10 علامات تكشف الغبي الحقيقي.. الغباء ليس الجهل

دائمًا حين نتهم ببعضنا بعضًا، تكون أول تهمة جاهزة وسهلة هي: أنت غبي! لكن عندما نتأمل قليلًا، نكتشف أن معايير الغباء فضفاضة جدًّا! فقد نتهم أحدهم بالغباء؛ لأنه لم يرَ الأمور كما نراها نحن، مع أننا في الحقيقة قد نراها واضحة جدًّا فقط لأن لدينا معلومة ما، أو خبرة سابقة، أو تجربة مشابهة جعلتنا نراها بهذا الوضوح، حينها لا يكون الآخر غبيًا، بل هو فقط يجهل جوانب المسألة.

اسأل نفسك: أليس من الظلم أن نحكم عليه بالغباء لمجرد أنه لم يمر بما مررنا به.

ما الغباء؟ ومن الغبي؟

حين سُئل أينشتاين: ما أكثر ما يحيّرك في البشر؟

أجاب: أنهم يفعلون الشيء ذاته مرارًا، ويتوقعون نتائج مختلفة!

إذن، الغباء من وجهة نظر أحد أذكى العقول البشرية هو أن تكرر الفعل نفسه، وتتوقع نتيجة مختلفة.

تعريف الغباء

علامات الغباء

لكن في رأيي الشخصي الغبي حقًا هو ذلك الإنسان الذي قرر إيقاف عقله عن العمل.

إذن: أن تخطئ في الحساب ليس غباء، وأن تخطئ عمومًا ليس غباء، لكن الغباء الحقيقي أن تُمنح عقلًا يميزك عن سائر المخلوقات، ثم تأمرك شريعتك باستخدامه، وتدفعك إلى التأمل والتفكر، فتختار بكل بساطة ألا تفعل شيئًا من هذا، أن تعيش حياتك صدًى لما يقوله الآخرون، تردد ما يُقال؛ لأن الجميع يقولونه، وتسير في طريق فقط لأن الناس تسير فيه، وتصدق الأقوال فقط؛ لأن أصحابها يبدون واثقين، هذا هو الغباء.

الغبي بتعريفي هو من قرر ألا يُفكر، وهذا الشخص له صفات، ويمكن تمييزه بسهولة.

صفات وعلامات الشخص الغبي

كيف تفرق بين الشخص الغبي والذكي؟ إليك 10 علامات تساعدك في ذلك

الغبي إنسان متعصب

 متشبث بأفكاره التي تبناها دون دليل أو منطق، حتى لو ادعى غير ذلك! ومن المهم أن نفرّق بين الإنسان المتعصب، والإنسان الثابت على مبادئه وقيمه، فقد يبدو الاثنان متشابهين في الظاهر، لكن الفارق شاسع؛ لأن الثبات على القيم نابع من وعي واختيار، بينما التعصب نابع من جمود ورفض لأي فكرة مغايرة، دعني أوضح لك الفكرة بمثال بسيط:

ما معنى أن تحب وطنك؟ أو أن تشجّع فريق كرة القدم الذي تنتمي إليه؟

في الغالب، أنت لم تختر وطنك بنفسك، ولم تختر فريقك عن وعي حقيقي، هي أشياء ورثناها أو تعلقنا بها عاطفيًا، فلماذا كل هذا الانجراف وراءها؟

الغبي إنسان متعصب

 الإنسان العاقل الذي يفكر سيدرك أن انتماءه إلى وطنه ليس ضرورة عقلية، بل هو مزيج من الشوق والذكريات وأثر البيئة في تكوين شخصيته لا أكثر، ليس بسبب حضارة، ولا بسبب تاريخ، ولا بسبب جغرافيا، هذه أمور يمكن أن تعتز بها، نعم، لكن لا تشكل انتماءك الكامل؛ لذا إذا قال لي أي إنسان من أي مكان في هذا العالم: بلدي هي أفضل بلد في الدنيا، سأجيبه فورًا: طبعًا، آمين! لن أظنه مجنونًا، ولن أجادله وأقول: بلدي أفضل من بلدك؛ لأن عاطفة الانتماء ليست بالضرورة منطقية.

الغبي لا يريد الفهم

العاقل يدرك تمامًا ما يفعله، حتى إن كان مخطئًا، فلديه منطق، قد يكون منطقًا صحيحًا، وقد لا يكون، لكن وجود المنطق بحد ذاته يجعلك تحترمه؛ لأنك حينها تستطيع أن تناقشه، وأن تراجع منطقه، وقد تقنعه، أما من لا يريد أن يفتح دماغه فهذه مصيبة!

