يوجد من يكتبون بالعربية يجب أن تسمع لهم وتقتفي آثارهم، ولا يثنيك عن القراءة لهم أي شاغل، فهم أعلام يشار إليهم بالبنان، ويتخطى علمهم حدود وطنهم إلى آفاق الوطن العربي الكبير، بل إلى العالم أجمع لكل قارئ بالعربية محب لها، ومن هؤلاء العالم الكبير.
اقرأ أيضاً 16 مايو اليوم العالمي لكاتب السيرة الذاتية
السيرة الذاتية لعلي الوردي
علي الوردي عراقي الجنسية، صاحب الحكمة، وأستاذ علم الاجتماع الذي يشدو بمقولات يختلط فيها العلم بخبرة الحياة بشمولية المعرفة، فتنتج نورًا لمن ضل الطريق، ومن تلك المقولات قوله في كتابه مهزلة العقل البشري:
«ليس في هذه الدنيا شيء يمكن أن يتلذذ به الإنسان تلذذًا مستمرًا، فكل لذة مهما كانت عظيمة تتناقص تدريجيًا عند تعاطيها، وهذا ما يعرف في علم الاقتصاد الحديث بقانون المنفعة المتناقصة».
ومقولته تلك توافق مقولة: «إن لكل نعمة في هذه الدنيا كدر، ولا لذة دائمة، وكل شيء إذا ما تم ينقلب، ومن يألف النعمة واللذة لا بد له أن يفقدها».
قانون المنفعة المتناقصة
يطلق على هذا القانون أيضًا المنفعة الحدية، وهو ينص على أن زيادة الكمية من سلعة ما يؤدي إلى تناقص المنفعة تناقصًا عكسيًا مع زيادتها؛ أي كلما زاد عدد وحدات السلعة قلّت المنفعة منها؛ إذ لا توجد حاجة إلى تلك السلعة عند تزايد أعدادها ما يدفع الأفراد إلى الابتعاد عن شراء كميات كبيرة من تلك السلعة ما يقلل استهلاكها.
اقرأ أيضاً خسارة الوزن بين اللذة والزهد {1}
لا توجد لذة دون رغبة
وإذا كنا عرّفنا قانون المنفعة المتناقصة الذي ربط الوردي بينه وبين اللذة، فلا بد لنا من معرفة ارتباط اللذة التي ترافق شعور الرضا لدى الإنسان بالاستمتاع ارتباطًا وثيقًا، واللذة منها السلبية التي تبعد الإنسان عن الألم كالشفاء من مرض مثلًا، ومنها إيجابية كالوصول إلى السكينة والسلام الداخلي مع النفس.
هي عند فلاسفة اليونان مرادف للمتعة، وتكون دافعة لتصرفات البشر، ولا توجد لذة دون رغبة لإشباعها، وذلك نقيض ما يعتقد أصحاب بوذا برفض فكرة اللذة تمامًا واستبدالها بما يسمى الفرحة الروحية (النيرفانا)، ثم جاء فرويد بنظرية التحليل النفسي وقال: «إن اللذة والمتعة غريزة بشرية تولد مع الإنسان وتعيش معه»
ضرب مثلًا لذلك الطفل الذي يفعل ما يجلب له الشعور باللذة والسعادة بطريقة تلقيه ودون حسابات معقدة، والإنسان يتجنب اللذة على حسب رأي فرويد التي تجلب له الألم واضعًا في حسابه الطبيعة المحيطة به، ما قد يسبب له الكبت والمشكلات النفسية عند عدم تحقيق المنفعة أو اللذة.
اللذة من الناحية البيولوجية
دلت الدراسات الحديثة التي نشرت في منتصف تسعينيات القرن المنصرم على أن مراكز الاستمتاع في المخ تقع بالقرب من تحت المهاد وفي الجهاز النطاقي، والشعور باللذة عملية كيميائية معقدة تعتمد على الهرمونات اعتمادًا كبيرًا، وهي تظهر على الجسم في صورة استرخاء أو لمعان للعين أو ضحك... إلخ.
اقرأ أيضاً الاختلاف وكيف تتقبل اختلافات الآخرين دون الشعور بالنقص
لولا اختلاف الأذواق لبارت السلع
الشعور باللذة يختلف من إنسان لآخر، فما يعده شخص لذة ينظر إليه الآخر بعين الإهمال، وقد تكون لذة إنسان غير مكتملة فقد يمرض الإنسان ولا يستطيع أن يأكل رغم توافر ألذ أنواع الطعام، فتلك لذة غير مكتملة، وغيرها كثير التي تواجه الإنسان في ظروفه المختلفة.
وفي يقيني أن رضا الإنسان عن نفسه وعن حياته أعلى مراحل الشعور باللذة.
وهكذا نرى أن مقولة في سطور قليلة من الوردي أوجزت معان كثيرة، وربطت بين مفهومات شتى، فهؤلاء الكبار ومنهم الوردي بطبيعة الحال لهم محل تقدير وإجلال على مدى الأزمان.
يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.