عمر بن عبد العزيز بن مروان بن الحكم بن أبي العاص الأموي القرشي الخليفة العادل عدل بني أمية، وأمه هي ليلى بنت عاصم بن عمر بن الخطاب العدوية القرشية أمها التي رفضت أن تمذق اللبن بالماء، وقالت إذا كان عمر بن الخطاب لا يرانا فرب عمر يرانا يا أماه والفاروق يسمع الخطاب الدائر بين الفتاة وأمها، فما كان من الخليفة الفاروق إلا أن طلب الفتاة للزواج من ابنه عاصم،
نسب عمر بن عبد العزيز
وخرج من هذه الأسرة الطيبة فتاة تدعى ليلى بنت عاصم تزوجها عبد العزيز بن مروان، وأنجبا عمر بن العزيز الخليفة العادل، وأما عن تنبؤ عمر بن الخطاب، فقد كان يومًا نائمًا في مسجد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وعندما استيقظ من منامه، قال لأصحابه: "أما أَنه سيأتي من ولدي رجل في وجهه شجة أي يصبح خليفة فيملأ الأرض عدلًا"،
ودارت الأيام وانقضت ومات الفاروق وانقضى أجله، حتى تزوجت حفيدته من عبد العزيز بن مروان وأنجبا صبيًا أسموه عمرًا تيمنًا بجده الفاروق عمر، ونشأ الغلام في كنف أبيه وأمه متنقلًا بين ولاية أبيه مصر والمدينة والشام،
وذات يوم وبينما الغلام يلعب في اصطبل الخيول، ركله فرس في جبهته وشجه حتى سال الدم من وجهه، وأصبحت إثر الشجة وسمة وأثرُ على وجه الصبي طول حياته، حتى عرف بالأشج وكان يسمى بالخليفة الأشج نشأ الغلام وتربى على طلب العلم وأرسله والده إلى المدينة فتعلم العلوم الدينية من أخواله وجده عبد الله بن عمر بن الخطاب، ومن سعيد بن المسيب، ومن فقهاء وعلماء المدينة المنورة منهم صحابة،
ومن أبناء الصحابة فتعلم الصبي وسلك مسلك أهل السنة والجماعة بعيدًا عن أفكار الفرق الضالة والمظلة، فلم يكن ناصبيًا ولا خارجيًا بل سلك طريق الرشد وعندما شب الغلام وأصبح في مرحلة الفتوة والشباب تزوج ابنة عمه فاطمة بنت عبد الملك بن مروان.
اقرأ ايضا المكتبات الخاصة في عهد الدولة العباسية
وفاة ابو عمر بن عبد العزيز
بعد وفاة أبيه عبد العزيز لقد كان رضي الله عنه زاهدًا ورعًا عالمًا تقيًا كما كان حافظًا لكتاب الله ويكره الظلم وجعل رسول الله والفاروق عمر والخلفاء الراشدين من قبله قدوته ولقد رأى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في منامه مرتين، الأولى بشرى الرسول قائلًا أنت ستلي أمتي، والثانية قال له الرسول في منامه: إذا وليت أمر أمتي فاعمل كما فعل هذان الرجلان، فقال له ومن هذان؟ قال له الرسول هذا أبو بكر وهذا عمر، ولي عمر بن عبد العزيز على إمارة الحجاز واليمن، وكان مقيمًا في المدينة فعمر المساجد ووسعها،
فكان منه أن وسع المسجد النبوي كما تم توسعة الحرم المكي بأمره وبنى في اليمن مساجد ولا زال بعضها مكتوبًا على أحجار أبوابها، تم عمارة هذا المسجد بأمر عمر بن العزيز، لقد كان من ضمن البطانة الخيرة للوليد بن عبد الملك، فقد أشار عليه ببناية المسجد الأموي الشهير في دمشق عاصمة الخلافة، وبناء الطرقات والمساجد وتوسيع أرزاق الناس على المسلمين من الفقراء والمساكين وما إن مات الوليد حتى تم تنصيب سليمان بن عبد الملك خليفة.