هو شخص أغلق على نفسه في فكرة واحدة، وأصدر حكمًا قاطعًا، ورأى أن الدفاع عن رأيه هو الحق المطلق، ويشعر بالتهديد من أي رأي مخالف، لا يريد أن يرى الأمور من زاوية أخرى، هذا هو الغبي.

خذ مثلًا من سيرة النبي محمد صلى الله عليه وسلم، لو قرأها أحدهم بتأمل، سيُفاجأ بمعلومة غاية في الأهمية، فالنبي وهو أكثر الناس يقينًا بما يؤمن به، لم يرفض يومًا حضور أي مجلس حوار، لم يرفض عرض أفكاره، بل كان على استعداد لأن يُخضعها إلى اختبار العقل والمنطق، حتى مع قريش الذين لم يروا أفكاره إلا دينًا غريبًا من محمد، قريش كانت ترفض مبدأ النقاش من الأساس، في حين النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يشرح ويوضح ويناقش.

أما قريش فقد كانت تفاوضه لا على الفكرة، بل على المكاسب، فمرة يقترحون عليه الزواج، ومرة المال، ومرة السلطة، ومرة يتساءلون: لِم لم يُرسل الله ملكًا من السماء؟ لِم لم تُنزل علينا مائدة؟ هذا هو الغباء؛ لأن الغبي لا يسعى إلى الفهم، بل يسعى إلى الهروب من الفهم.

الغبي هو من استراح لما وصل إليه، ورفض أن يُفتح عقله أمام أي احتمال جديد، يقول لك: (لا تخلّي حد يلعبلي في دماغي!)، لكنه في الحقيقة يرفض الحوار ذاته، إذن من صفات الغبي أنه لا يفهم، ولا يريد أن يفهم. 

الغبي صاحب نظرة أحادية

الغبي لا يُميّز بين ما يظنه وما هو حقيقة، هو لا يعرف الفرق بين الحقيقة والرأي، ويعتقد أن ما يراه هو الواقع، وأن كل ما يخالفه كلام فارغ، أو (هري)، وهو لا يتوقف لحظة ليسأل نفسه: هل ما أراه هو الحقيقة أم أنها زاويتي أنا فقط؟ الغبي لا يعترف بزاوية نظر غير زاويته، ويظن أن الشمس لا تُشرق إلا من نافذته!

الغبي يتبع القطيع تبعية عمياء

الغبي يُحب أن ينتمي فقط ليهرب من مسؤولية التفكير، هو لا يريد أن يفكر، بل يريد أن يتبع، يتبع جماعة أو شيخًا أو إعلاميًا أو فريقًا أو فكرةً أي شيء يريحه من عناء استعمال عقله، فالغبي يطمئن للقطيع، ويختبئ فيه، ويصرخ بصوتهم:

(إحنا عندنا، إحنا بنقول، إحنا شايفين!)، لكن حين تسأله: وأنت؟ يتلجلج ويتعثر ويتراجع؛ لأن (الأنا) لديه ضائعة وسط الزحام.

الغبي يتبع القطيع

الغبي يقدّس المعلومة أكثر مما يفهمها.

يحب أن يحفظ، لا أن يعقل، يملأ رأسه بالكلمات وبالاقتباسات وبالمصطلحات، لكنه لا يفهم جوهر أي شيء منها، يحب أن يبدو ذكيًا، لا أن يكون ذكيًا فعلًا، ولذلك تراه يسرد لك أسماء الكتب التي لم يقرأها، ويقتبس لك من فلاسفة لم يفهمهم، ويستخدم كلمات ضخمة لا يعرف معناها!

الغبي لا يغيّر رأيه حتى لو ثبت خطؤه

لأن تغيير الرأي بالنسبة له هزيمة، هو لا يرى الاعتراف بالخطأ شجاعة، بل فضيحة، تقول له: (بس المعلومات اتغيّرت، والدراسات الجديدة أثبتت كذا...)، فيقول: (أنا كده، ومش هغيّر رأيي!).

الغبي لا يعترف بالخطأ

الغبي عنده الانتماء إلى الرأي أهم من الانتماء إلى الحقيقة، كأن رأيه طفل صغير يجب أن يدافع عنه، حتى لو كبر وصار لصًا!

الغبي لا يتعلم من تجاربه، بل يعيدها بوقاحة

يقع في الخطأ ذاته عشر مرات، وفي كل مرة يُقسم أن هذه المرة مختلفة، كأن التجربة لا تعلّمه، بل تزوّده بالعناد، هو يرى الفشل حظًا سيئًا، لا نتيجة لاختياراته، يقول: كل الناس تخطئ، لكن لا يُكمل الجملة: لكن الذكي يتعلم، والغبي يعيد!

