مع أن علم التشفير بتعريفه الحالي يعد من العلوم الجديدة التي ترتبط بالحاسوب والرياضيات وتنشط في مجالات خصوصية المعلومات، فإن التشفير في حد ذاته يعد سلوكًا بشريًّا قديمًا لجأ إليه الناس منذ القرن الخامس قبل الميلاد وربما قبل ذلك، بأساليب بسيطة تطورت مع الزمن حتى وصلت إلى الخوارزميات المعقدة.
وفي هذا المقال نصحبك في جولة للتعرف على علم التشفير منذ بدايته إلى الآن، مع الإشارة إلى فوائده وعيوبه وأضراره المحتملة.
ما علم التشفير؟
يُعرف علم التشفير الحديث بأنه فرع من علوم الرياضيات والحاسب، نشأ نتيجة الاحتياج إلى الحفاظ على خصوصية وأمان المعلومات، إذ تتحول إلى مجموعة من الصيغ غير المفهومة التي نتعرف عليها بعد ذلك عن طريق تقنيات معدة مسبقًا لفك التشفير.
وهي الوسيلة التي نحافظ بها على البيانات والمعلومات الأصلية من المتطفلين واللصوص والأشخاص غير المصرح لهم بتداول هذه البيانات.
وقد اتسع علم التشفير في السنوات الأخيرة ليشمل كل شيء يمكن تداوله من صور وفيديوهات ونصوص وصوتيات حتى تشفير الاتصالات والبيانات المخزنة على الحواسيب والخوادم وكذلك البريد الإلكتروني، وهو ما يُستخدم بكثافة في الأعمال والمجالات التي تحتاج إلى السرية مثل البيانات والمعلومات العسكرية والحكومية.
إضافة إلى الأعمال التجارية ذات الحساسية الكبيرة، وكذلك البيانات الصحية والمصرفية، حتى إن بعض الأشخاص يستخدم برامج التشفير لحماية بياناته الخاصة للشعور بالأمان.
اقرأ أيضًا: ماذا تعني العملات المشفرة؟
تاريخ علم التشفير
تعد فكرة التشفير قديمة جدًّا، فكان الإنسان دائمًا ما يبحث عن وسائل للحفاظ على أسراره ومعلوماته مهما كانت بسيطة وإبعاد المتطفلين واللصوص بواسطة تطوير تقنياته ومهاراته، وهو ما أصبح مجالًا أو علمًا قائمًا بذاته مع الوقت.
فقد شهد هذا العلم تطورًا كبيرًا مع تطور العلوم المصاحبة مثل الكيمياء والرياضيات ثم ظهور علوم الحاسب وتقنيات الإنترنت، ثَمّ انتقلت الطرق البسيطة في تشفير الرسائل والمعلومات من الحبر السري وصناعة لغة مشفرة إلى الخوارزميات والبرامج المعقدة التي تتناسب مع العصر وكذلك مع أهمية وقيمة هذه البيانات والمعلومات.
اقرأ أيضًا: كيف تحمي نفسك من الإحتيال والهاكرز أثناء العمل من المنزل
ما خوارزميات التشفير؟
تعد الخوارزميات أصعب جزء في ما يخص علم التشفير، وهي ببساطة مجموعة من الإجراءات الرياضية التي تُتخذ بشكل متسلسل لتحويل المعلومات والبيانات التي نراها مفهومة ومقروءة إلى شكل غير مفهوم، ويحتاج من أجل قراءته إلى خوارزميات أخرى أشبه بالمفتاح وهو ما يجعلها تستعصي على المتطفلين واللصوص والأشخاص غير المصرح لهم بتداول هذه البيانات.
ومن ذلك يجب أن نفهم أن خوارزميات التشفير تختلف حسب قوتها ومستوى الأمان المتاح بها؛ لذا يمكن تقسيم الخوارزميات في علم التشفير إلى نوعين أساسيين هما:
1- التشفير المتماثل
وفي هذه الطريقة تُستخدم الخوارزميات والمفاتيح نفسها في عملية التشفير وعملية فك التشفير؛ لذا يجب الاحتفاظ بمفتاح التشفير وحفظه بطريقة سرية وآمنة، إذ يؤدي العثور على هذا المفتاح إلى الوصول إلى فك التشفير وبذلك الحصول على البيانات والمعلومات.
2- التشفير غير المتماثل
في هذا النمط من أنماط التشفير نستخدم نوعين من المفاتيح أحدهما لتشفير البيانات والآخر لفك التشفير، وهو ما يقدم درجة أعلى من الأمان وصعوبة كبيرة في التعامل مع المواد المشفرة دون المفتاح الخاص بفك الشفرة.
