيتنام، وعلى الرغم من أن الأرقام الرسمية أعلنت 57 ألف قتيل أمريكي، إضافة إلى ما يقرب من 155 ألف جريح، وتهرب 27 ألف شخص من الخدمة العسكرية؛ فإن الأرقام الحقيقية تتخطى هذا الرقم بكثير، ثم إن الأمر يتجاوز الخسائر البشرية، فتعد الخسارة النفسية والسياسية أكبر بكثير، فكيف خسرت أكبر دول العالم وأكثرها تسليحًا تلك الحرب أمام فيتنام تلك الدولة الفقيرة الضعيفة التي تعاني كثيرًا في كل المجالات؟
على مستوى الخسائر الفيتنامية فقد قتل أكثر من 2 مليون قتيل، إضافة إلى نحو 3 ملايين جريح أضف عليهم 12 مليون شخص قد غادروا البلاد لاجئين ومشردين في دول أخرى.
انتهت حرب الأحراش لكن الكابوس الأمريكي في فيتنام لم ينته حتى الآن، وما زالت ذكرى تلك الحرب تؤرق السياسة الأمريكية عند تعاملها مع الدول ذات الطبيعة الجغرافية القاسية، ثم إن تجربة فيتنام تبقى حاضرة في فكرة المقاومة والقتال أمام عدو في حجم أمريكا حيث الانتصار ليس مستحيلًا.
وفي نهاية هذا المقال عن حرب فيتنام نتمنى أن نكون قدمنا لك المتعة والإضافة، ويسعدنا أن تشاركنا رأيك في التعليقات ومشاركة المقال على مواقع التواصل لتعم الفائدة على الجميع.
يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.