الغبي يرى كل شيء إما أبيض أو أسود

لا يؤمن بالتدرج، لا يعرف المنطقة الرمادية، إما أن تكون محقًا 100% أو مخطئًا تمامًا، إما أن توافقه في كل شيء، أو أنك عدوه، هذا التفكير القطبيّ (أبيض/أسود) هو من أخطر صفات الغباء؛ لأنه يمنع صاحبه من رؤية الحياة كما هي: لوحة كبيرة من درجات الألوان، وليست رقعة شطرنج فيها خصمان لا ثالث لهما.

الغبي لا يعترف باللون الرمادي

الغبي يخلط بين الصمت وبين الفهم

يظن أن من لا يرد عليه عاجزًا، بينما الحقيقة أن بعض الناس لا يناقشون الغبي رحمةً به، وبأنفسهم، فالغبي لا يفهم متى يخجل، ولا متى يصمت، ولا متى يسأل، ولا متى يُنصت، هو يريد أن يتكلم فقط.

الغبي لا يشك في نفسه أبدًا: واثق حد الموت

عنده ثقة مفرطة وغريبة، لا تهتز، تسأله: هل أنت متأكد؟، فيقول بكل فخر: جدًّا! لكنك تعرف من مجرد نظرة أنه لا يعرف عما يتكلم، ولا حتى لماذا يتكلم.

في النهاية الفرق بين الغبي والذكي

أن الغباء ليس بالضرورة أن تكون ضعيف الحظ، ولا قليل العلم، بل أن تكون رافضًا للتعلم، مغرورًا بجهلك، وأن تظن أن العقل (ديكور) لا حاجة إلى استخدامه، ولذلك كما قال الإمام الشافعي: «ما جادلتُ عالِمًا إلا غلبته، وما جادلتُ جاهلًا إلا غلبني!»، فالغباء يا صديقي ليس في عدد المعلومات، بل في طريقة التعامل معها.

وفي نهاية الأمر الغبي لا يُولد، بل يقرر أن يكون كذلك.

من هو الغبي حقًا؟ هل الغباء مرادف للجهل؟

في كثير من الأحيان، نظن أن الغبي هو الجاهل، وأن الذكي هو المتعلم أو صاحب المنصب الرفيع، لكن الحقيقة أعقد من ذلك بكثير، فالغباء لا يعني بالضرورة الجهل، ثم إن الجهل لا يعني أن صاحبه يجب أن يوسم بالغباء، قد يكون الإنسان جاهلًا بشيء ما، لكنه قابل للتعلم، نهم للمعرفة، سريع الفهم إذا أُتيحت له الفرصة، وهذا لا يُعد غبيًا، بل إن من هؤلاء من لو تعلم، تجاوز في ذكائه من يُحسبون اليوم على قوائم الأذكياء.

وفي المقابل قد يحمل المرء أعلى الشهادات، ويعتلي أعلى المناصب، ويُحيط نفسه بهالة من السلطة والوجاهة، لكنه غبي، غبي لا لأنه لا يعرف، بل لأنه يرفض أن يعرف، فهو لا يتأمل، ولا يتعلم، ولا يراجع نفسه، ولا يسمع إلا صوته.

التاريخ يشهد: كيف أعرف الغبي؟

فقد يكون وزيرًا وغبيًا، رئيسًا وقائدًا وغبيًا، والتاريخ يشهد على ذلك.

كم من قائد في التاريخ امتلك من السلطة ما لم يمتلكه غيره، لكنه بغبائه جرّ شعبه إلى الهلاك؟

خذ مثلًا أدولف هتلر، الرجل الذي قاد ألمانيا بقبضة حديدية، وكان يتحدث بثقة الزعماء، ويرفع شعارات القوة والانتصار، لكن غباءه السياسي والعسكري في النهاية كان سببًا مباشرًا في دمار بلاده، ومقتل الملايين، وانتحاره في قبو مظلم هربًا من مصيره.

أدولف هتلر غبي سياسيًا

ويوجد كثيرون غيره في التاريخ القديم والمعاصر، من جلسوا على عروش الحكم، وتحكموا بمصائر الناس، لكنهم ما كانوا سوى نماذج صارخة للغباء المؤذي، غباء لا يتجلى في الضعف العقلي، بل في سوء التدبير، وغياب البصيرة، ورفض الاستماع، والإصرار على السير في طريقٍ يراه الجميع خاطئًا إلا هو.

الغباء لا يقاس بالشهادات والمناصب، الغباء الحقيقي أن تمتلك أدوات الفهم والتفكر، ثم تختار ألا تستخدمها.

والذكي الحقيقي؟ هو من يسأل، ويعيد النظر، ويتعلم، حتى من أخطائه.

الخاتمة: كيف لا تكون غبيًا؟ وصفة النجاة من الغباء في عالم مملوء بالغباء!