اقرأ أيضًا: ما هي لغات البرمجة واستخداماتها؟
فوائد واستخدامات علم التشفير
حماية قواعد البيانات
بالطبع يأتي الاستخدام الأهم والأول للتشفير في حماية قواعد البيانات ذات الحساسية الكبيرة والمعلومات السرية التي تسعى الحكومات والمؤسسات الكبرى لحمايتها.
تأمين الاتصالات
يستخدم علم التشفير أيضًا في تأمين الاتصالات بأنواعها المختلفة مثل الرسائل الإلكترونية والدردشة، بالإضافة إلى المعاملات المصرفية عبر الإنترنت وكذلك الاجتماعات واللقاءات ذات الأهمية والسرية.
الأمن العسكري
استفاد الأمن العسكري كثيرًا من علم التشفير، إذ أصبح مستخدمًا في تأمين سرية المعلومات والاتصالات العسكرية بين القوات والحكومة، وعلى هذا الحفاظ على سرية القرارات والأوامر والخطط والمعلومات التي قد ترجح كفة دولة أو جيش على حساب الآخر.
تأمين الأعمال التجارية
أصبحت الأعمال التجارية أيضًا تحتاج إلى التأمين والسرية التامة ولا سيما في ما يخص الاتصالات بين العملاء والشركات وكذلك البيانات التجارية ذات الحساسية الكبيرة، لذا فإن علم التشفير يُستخدم بكثافة في المعاملات التجارية.
تأمين الأجهزة الذكية
مع اتساع التعاملات على الأجهزة الذكية مثل الهواتف والأجهزة اللوحية والمحاولات المتعددة للاختراق والتهكير، أصبح تشفير البيانات والمعلومات أمرًا أساسيًّا يزداد الطلب عليه يومًا بعد يوم من قبل المستخدمين.
اقرأ أيضًا: أمن المعلومات والحماية السيبرانية.. المعنى والمكونات
عيوب التشفير
مع أن التشفير يحظى بأهمية كبيرة ويقدم خدمات هائلة في حماية البيانات وإتاحة الخصوصية، فإنه أيضًا يحتوي على بعض العيوب التي قد تسبب بعض المشكلات في أثناء عملية التشفير ومنها:
استهلاك موارد الأجهزة
كلما ارتفعت تقنية التشفير وزادت الخوارزميات تعقيدًا لإتاحة أفضل قدر من الأمان، أدى ذلك إلى استهلاك موارد الأجهزة والحواسيب ما يزيد كلفة الاستهلاك والإنترنت ويؤدي إلى بطء الاستخدام.
صعوبة الاسترداد
من عيوب التشفير أيضًا صعوبة أو استحالة استرداد البيانات والمعلومات المشفرة عند فقدان مفاتيح التشفير الخاصة، لذا قد تكون كلفة فقدان المعلومات أكبر من كلفة التعرض للاختراق والسرقة.
صعوبة الاستخدام
ليس كل الأشخاص مهيئين لاستخدام التشفير والتعامل مع الشهادات الرقمية والمفاتيح والخوادم، وهو ما يعد من عيوب التشفير، إذ يحتاج الأمر إلى كثير من المعرفة والدراية لإدارة عملية التشفير.
قابلية الاختراق
لأن التشفير يعتمد على تقنيات حديثة وخوارزميات تعتمد بدورها على علوم الرياضيات والحاسوب، فإنه توجد إمكانية لاختراق البيانات المشفرة من قبل الأشخاص الذين يستخدمون الخوارزميات نفسها، ويعتمدون على التقنيات الحديثة نفسها لعمل هجمات إلكترونية متقدمة.
وهو ما يوضح أن بعض التشفيرات قد تُخترق، وهو ما يحتاج معه الأمر إلى التطور والتجديد والتغيير المستمر.
اقرأ أيضًا: هل ستخطف البيتكوين رائدة العملات الرقمية الأنظار عن الدولار في المستقبل؟
وفي نهاية جولتنا في عالم التشفير نرجو أن نكون قد أوضحنا ما علم التشفير، وما الخوارزميات، وكيف نستخدم التشفير في حياتنا بالإضافة إلى عيوبه وأضراره المحتملة.
ويسعدنا أن تشاركنا رأيك في التعليقات واقتراحاتك عن مقالات أخرى ترغب في قراءتها على جوك.
يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.