وكان سليمان يحب عمر ابن عمه وزوج أخته ويجله، وجعله وزيره الأول ومستشاره في أغلب شؤون الدولة وما كان في عهد سليمان من رخاء وعدل لبعض الأمور طبعًا إلا بمشورة عمر بن عبد العزيز، تولى عمر بن عبد العزيز الخلافة بعد موت سليمان حيث أوصى له بالخلافة بعده، وتم مبايعة عمر فكان أول عمل عمل به أن رد المظالم إلى بيت مال المسلمين،
وبدأ بزوجته وأبناء عمه ثم من بني أمية كافة حيث كانوا يمتلكون الضياع والمال والقصور والمدن فردها كلها إلى بيت مال المسلمين، وولى عمر ولاته فكانوا من العلماء والأتقياء والأنقياء على شتى الأمصار اتصفوا بالعدل والورع والعلم والزهد وتم صرف الأعطيات لكل الفقراء والمساكين والمحتاجين وكل شخص ينتمي إلى الدولة العمرية،ووسع عليهم
اقرأ ايضا من أيام الأوائل
انجازات عمر بن عبد العزيز في الدولة الاسلامية
وتم بذلك العدل وحدث فيضان في بيت المال، فأمر بتزويج الشباب والعانسات والنساء وأمر بشراء العبيد وعتقهم وأخرج المساجين من السجون والذين كانوا أغلبهم قد سجنوا تعسفًا وظلمًا بدواعي سياسية وأغدق عليهم وردهم إلى أهلهم وبيوتهم آمنين، بل لقد انطفأت الثورات بعهده ولم يعد يسمع بأي ثورة مناهضة لحكم بني أمية في عهده وأصبح الناس العاملين على أموال الصدقات ينادون في الأمصار الإسلامية،
هل من محتاج فنعطيه هل من مغروم فنسد عنه دينه هل من طالب للزواج فنعطيه نفقة زواجه؟ هل من عبد مكاتب يريد العتق فنعينه على ذلك؟... إلخ، حتى فاض المال والناس يعيشون برغد ويسر وأمورهم ميسورة، فقد انخفضت الجريمة، حتى على مستوى الأسر والمدن والطرقات وكان يمشي الراكب ولا يخشى إلا الله، بل إنه قرر -رضي الله عنه- أن يشبع الطيور في السماء والوحوش في البراري فقد كان بعهد الخليفة الذي ملء الأرض عدلًا، الذئب يقف بقرب الأغنام،
لا يتعدى عليهن ولا يصطاد شاردتهن، كيف لا والذئب أساسًا ليس فيه جوع ولا عوز مثله كمثل سائر الحيوانات والطيور الجارحة التي شبعت بسبب خير عمر بن العزيز، الذي توفي ولم يملك إلا كفنًا وكان له ثوبان فقط ودار، وعبد أعتقه عند مماته قائلًا له: ما حملك على هذا أي لماذا وضعت لي السم في الطعام؟ فقال: خمسين ألف دينار أوتيتها يا سيدي فقال له ويحك، اخرج واذهب إلى مكان لا يراك فيها أحد من أهلي، مات رضي الله عنه وكان آخر كلامه من الدنيا قول الله سبحانه وتعالى: "تلك الدار الآخرة نجعلها للذين لا يريدون علوا في الأرض ولا فسادًا والعاقبة للمتقين". رضي الله عنه وأرضاه فقد وضع نفسه رقم ستة أي سادس الخلفاء الراشدين، بعد الخلفاء الأربعة والحسن بن علي خامسهم وهو سادسهم؛ أي عمر بن عبد العزيز -رضي الله عنهم- وأرضاهم جميعًا.
اقرأ ايضا من هم العبادلة الأربعة من الصحابة وما أهم أعمالهم؟
يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.