لكيلا تكون غبيًا لا تحتاج إلى أن تحفظ كتب الفلاسفة، ولا أن تردّد مقولات الحكماء كأنك آلة تسجيل، بل عليك أن تفعل شيئًا واحدًا فقط، أن تفكّر، فكّر قبل أن تتكلم، قبل أن ترد، قبل أن تتعصّب، قبل أن تحكم، قبل أن تمشي وراء القطيع، لكيلا تكون غبيًا افتح عقلك، لا فمك فقط، الغبي يتكلم كثيرًا، ويفكر قليلًا، كن العكس.

  • اسأل نفسك دائمًا: هل يمكن أن أكون مخطئًا؟ لأن أول خطوة نحو الذكاء هي أن تشكّ في يقينك.
  • تعلّم من كل تجربة، ليس لأن الحياة تكرر نفسها، بل لأنك أنت من تعيد الخطأ نفسه، تجرأ على تغيير رأيك، فالثابتون رغم كل المتغيرات، إما أغبياء أو تماثيل!
  • لا تقدّس المعلومة، افهمها؛ لأن الغبي لا يفرّق بين اقتباس عظيم وفهم عميق، افصل رأيك عن ذاتك، أنت لست رأيك، تغييرك له لا يعني أنك تغيرت، بل نضجت.
  • لا تكن مرآة لغيرك، اختر أفكارك كما تختار ملابسك: بما يليق بك، لا بما يفرضه القطيع، اخرج من الأبيض والأسود، تعلّم أن تعيش في المنطقة الرمادية، حيث تختبئ غالب الحقائق.

لا تتبع القطيع

  • احترم من يفكر بطريقة مختلفة، ليس لأنه دائمًا على حق، بل لأنك لست كذلك أيضًا! ولست وحدك من تملك الحقيقة، وفي كثير من الأحيان لا تملكها أصلًا، لا تخلط بين الصمت والعجز، الذكي يعرف متى يتكلم، ومتى يصمت؛ لأن لا جدوى من الكلام.

وفي النهاية.. إن كنت لا تملك شهادة، أو منصبًا، أو مظهرًا أنيقًا فلا تقلق، فالغباء لا يسكن الجيوب، بل العقول، وإن كنت ترى نفسك بسيطًا، متواضع الإمكانيات، لكنك تبحث وتتعلم وتراجع نفسك، فأنت ذكي، وربما أذكى من ألف عبقري بلا عقل ناقد. كن مرنًا، وكن متسائلًا، وكن واعيًا.

احذر أن تخلط بين الثقة والغباء، وبين الثبات والعناد، وبين الصمت والحكمة في هذا العالم الذي يصفّق للضجيج، ويكافئ التبعية، ويخاف من التفكير، قرر أن تكون مختلفًا، قرر أن تعمل عقلك، قرر إلا تكون غبيًا.

المصادر

  • عبد الفتاح أحمد أبو معال، سيكولوجية التفكير الإنساني، دار الفكر العربي، القاهرة، 2005.
  • محمد عثمان نجاتي، الذكاء والقدرات العقلية في ضوء القرآن والسنة وعلم النفس، مكتبة وهبة، القاهرة، 2001.
  • عماد زكريا، "الغباء في المجتمع: قراءة سوسيولوجية"، مجلة العلوم الاجتماعية، العدد 17، جامعة القاهرة، 2012.
  • Jean-François Marmion (Editor)، The Psychology of Stupidity, Penguin Books, 2020.
  • Carlo M. Cipolla, The Basic Laws of Human Stupidity, Il Mulino, 1976.
  • David Dunning & Justin Kruger, "Unskilled and Unaware of It: How Difficulties in Recognizing One's Own Incompetence Lead to Inflated Self-Assessments", Journal of Personality and Social Psychology, Vol. 77, No. 6, 1999.
  • Robert Sternberg, Why Smart People Can Be So Stupid, Yale University Press, 2002.
  • Keith E. Stanovich, What Intelligence Tests Miss: The Psychology of Rational Thought, Yale University Press, 2009.
  • Nassim Nicholas Taleb, The Black Swan: The Impact of the Highly Improbable, Random House, 2007. 
  • Daniel Kahneman, Thinking, Fast and Slow, Farrar, Straus and Giroux, 2011.

ملاحظة: المقالات والمشاركات والتعليقات المنشورة بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل الرأي الرسمي لجوَّك بل تمثل وجهة نظر كاتبها ونحن لا نتحمل أي مسؤولية أو ضرر بسبب هذا المحتوى.

ما رأيك بما قرأت؟
إذا أعجبك المقال اضغط زر متابعة الكاتب وشارك المقال مع أصدقائك على مواقع التواصل الاجتماعي حتى يتسنى للكاتب نشر المزيد من المقالات الجديدة والمفيدة والإيجابية..

تعليقات

يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.

مقالات ذات صلة